جاءت المناورة الايرانية( الولاية90) في الخليج العربي و بالقرب من مضيق هرمز لتفتح الكثير من الجدل مرة أخري بينها و بين الولاياتالمتحدةالامريكية مع تهديده المستمر بأغلاق هذا الممر الملاحي المهم. بين الحين والآخر, ومع الضغوط الدولية ضد إيران بسبب ملفها النووي, أو أي تلميح بتوجيه ضربة عسكرية لإثنائها عن عمليات تخصيب اليورانيوم, تتزايد التهديدات الإيرانية, بإغلاق مضيف هرمز أمام الملاحة العالمية, حيث يعد من أهم الممرات الملاحية علي مستوي العالم, ويؤثر بشكل كبير علي الأمن الاقتصادي لمعظم دول العالم, بالإضافة الي دول الخليج العربي.واذا نظرنا الي مضيق هرمز, سنجد أنه ممر مائي يربط بين الخليج العربي من جهة, وخليج عمان وبحر العرب, والمحيط الهندي من جهة أخري, وبما أن مياه الخليج العربي تعد بحرا شبه مغلق, إذ إن المنفذ الوحيد له هو مضيق هرمز, فإن دول الخليج العربي تعتبر أكثر ارتباطا بالمضيق, ويضاف الي ذلك أن مياه المضيق غير صالحة للملاحة, وإنما تم تخصيص ممرين ذهابا وعودة فقط, في أكثر أجزائه صلاحية للملاحة, من حيث الخصائص التي وضعتها المنظمة الدولية للملاحة البحرية, والأهم في هذا الشأن أن مخرج الخليج يحاذي الساحل الإيراني, في حين أن مدخله يحاذي الساحل العماني.ومن ثم فإن ممر المضيق المخصص للخروج هو الأهم مقارنة بنظيره المخصص للدخول, ومع استمرار حدة التهديد بإغلاق المضيق, فإن إيران ستكون في الوضع الأقدر علي قطع الطريق أمام صادرات دول الخليج العربي, وأهمها البترولية, والتي هي شريان الحياة بالنسبة لها, وبما أن المياه الإقليمية لكل دولة هي(12) ميلا بحريا, فإن مياه المضيق تخضع جميعها للسيادة الإقليمية للدولتين, ويعني ذلك أن نظام الملاحة به يعتمد فكرة( المرور البريء), بحيث لا يمس أمن واستقرار الدولتين.إذن فإيران اذا نفذت بالفعل تهديدها بإغلاق المضيق, فسيكون متاحا لها عندئذ الادعاء بأن السفن المارة تسهم في الحملة العسكرية التي ستشن عليها, حتي لو كانت سفنا تجارية, وسيكون بمقدورها في هذه الحالة القيام بأي عمل يكفل لها حماية نظامها واستقرارها, مستغلة بند( حق الزيارة والتفتيش), الذي يسمح لها بإيقاف أي سفينة للاشتباه في حمولتها وتفتيشها والسماح لها بالعبور أو عدم العبور.واذا نظرنا الي الأهمية الاقتصادية لمضيق هرمز, فسنجد أنه وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية, فإن إمدادات النفط عبر المضيق تشكل نحو(40%) من إجمالي المعروض النفطي المتداول عالميا, أي نحو(15,4) مليون برميل يوميا من الخام, فضلا عن مليوني برميل إضافية من المشتقات النفطية وهو ما يعني أن نحو90% من صادرات نفط دول الخليج تمر عبر المضيق.ونظرا لارتباط اقتصاديات دول المنطقة بالنفط, فإن أي احتمال لإغلاق المضيق سوف يؤثر بالسلب علي88% من الصادرات النفطية السعودية, و98% من الصادرات النفطية العراقية, و99% من الإماراتية, و100% لكل من قطر والكويت, والأخطر من ذلك هو ارتباط الدول الكبري بالصادرات النفطية التي تمر بالمضيق, والتي ستكون علي استعداد للتدخل بأي شكل من الأشكال إذا ما تعرض أمنها الاقتصادي, ومن ثم الأمن القومي للتصدير المباشر في حالة إغلاق المضيق, حيث إن الولاياتالمتحدة تحصل علي14% من هذا النفط, واليابان تحصل علي35% وكوريا الجنوبية14% أما الهند فتحصل علي12% والصين علي8%. بالإضافة إلي ذلك فإن كل المنشآت الحيوية الخليجية, وبخاصة الاقتصادية والاستراتيجية منها تقع علي ساحل الخليج العربي بشكل أو بآخر, لتؤكد مدي الخطر الذي يمكن أن يلحق بها, إذا ما توترت الأوضاع بمياه الخليج, وإذا أخذنا مثلا المملكة العربية السعودية فسنجد أنه بالرغم من امتلاكها ساحلا طويلا علي البحر الأحمر, إلا أن الأهمية الاقتصادية في الموانيء التي تطل علي الخليج العربي, حيث إن معظم حقول النفط العامة بالنسبة لها تطل علي الخليج العربي, وتعد أهم المواني التي تطل علي الخليج هي الدمام والجبيل, وكذا المواني الإماراتية المهمة تطل علي الخليج وهي دبي وأبوظبي والشارقة ورأس الخيمة.وإذا كانت أهمية المضيق الاقتصادية لا تقف علي الدول المطلة علي الخليج العربي فحسب, فإنها تتعدي ذلك لتشمل دول أوروبا واليابان والولاياتالمتحدة وروسيا, وذلك بحكم العلاقات وميزان التبادل التجاري بينها وبين دول المنطقة والذي يخدم التقدم الاقتصادي لدول الخليج.إذن فدول مجلس التعاون الخليجي تعلم جيدا أن إيران تستطيع أن تؤثر بشكل سلبي علي اقتصادياتها وتقدمها لذا فهي تسعي جاهدة لدرء أي عمليات عسكرية قد توجه ضد إيران, وقد أعلنت من قبل موقفها صراحة إضافة لذلك فإن العلاقات الخليجية الإيرانية في أحسن حالاتها, إلا أن أي تصرف غير مسئول من قبل إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية ضد إيران ففي تلك اللحظة سيكون رد الفعل الإيراني هو إغلاق المضيق وهو ما هدد به من قبل كبار القادة العسكريين الإيرانيين.