حصل الفريق أول عبد الفتاح السيسي علي التفويض الذي اراده من الشعب المصري من خلال الموجة الثالثة للثورة بعد موجتي25 يناير و30 يونيو الآن المصريون يطالبون بتفعيل هذا التفويض, ويدعمون جيشهم وقواتهم الأمنية في القضاء علي هذا الكابوس الذي يعيشونه يوميا منذ الاطاحة بنظام مبارك ليتفرغوا لبناء دولتهم الجديدة. كل يوم يمر دون العمل علي تنفيذ مطالب الشعب في تحقيق هذه الدولة يجر مصر الدولة والشعب والتاريخ الي الوراء عبر دهاليز وسراديب النظام الظلامي الذي يريد البعض اخضاع الدولة المصرية له من خلال عملية ديمقراطية المرة الواحدة التي تحدثت عنها مرات عدة في مقالات سابقة. نعرف جميعا أنه مع انتهاء أيام ثورة يناير2011 انفجرت ماسورة الأحزاب الدينية, وتبخرت نداءات الثورة حول الدولة الديمقراطية المدنية أمام هذا الطوفان الذي قادته جماعة الاخوان المسلمين والي جوارهم التيار السلفي والحركات الجهادية بل والتكفيرية أيضا. ومع وصول الدكتور محمد مرسي الي منصب الرئاسة اكتملت صورة النظام الديني الجديد الذي استولي علي الثورة بأبعاده الثلاثية رئاسة وحكومة وبرلمان.. وكان واضحا للعيان أن مخالب هذا النظام في طريقها للانغراز في أعماق الدولة العميقة حتي يستحيل خلعه فيما هو قادم من السنوات والأجيال, ولتذهب ثورة25 يناير ونداءاتها بالدولة المدنية الي الجحيم.! ومع تدني المستوي في أداء أركان هذا النظام الديني, ومع القلق الجارف من المستقبل المظلم الذي ينتظر الدولة المصرية في ظل هذا الحكم الجاهل بمعطيات وأصول الحكم وغير المعترف بجذور الدولة المصرية الضاربة في أعماق التاريخ, تمكنت قوي ثورة يناير الحقيقية من التيارات المدنية الديمقراطية من لملمة شتاتها وجذبت معها عناصر شتي ممن لم يشاركوا في ثورة يناير ممن يعرفون ب حزب الكنبة وفجروا ثورة30 يونيو2013 التي مثلت أكبر وأوسع حركة شعبية في الشوارع والميادين منذ أن عرف التاريخ الانساني التظاهرات الاحتجاجية والثورية. وأخيرا وجد الشعب المصري من يحنو عليه ومن يشعر بآلامه وأحزانه ومخاوفه عندما انحاز اليه الجيش الوطني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي والفريق صبحي صدقي وكل قادة وضباط وأفراد القوات المسلحة, وكل ممثلي مؤسسات الدولة الشعبية والرسمية.. وانتقلت السلطة الي الرئيس المؤقت عدلي منصور.. وقد أبديت تخوفي في مقال سابق من الفوضي التي يمكن أن تعم البلاد, وقلت إن الدولة في فترة ما بعد محمد مرسي لابد أن تحكم بقوة فولاذية حتي لا تتسع رقعة الانقسام المجتمعي, واليوم أقول إن هذا الانتقال السلس للسلطة الي قيادة مدنية رئاسة وحكومة مؤقتة لا يعني استمرار هذه الرخاوة التي سادت خلال الثلاثين شهرا الماضية حيث مازال القانون المدني والجنائي قادرا علي التعامل بقوة وحسم مع أي خروج عن الشرعية التي اختارها الشعب الذي هو فوق أي ادعاء بشرعية الصناديق التي جاءت بأسوأ سلطة شهدتها مصر في عصرها الحديث. دعونا نتخلص من مخاوف سوء تقدير الأمور من جهة القوي العالمية, وهي القوي التي بدأت بالفعل في الاعتراف بأن ماحدث في30 يونيو كان ثورة شعبية بامتياز, وأنه لولا مساندة الجيش لهذه الثورة كان يمكن أن يسفر الرفض الشعبي الشامل لنظام الاخوان الي حرب أهلية. دعونا نفخر بثورتنا الثانية التي أنقذت مصر ودولا عربية شقيقة من الوقوع في قبضة التنظيم الدولي للاخوان المسلمين الذي كان مستعدا للتعاون مع الشيطان الأكبر والأصغر للسيطرة علي مقدرات العالمين العربي والاسلامي تحت زعم احياء الخلافة الاسلامية.. دعونا نفخر بأن الشعب المصري الذي تم رصده وتعداده يومي30 يونيو و26 يوليو كل علي حدة بأكثر من30 مليونا بخلاف الكتل البشرية الهائلة التي كانت تخرج من الميادين لتحل محلها مجموعات أخري وبما يعني أنه قد شارك في هذين اليومين ما لا يقل عن80 مليون مواطن ومنهم الكثيرون ممن ينتمون الي تيارات الاسلام السياسي المعتدل في جميع المحافظات.. فبأي آلاء ربكما تكذبان. دعونا ننبه الي خطورة استمرار هؤلاء الممسوحة أدمغتهم المحشورين في تقاطع رابعة العدوية هذه الصوفية الرائعة التي لو كانت موجودة في زمن الاخوان والمتأسلمين معهم لكانوا قد اتهموها بالكفر والزندقة.. هؤلاء المغلوبون علي أمرهم لن يعودوا الي جادة الحق والصواب إلا عندما يتم القبض القانوني في أسرع وقت ممكن علي كل القيادات الاخوانية وتنكشف علي الملأ وأمام العالم كل الجرائم التي ارتكبوها في حق هذا الوطن, بل وفي حق الاسلام ذاته, وايضا بعد أن يتم تطهير سيناء من كل البؤر الارهابية.. في هذه اللحظة سوف تعود أدمغة معتصمي رابعة العدوية الي رؤوسهم. لمزيد من مقالات محمد السعدنى