تباين التصريحات والتعليقات الصادرة عن الاحداث الجارية في مصر تكشف عما يسود الاوساط السياسية والبرلمانية في روسيا من تردد تجاه تقدير هذه الاحداث. فبينما حذر الرئيس الروسي من احتمالات سقوط مصر في شرك الحرب الاهلية, سقط اعضاء مجلس الدوما في شرك اتصالات عصام الحداد التي استهدفت استمالتهم لمواقف الاخوان واعتبارهم ما جري انقلابا عسكريا, وهو ما نجح سفير مصر في موسكو في تفنيده ودحضه من خلال اتصالاته المستمرة مع الخارجية الروسية. وكان سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية اتصل ب صديقه القديم نبيل فهمي للتهنئة وتاكيد تاييد موسكو لطموحات الشعب المصري. هذا التباين في التقديرات والتصريحات تجاه حقيقة ما يجري في مصر يقول عمليا بسقوط البعض ومنهم إلكسي بوشكوف رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الدوما في شرك اتصالات مشبوهة من جانب عصام الحداد مساعد الرئيس المعزول للشئون الخارجية الذي يقف وراء الكثير من تصريحات نواب البرلمان الروسي. وكان بوشكوف سارع في اكثر من مناسبة منذ اندلاع احداث30 يونيو الي اعلان موقفه من هذه الاحداث التي وصفها ب الفوضوية ما ينم عن عدم اطلاع وسوء دراية بحقيقة ما يجري في مصر, والذي اعتبره بوشكوف ان لا علاقة له بالديمقراطية. بل ومضي في غيه الي ما هو ابعد من ذلك حيث قال: انه لا يمكن ان تكون هناك ديمقراطية في الوقت الذي تئول فيه السلطة الي العسكريين بعد الاطاحة برئيس لم يمض علي انتخابه اكثر من عام, وهو ما يعيد الي الاذهان الثورة البرتقالية, حيث يتم الوصول الي السلطة عبر اضطرابات شعبية وتمويل من الخارج وهي تفسيرات جاهزة كثيرا ما نعتت بها القيادة السياسية تحركات معارضيها داخل روسيا وفي الفضاء السوفيتي السابق, ما قد يخفي بين طياته المخاوف من احتمالات وقوع الشارع الروسي تحت تاثير المشاهد المبهرة للشارع المصري وما يشهده من احداث ومظاهرات حاشدة. وكان عدد من البرلمانيين الروس سقط في شرك اعتبار ان ما يجري في مصر انقلاب عسكري علي الرئيس الشرعي الذي وصفوه بانه مثير للجدل, وهو موقف يتباين عن الموقف الرسمي للدولة الذي تعكسه وزارة الخارجية الروسية واعرب عنه سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية الذي أكد في أكثر من مرة ثبات موقف بلاده تجاه تاييد تطلعات الشعب المصري نحو حياة افضل في ظل الحرية والتحديث الديمقراطي, معربا عن يقينه من ان التناقضات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع المصري ستحل دون عنف بعيدا عن اي استخدام للقوة من جانب كل الأطراف في إطار حوار وطني شامل يراعي مصالح مختلف المجموعات الاجتماعية والطوائف الدينية في مصر.ولعل ذلك تحديدا هو ما يدفع موسكو الرسمية الي التريث في حسم موقفها من الاحداث الجارية مكتفية باعلان ان الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي يتوقف الي حد بعيد علي تطورات الاوضاع في مصر حسب تصريحات لافروف. وكان وزير الخارجية الروسية قد أكد اهتمام موسكو بالحفاظ علي الامن والاستقرار في مصر وفي المنطقة باكملها وان المصريين يجب ان يقرروا مصيرهم بانفسهم علي اساس الحوار الداخلي الشامل. اما عن علاقات بلاده وتعاونها مع مصر فقال انها لا تتوقف علي وجود هذه الحكومة او تلك معربا عن امله في ان تعتمد السلطات المصرية الجديدة علي مصالح مصر الوطنية فيما يتعلق بمشروعات التعاون طويل الامد مع روسيا, فيما اكد نائبه ميخائيل بوجدانوف خلال لقائه مع محمود الديب سفير مصر في موسكو استعداد روسيا لتقديم ما تحتاجه مصر من مساعدات. وكان ميخائيل مارجيلوف رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس الاتحاد المجلس الاعلي للبرلمان اعلن ان ما جري في مصر من احداث سوف يؤثر علي الوضع السياسي في بلدان الجوار. واضاف قوله: ان الاحداث في مصر ليست نهاية الربيع العربي مؤكدا ان هذه الاحداث تشير الي ان السلطة الدينية ليست نتيجة حتمية ابدية للثورات في العالم العربي. علي ان خبراء الشئون السياسية في موسكو يتناولون هذه القضية من منظور مغاير يقف علي طرفي نقيض من توجهات مجلس الدوما. ونقلت صحيفة ازفيستيا عن ايجور كوروتشينكو رئيس تحرير مجلة الدفاع الوطني ما قاله حول دور الجيش المصري في الاحداث الاخيرة نافيا كل ما يقال حول ان ما جري في مصر هو انقلاب عسكري. وقال كوروتشينكو ان الجيش هو المؤسسة الوحيدة القادرة علي ضبط الامور ودفعها نحو الاستقرارمؤكدا عدم صحة وصف الاحداث بانها ثورة برتقالية. وقال ان الجيش لم يستول علي السلطة, فيما عزا تدخل القوات المسلحة الي محاولة الدفاع عن مصالح الشعب والحيلولة دون اندلاع حرب اهلية حتي وان جاء ذلك علي خلاف ارادة الاخوان المسلمين ورغبة ناخبيهم. وكان فلاديمير بيلياكوف كبير الاخصائيين في معهد الاستشراق والمراسل السابق لصحيفة البرافدا في القاهرة لسنوات طويلة اشار في حديثه الي قناة روسيا-24 الاخبارية الروسية الرسمية الي ان ما جري في مصر تعبير عن خيبة امل الشارع المصري في حكم الاخوان المسلمين وعدم رغبته في الانصياع الي محاولات اخونة الدولة تحت اشراف الولاياتالمتحدةالأمريكية في اطار مخططاتها للدفاع عن مصالحها في المنطقة.