مع رؤية هلال رمضان تنصب الخيام وتفرد بكافة الأشكال والألوان المبهجة والفرحة باستقباله, وعن تلك الأجواء نتحدث في محاولة للهروب أو الإنغماس في الأحداث التي أسقطت ظلالها علينا الأيام الماضية. إلا أننا نحتاج للاندماج والارتواء من نبع عاداتنا وتراثنا ذي الملامح المصرية الممثل في الأحياء الشعبية التي كانت تنبض بفنونها وعناصرها المتفردة خلال أشهر العام الواحد, لتجد حولك العديد من مراسم الحياة مثل الأفراح أو حتي سرادقات العزاء وكذلك الموالد والأحتفالات, إلي أن أمست كبري المحال والمقاهي تستعين بالخيامية لتضفي شكلا جماليا تمثل جزء من تراثنا القديم فتلك الفنون نشأت علي أرض مصر منذ العصر الفرعوني حيث يدلل علي ذلك طرق أقامتهم للمهرجانات وأيضا ملابسهم مثلما يتضح في رداء الملك توت عنخ أمون المعروض بالمتحف المصري, ومع توالي العصور مرت علي تلك الصناعة حضارات متنوعة حتي لاقت رواجا وأزدهارا شاملا مع بدايات الفتوحات الإسلامية خاصة في عهد الحكم المملوكي لتتنوع الطرز والزخارف, فذاع صيت فنون الخيامية وتتحولت مصر لأهم مركز تصديري للشرق الأوسط والعالم, حتي اشتهر إرسالها لكسوة الكعبة المشرفة مع كل عام في موكب عرف بالمحمل من أجود خامات القطن وخيوط الذهب والفضة الخالصين والمحاطة بآيات القرآن الكريم البارزة وبالعديد من التقنيات بأستخدام قماش التيل المصري السميك لتبدأ خطوات التنفيذ بوضع تصميم ثم قصه وإضافتة بالخياطة والزخارف والعناصر المختلفة علي مساحة الخيامية التي غالبا ما تتسع لمئات الأمتار, فتحتاج لصناع وفنيين مهرة تشربوا أسرار مهنتهم العتيقة التي تحتاج للتحلي بالصبر والأتقان لكي يصلوا لنتيجة نهائية تتناسب وتاريخ هذا الفن بمصر أما أشهر الخيام التي ذكرت بالتاريخ: خيمة قطر الندي وهي أبنة خماروية بالعصر الطولوني, وخيمة السلطان قنصوة الغوري والتي كانت أشبه بقصر متحرك يحتوي علي كل وسائل الراحة والرفاهية ليتجه العديد من الآمراء والسلاطين وعلية القوم حينها في أقتناء أفخم الخيام وأكبرها, وكانت صناعة الخيامية تتم علي أيدي عائلات تتوارث تلك المهنة ومنهم حتي الآن عائلة الليثي, فتوح, هاشم, الخيام, وكانت لنسائهن دور بإنتاج الخيامية بمنازلهن في ما يسمي بالتربيعة نسبة لطريقة جلوسهن, أما اليوم فمعاناة الخياميين ترتكز في الصمود أمام تصنيع خيم مطبوعة الرسوم وبطرق آلية حديثة مما يؤثر علي الأبداعات اليدوية والتراثية لتلك المهنة التي أنحصرت في مقرها منذ أيام العهد الفاطمي دون تبدل حيث يقع أمام باب زويلة وبأمتداد حي الأزهر في أول أسواق القاهرة المسقوفة ويسمي شارع الخيامية في سوق مازال يضم أكثرمن ستون محلا متجاورا لعرض أجمل فنون وحرف الماضي والحاضر.