تناول المقال السابق أبرز السمات التي تجمع بين الدوريات والصفحات المتخصصة. ويتناول هذا المقال السمات الخاصة، التي تميز كل تخصص صحفي عن الآخر، وأبرز الضوابط والمعايير التي يجب التزامها عند الكتابة للصحافة المتخصصة بأنماطها وأشكالها المختلفة، وكيف يمكن أن يكتب المرء لتلك الصحافة، في وقت يعول فيه كثيرون عليها في إحداث نهضة حقيقية للصحافة المصرية والعربية، وصُنع مستقبل جديد لمصر، والأمة العربية. الجريمة والرياضة بالنسبة لصحافة الجريمة نجد أنها في حاجة للالتزام بموضوعية العرض، وعدم تبني وجهة نظر واحدة، وكذلك تجنب التأثير على سير التحقيقات والمحاكمات، مع تدقيق المعلومات من المصادر المختلفة (الجناة-المجني عليهم-المحامون-الشهود-رجال الشرطة-النيابة-القضاة..إلخ)، وعدم الميل لطرف على حساب الآخر، مع تقديم جميع جوانب الجريمة (أحداث-أماكن- أشخاص-ضحايا-خسائر-بيئة إنسانية-وصف مشاعر-اعترافات-إنكار-تحريات - شبهات.. إلخ). وعند عرض وقائع الجريمة يجب على المحرر أن يلتزم بالدقة والحيدة، وأن يقدم الحقيقة وحدها، فلا يضيف لوقائعها أحداثًا لم تقع، أو يحذف منها ما يغير معناها، أو وُجهتها. وعليه أيضًا يجب عليه تجنب الوقوع في فخ التضخيم، أو التهوين، أو تلوين الواقعة بما يخدم شخصًا أو جهة. أما الصحافة الرياضية، فتستلزم التغطية الجيدة لها ذكر أهم معلومة في البداية، ثم تقديم وصف دقيق للأحداث، وتحليل عميق، ونقل أمين، لخط سيرها، مع التقويم السليم لأداء أطرافها جميعًا (لاعبون-حكام-مسئولون-جمهور-إلخ)، مع مراعاة طبيعة كل رياضة، سواء فردية، أو جماعية. وعند تغطية المنافسات الرياضية ينبغي تجنب استخدام عناوين أو معالجات تظهر انحياز الصحيفة لفريق بعينه، حتى لو كان يلعب ضد فريق بلد آخر، فنقل الحقائق المجردة هو المقياس والمحك، وليس: العاطفة والشحن، أو الشيطنة والتجميل، تبعًا للهوى والغرض، كما نرى كثيرًا. الفن والمرأة أما الصحافة الفنية فأسوأ ما تُبتلى به "المجاملات" في تقويم الأعمال الفنية، والانتقاء المُغرض والموجه للنجوم (والأبطال)، مع أنه يجب المزج في الاهتمام بين النجوم والرموز المبدعة، من جهة، والفنون والأعمال الإبداعية، من جهة أخرى، دون انحياز، أو تشخيص. وعلى مستوى الصحافة النسائية يُفضل أن تكثر من عرض الصور، وأن تدخل في الموضوع مباشرة، دون مقدمات مملة، أو طويلة، وأن تراعي تقدم صحافة خدمات أيضًا؛ فتركز على شئون الأسرة والمرأة والزواج وتربية الأطفال والمنزل والطعام والصحة والأناقة والديكور والأثاث.. إلخ، مما يستلزم بساطة العرض، وشمول التغطية. صحافة الشئون الخارجية وفيما يتعلق بصحافة الشئون الخارجية، يجب أن تُعنى بتغطية ما وراء الأخبار من ملابسات، وكذلك إجراء المقابلات الحية مع أبطال الأحداث، مع التحلي بموضوعية التناول، وألا يكون المحرر أسير مواقف مُسبقة أو صور جامدة عن شعوب أو أشخاص أو أزمات، مما يؤدي به إلى تشويه الوقائع، وتجاهل عرض الجوانب المهمة، أو تقديم أنصاف حقائق، أو تبني زاوية واحدة للرؤية، أو الوقوع في براثن عدم التوازن، وغياب الإنصاف. والأخطر هنا استخدام مفاهيم أو مصطلحات غير محايدة، أو تتعارض مع المصلحة الوطنية، أو تغير من الوقائع الفعلية، الأمر الذي يفقد الصحيفة مصداقيتها، ويؤثر سلبًا على سمعتها. الاقتصاد والبيئة وعلى صعيد الصحافة الاقتصادية يجب أن تقدم معلومات غير متحيزة، وأن تكون غير جافة في طرائق عرض الأرقام، مع تطعيم العمل الصحفي بقصص إنسانية، ومراعاة توازن الطرح، ونقل آراء المؤيدين والمعارضين معًا، مع الانطلاق من اهتمامات الجمهور، باعتبارها المعيار والموجه. وعلى مستوى الصحافة العلمية والبيئية لابد من الترجمة الأمينة لكل مصطلح جديد، ومراعاة التخصصات الدقيقة، ونقل الآراء من مصادرها الحقيقية، والكشف عن الحقائق الجديدة بأسلوب جزل، وليس أشبه بعرض مادة أرشيفية، كما نرى في كثير من المعالجات بالوقت الحاضر. صحافة الاتجاه الديني وأخيراً، يجب على الصحافة ذات الاتجاه الديني الابتعاد عن أساليب الصحافة الصفراء في الإثارة، وعناوينها الساخنة الزاعقة، في عرض موادها وقضاياها، لأن ذلك يكون -في الغالب- على حساب الدقة والموضوعية، ويوجه ضربة قاصمة للمعايير المهنية، ويتناقض مع الرسالة القيمية والأخلاقية التي تحملها تلك الصحافة، ويتعارض مع مبادئها، وتوجهاتها، ومقاصدها، بل مع مُسماها، حتى لو قيل إن الغاية من وراء غاية نبيلة كزيادة التوزيع، أو جذب الجمهور.. ذلك أن الغاية النبيلة لا تُدرك بالوسائل الخسيسة.. وشتان الفارق بن الدين، والدناءة. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالرحمن سعد