مديرية الطب البيطري بشمال سيناء تشارك في سوق اليوم الواحد لتوفير السلع بأسعار مخفضة    سعر الدولار أمام الجنيه المصري مساء اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    دراسة: الأمريكيون يحولون مدخراتهم إلى أدوات مالية ذات عائد    حماس: اعتقال مدير المستشفيات الميدانية بغزة أثناء عمله إمعان في الاستهداف الإجرامي    بابا الفاتيكان يبحث هاتفيًا مع الرئيس الفلسطينى الوضع فى غزة    بيراميدز يصل إلى ملعب مباراته الودية أمام باندرما سبور التركي    حسن شحاتة يخضع لجراحة عاجلة بعد أزمة صحية مفاجئة    الداخلية تكشف ملابسات مشاجرة عنيفة بالخرطوش في شبرا الخيمة    مشادة زوجية تنتهي بجريمة قتل.. ضبط المتهم بخنق زوجته في شبين القناطر بالقليوبية    من المنصورة إلى الخشبة.. أحمد عبد الجليل يروي رحلته في ندوة تكريمه من القومي للمسرح    أبو.. من مهرجان الجونة إلى "توبة" في فرح شعبى    عماد أبو غازي يتحدث عن السياسات الثقافية في مصر بمعرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    ولادة نادرة لطفل شمعي بمستشفى سنورس.. والصحة: إنجاز طبي يعكس كفاءة أطقم الفيوم    صحة الدقهلية توضح حقيقة حالة الطفل المصاب إثر سقوط من علو    وزير الصحة يتابع تجهيز المخزن الاستراتيجي لفرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية    منتخب مصر للسلة يواجه إيران في بطولة بيروت الدولية الودية    محافظ المنوفية يتفقد شركة صيانة الآليات بميت خلف لمتابعة منظومة العمل.. صور    وزير التعليم العالي: "كن مستعدا" مبادرة متكاملة لتأهيل مليون شاب لسوق العمل    لقطات حديثة لسد النهضة تكشف ما تخفيه إثيوبيا، البحيرة ممتلئة والأعمال مستمرة لتغطية التسرب    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا لرئيس الوزراء    الأمم المتحدة: يجب وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    دارين حداد: "المداح نجح بالتعب مش بالكرامات"    برلماني: مصر قطعت الطريق على "حسم" الإخوانية.. والأجهزة الأمنية تسطر نجاحًا جديدًا    لتعويض رحيل محمد إسماعيل ل الزمالك.. زد يطلب التعاقد مع مدافع المحلة    طريقة عمل الشيش طاووق بتتبيلة لا تقاوم    حدث في بنجلاديش .. سقوط 16 قتيلا جراء تحطم طائرة عسكرية سقطت بحرم مدرسة وكلية مايلستون    حزب الجبهة الوطنية يعقد مؤتمرًا حاشدًا بكفر شكر لدعم مرشحه لانتخابات الشيوخ    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على نقل خبراتها المتراكمة في مكافحة الإرهاب لدعم القدرات النيجيرية    27 شهيدا جراء غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    من هو عدي الدباغ المرشح لخلافة وسام أبو علي في الأهلي؟    الزراعة تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها للمواطنين بأسعار مخفضة فى الجيزة    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 39 متهما ب«خلية العملة»    حسن الصغير رئيسًا لأكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والدعاة    وزير العمل: التأمين الطبي لعمال «الدليفري» من ضمن أشكال السلامة المهنية    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    زعيم المعارضة الإسرائيلية: نهاجم في الشرق الأوسط حيثما نشاء دون سياسة واضحة    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    ناقد رياضي يكشف تطورات صفقة وسام أبو علي بعد الأزمة الأخيرة    أحمد غنيم: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    "يريد أكثر من مبابي".. سبب تعقد مفاوضات تجديد فينيسيوس وخطوة ريال مدريد القادمة    الشناوي يتحدث عن صعوبة المنافسة على الدوري.. وتأثير السوشيال ميديا    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إختلاق اليأس‏..‏ وصناعة الإحباط
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 12 - 2011

تقول مؤشرات الاقتصاد المصري الفعلية بعيدا عن التهويلات الشيطانية المصطنعه الممنهجه هل تؤكد أن هناك أزمة اقتصادية ومالية كارثية دفعت بمجمل الأوضاع إلي قاع القاع. أم أنها تؤكد أن هناك بالفعل من يقود سفينة الوطن إلي بحر الظلمات عمدا ومع سبق الاصرار والترصد وأن عديدا من المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية المزعجة والمستفزة تمت بفعل فاعل يملك سلطة القرار ويملك النفوذ والسلطان لتنفيذ مخطط شرير ممنهج للترويع الاقتصادي للمواطنين بنفس القدر الذي يمتلك به القوة القاهرة لفرض الترويع الأمني عليهم وكل ذلك بهدف شديد الوضوح يرتبط بالرغبة في تعليق مسئولية الاخفاق العام علي رقبة الثورة المصرية وضمان الاغتيال المعنوي لطموحاتها المشروعة بتحويل الثورة إلي علامة مسجلة الفشل تسببت في انهيار الدولة المصرية وتعريض أمن وسلامة مواطنيها لأكبر الأخطار مما يمنح البراءة المطلقة بالمخططات التسبب العمدي المباشر في دفع أوضاعها الاقتصادية إلي حافة الهاوية والانهيار والافلاس, وبالتالي يصبح الأمل الوحيد للنجاة والانقاذ مرهونا بهجر الثورة والاعلان العام عن العداء لقوي الثورة والقطيعة الكاملة مع ما تطرحه وترغب في تحقيقه. وتؤكد كل المشاهد أن المخطط الشيطاني الكبير يركز بعنف علي تجفيف منابع الثورة المتدفقة بعزلها عن القطاعات العريضة من الشعب المصري تحت ظلال سموم الترويع والتخويف باستخدام أردأ وأسوأ الأسلحة الفاسدة.
ولكن وعلي الرغم من اليقين بالمؤامرة الشيطانية ضد الثورة إلا أن لحظة النقاش والحوار حول المؤشرات الفعلية للاقتصاد المصري قد حانت لاكتشاف الغث والسمين في الفوضي الضارية بتصريحات كبار المسئولين وتحليلات من يقال إنهم من الخبراء والمختصين وأهل العلم والذكر بهدف انقاذ عقل ووجدان الأمة من الاضطراب المروع الذي تتصاعد حلقاته يوما بعد يوم خاصة بعد ما بللت دموع الدكتور كمال الجنزوري رئيس حكومة الانقاذ الوطني وجهه حزنا علي أوضاع المواطنين وصرخاتهم التي لا تجد حلا ومع تصريحاته المؤكدة أن الأوضاع الاقتصادية والمالية أسوأ مما كان يتصور وكأنه جاء بعد أن مات المريض وأصبح من المستحيل التفكير في انقاذه وعلاجه, ويستلزم ذلك تحديد اجابات قطعية علي تساؤلات محورية تثيرها مؤشرات الاقتصاد المصري الصادرة بالفعل عن الجهات الرسمية وأن ترتكز الاجابة علي تحليلات شديدة الدقة تملك بوصلة التفرقة بين تراكمات المشكلات علي امتداد سنوات ماضية بغير مواجهة وبدون حلول وبين المشكلات الطارئة والمستجدة التي صنعتها ظروف الثورة ومناخها وما ارتبط بها من عدم يقين سياسي واقتصادي واجتماعي وتأثيراته علي قرارات أصحاب رأس المال في الداخل والخارج وصولا إلي محاولة الامساك بتلابيب الافتعال والاصطناع في المشكلات بما يؤدي إلي سخونتها بالعمد ومع سبق الاصرار والترصد حتي تتجه كل أصابع الاتهام للثورة بما يمكن قوي النظام البائد الفاسد الفاعلة والمؤثرة من تعليق رقبة الثورة علي مشنقة المسئولية عن ضياع مصر وتهديد أمنها وسلامتها وتخريب اقتصادها وماليتها.
سيناريو تبرير الاقتراض الخارجي الضخم ومصيدة المشروطيات
ويتطلب ذلك أن يتم استدعاء شامل للمؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية الرئيسية لفحصها وتدقيقها للتعرف بداءة وابتداء علي اجابة للسؤال المحوري المرتبط بتحديد هل حدث الانهيار الاقتصادي بالفعل كما ترصد الكثير من التصريحات الرسمية والتحليلات الخبيرة بتكثيف شديد علي امتداد الفترة الماضية الأخيرة تصريحا وتلميحا أو علي الأقل كما يقول البعض علي استحياء من باب تغيير لون الخطاب الاعلامي بأن مصر تخطو بالفعل خطواتها الأخيرة الواثقة علي طريق الانهيار الصاعق المدوي وحتي تتضح النوايا المريضة لحملة افلاس الدولة المصرية باعتبارها الحملة القومية البارزة في الزمن الراهن فإن الافلاس قد أصبح تجنبه مؤقتا مرهونا بالاقتراض المفرط من الخارج وعندما فتح مزاد الاقتراض العلني فإن أقل المزايدين توقع حاجة ضرورية لاقتراض ما بين01 و21 مليار دولار أما الأكثر جراءة وفصاحة فقد اقترح ما بين51 و02 مليار دولار باعتبارها المقدمات الضرورية لفتح الكلام واقامة نصبة مكلمة انقاذ مصر من الافلاس والانهيار وتجنيبها الجوع والضياع, وكأن الثورة هي نذير الشؤم بالسبعة العجاف القادمة بكل ظلامها وضلالها, وكأن أعوام التحاريق والجفاف وشح الفيضان وماء النيل قد طرقت الأبواب ولا يملك معها المصريون الأخيار أكل القطط والكلاب الضالة والانتهاء بأكل الجثث البشرية وتحويلهم لأكلة لحوم البشر.
ولا يقتصر الترويع علي حدود تصريحات وتحليلات مرسلة تتعامل مع الأوضاع الاقتصادية للدول والشعوب باعتبارها لونا من ضرب الودع وباعتبارها لونا من ألوان معرفة الحظوط يمكن أن يفلح معه فتح الكوتشينة لتحديد المقدر والمكتوب, واستخدام فنون ألعاب الحواة والأفاقين لتحديد مسار الحاضر والمستقبل, ولكنه يصل باستخدام نفس المنطق المعوج للحديث بجراءة وجسارة عن أزمة سيولة طاحنة تهدد الأعمال والمعاملات وتهدد الخزانة العامة للدولة بتبخر ما فيها وما تملكه وتمنع أن يتدفق إليها ويدخل فيها المزيد من الأموال والايرادات, وأن النتيجة الطبيعية لكل ذلك الاعلان عن عجز الحكومة عن الانفاق وعجزها عن سداد المرتبات والأجور والمعاشات وهو ما يؤدي في الخلاصة النهائية إلي توقف دوران عجلة النشاط والحياة ويحقق بالفعل علي أرض الواقع الافلاس والانهيار مع عدم توافر السيولة لمواجهة مقتضيات الانفاق العام والخاص, وهو الأمر الذي يمكن أن يتسبب في حال حدوثه الانهيار المفاجيء لقيمة العملة الوطنية والارتفاع الجنوني لأسعار صرف العملات الأجنبية خاصة في دولة تحتاج لتوفير07% من احتياجات الغذاء الضرورية لاستيرادها من الخارج وهو ما يعني بمصطلحات علم الاقتصاد الانفلات الجنوني لمعدلات التضخم وفقدان العملة لقدرتها كقوة إبراء مالية في المعاملات وهو ما حدث بالفعل في تاريخ العالم الحديث القريب, حيث وصل معدل التضخم في الأرجنتين عام الأزمة الاقتصادية الخانقة والافلاس منذ نحو عشر سنوات إلي عشرة آلاف في المائة, ومنذ عامين حقق معدل التضخم رقما قياسيا في دولة زيمبابوي الافريقية الشقيقة حيث تجاوز المائة ألف في المائة ودخل موسوعة جينز العالمية للأرقام القياسية بغير منافس وبدون شريك.
ويفرض ذلك أن يسأل المصريون بعضهم البعض في الميادين العامة والطرقات عن امكانية وجود رجل رشيد عاقل ومعه كوكبة من أهل الرشاد والعقل قادرين علي توجيه دفة سفينة الوطن إلي شاطيء النجاة والابتعاد بها عن بحر الظلمات وأهواله المهلكة, وفي ظل أن الاجابة تستعصي علي الحل, مع عدم توافر الوقت الكافي لانتظار اجابات شافية من أهل الحل والعقد بحكم الاجازة الإجبارية التي أجبروا عليها منذ قيام ثورة يوليو المجيدة عام2591 فإن محاولة إنارة شمعة وسط هذا الظلام الفكري المدلهم تصبح بمثابة فرض عين مهما كانت صعوبات ومخاطر الحركة وسط الظلام الدامس في حقول الألغام المتفجرة التي لا تعرف الرحمة, ولا تعترف إلا بالبطش والقهر تحقيقا لمآربها وأهدافها مهما كانت خسيسة ومتدنية, وحتي يتم تحديد طبيعة البوصلة الصحيحة لابد من استعادة مجموعة من المؤشرات المهمة الايجابية في مواجهة المؤشرات المهمة السلبية التي يتأكد من استعادتها أن المؤشرات السلبية قد تمت بفعل فاعل, والخطورة الجسيمة أن الفاعل القاتل مازال حرا طليقا يعيث في أرض مصر المحروسة فسادا وتخريبا وتدميرا, ويتجلي ذلك بكل الثقة من استعراض المؤشرات الايجابية التالية:
تزايد الناتج المحلي وايرادات الموازنة برغم المشكلات الحادة
1 أن الانهيار الاقتصادي بالمفهوم العلمي الدقيق يعني بالاساس تراجع صافي الناتج المحلي الاجمالي, بمعني أن معدلات نمو الاقتصاد تصبح معدلات سلبية تشير إلي نقص الناتج المحلي الإجمالي, وهو ما يشير في النهاية إلي تعطل, وتوقف عجلة الإنتاج, وعدم دورانها في كل القطاعات أو علي الأقل في قطاعات رئيسية حيوية, ولكن المؤشرات التي أعلنتها أخيرا السفيرة فايزة أبوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي تؤكد أن الناتج المحلي الاجمالي مازال ينمو بمعدلات إيجابية حتي لو كانت متواضعة, وأن معدل النمو خلال الاشهر الثلاثة الأولي من السنة المالية الحالية1102 2102 يعني أشهر( يوليو/ سبتمبر) بلغ بالفعل5.0% بالاسعار الثابتة لسنوات سابقة, ويؤدي ذلك في ظل الارتفاعات السعرية المتلاحقة أن الأسعار الجارية أي أسعار السوق تعني معدلا للنمو يزيد عن ذلك بوضوح ووفقا لنفس تصريحات الوزيرة, فإن معدل النمو بلغ في السنة المالية الاخيرة(0102 1102) ومنها نحو ستة أشهر من عمر الثورة( يناير/ يونيو) قد كان نموا إيجابيا بمعدل6.1%.
2 في مسألة السيولة ومسألة عجز الموازنة العامة والاحاديث المفرطة في التشاؤم عن توجهات المستقبل, تشاءمت السفيرة الوزيرة التي وصفها الثوار بأنها المرأة الحديدية التي يستحيل الاستغناء عنها في أي تشكيل وزاري قبل وبعد الثورة وتوقعت بحرقه أن يرتفع العجز الاجمالي للموازنة العامة للدولة من431 مليار جنيه إلي نحو002 مليار جنيه, ودخل محافظ البنك المركزي علي الخط في اجتماع مع رئيس الوزراء لحكومة الانقاذ الوطني ليتحدث عن توقعات للعجز تتراوح قيمتها بين851 و281 مليار جنيه, واللافت للانتباه أن أي مبتدئي في علوم الاقتصاد والمالية العامة عندما يقارن هذه التوقعات السلبية بما هو منشور علي الموقع الالكتروني لوزارة المالية, وما نشرته أجهزة الإعلام حول النتائج الفعلية للموازنة العامة للدولة في أشهرها الثلاثة الأولي( يوليو/سبتمبر) الماضية كإيرادات ونفقات سيكتشف أن النتائج الفعلية تقول عكس ما يقوله السادة الأفاضل تماما, حيث تؤكد أن هناك تحسنا كبيرا في الإيرادات العامة للدولة تصل نسبته إلي5.22%, وهو ما يعني تحسنا بالضرورة في سيولة الخزانة العامة والميزانية, حيث ارتفعت قيمة الإيرادات العامة المحصلة إلي1.46 مليار جنيه مقابل3.25 مليار جنيه في الفترة المماثلة من السنة المالية السابقة يعني( يوليو/ سبتمبر)0102 وهي فترة سابقة علي الثورة, وكانت تتسم بالاستقرار والهدوء والسكينة, كما يقول الفلول والأكثر أهمية أنها تقدم ردا مباشرا علي محافظ البنك المركزي التي كانت توقعاته برفع قيمة العجز ومعدلاته ترتكز علي أنخفاض ضريبة الدخل المحققة من كبار عملاء البنوك, حيث أكدت مؤشرات وزارة المالية خلاف ما قاله تماما, وتضمنت الإيرادات العامة زيادة في ضريبة الدخل المحصلة معدلها7.11% ويكشف ذلك أن هناك حديثا عن أوضاع الاقتصاد والمال يرددها( أهل الكهف) الذين يرفضون بشدة وإصرار أن يتعاملوا مع مؤشرات الواقع, ويعزز مفهوم تحسن السيولة ان الانفاق العام لم يرتفع بمعدلات عالية للغاية تتسبب في ارتفاع العجز الاجمالي للموازنة الصانع للازمة حيث انخفض الي3% من الناتج المحلي الاجمالي مقابل2.3% في الفترة المماثلة من الموازنة السابقة.
ارتفاع الناتج الصناعي والزراعي وازمة فعلية للسياحة
3 وعلي الرغم من كل أحاديث أهل الكهف عن تراجع النمو, وعن تراجع الانتاج الصناعي, وقضية المصانع المتعثرة والمتوقفة تماما عن العمل فإن الدكتور محمود عيسي وزير الصناعة يتحدث عن زيادة الناتج الصناعي الإجمالي حتي شهر ديسمبر الحالي بمعدل51%, ويتحدث عن المصانع المتعثرة باعتبارها قضية ترتبط بالاساس إلي عهد سابق علي الثورة, خاصة في قطاعات الغزل والنسيج, كما يشير في تصريحاته إلي أن المشروعات المتوقفة لديها مشكلات في التمويل المصرفي اساسا تؤدي لعدم توافر الأموال اللازمة لتدبير المادة الخام ومصروفات التشغيل, ويؤكد ذلك أن التقرير الصادر عن البنك المركزي والموجود علي موقعه الالكتروني عن مؤشرات السنة المالية1102/0102 ونصفها فترة ثورة قد تضمن ما يؤكد زيادة الصادرات السلعية إلي72 مليار دولار بمعدل زيادة1.31% وهي نسبة زيادة كبيرة, وأن هناك تحسنا في معدل تغطية قيمة الصادرات للواردات التي لم تنخفض, كما يشاع ويتردد. حيث بلغت قيمتها حتي03 يونيو الماضي8.05 مليار دولار بنسبة زيادة6.3% بالمقارنة بالسنة المالية السابقة في ظل حكم التشكيل العصابي الإجرامي ومافيا الجريمة المنظمة وحتي المؤشرات السلبية عن تراجع إيرادات السياحة المروع والمفجع فإن تقرير البنك المركزي الذي يرصد التدفقات الفعلية من الإيرادات والموارد لقطاع السياحة يؤكد ما هو غريب ومذهل حيث حققت السياحة ايرادات بلغت قيمتها10.6 مليار دولار في السنة المالية الأخيرة2011/2010 مقابل11.6 مليار دولار في السنة المالية السابقة2010/2009 وبانخفاض نسبته لا تتجاوز8.6% وهو ما بين أن الفاقد والضائع من الايرادات السياحية حتي30 يونيو1102 لا يتعدي المليار دولار.
4 ولو أضيف للمؤشرات الايجابية لقطاع الصناعة المستمرة حتي الآن كما يؤكد الوزير فان المؤشرات الايجابية لقطاع الزراعة والتحسن الملحوظ بالنسبة للمحصول الشتوي خاصة القمح وكذلك التحسن الملحوظ للمحصول الصيفي خاصة الأرز والذرة بالرغم من الضغوط الحادة التي يعانيها الفلاح والارتفاع المريب لأسعار الأسمدة وعدم توافرها والغياب شبه الكامل لدور وزارة الزراعة في المساندة والدعم لأتضح للمحللين أن قطاعات الإنتاج السلعي الرئيسية كانت خارج دائرة الأزمة بالرغم من الانفلات الامني المروع وان قطاعات الانتاج الخدمي مثل السياحة والاتصالات والبنوك والبورصة وغيرها كانت محور التضرر الرئيسي مع الأخذ في الاعتبار أن خبراء الاقتصاد في العالم يحذرون دائما من الافراط في الاعتماد علي قطاع السياحة كما يحذرون في ظل الازمات العالمية من الاقتصاد الورقي ومفاسده وتقلباته الفجائية بحكم أنها قطاعات شديدة الحساسية للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية بجميع صورها واشكالها, وقد تعرض قطاع السياحة مع حادث الأقصر لهزة عنيفة كما تعرض لهزات عنيفة أخري مع حادث السفينة أكيلي لورو وأحداث شرم الشيخ وغيرها, ويسأل عن المسئولية عن مشكلات السياحة الفراغ الأمني بالدرجة الأولي والأساس وليس الثورة والثوار.
5 من يستمع لمعضلات النقد الأجنبي وأحاديث احتياطياته الرسمية التي تتهاوي وتتلاشي لابد أن يفهم أن ايرادات مصر من النقد الأجنبي قد تصلبت شرايينها وتوقفت عن ضخ المزيد من الأموال الجديدة والمتجددة ولكن مجرد نظرة سريعة للتدفقات المحققة من النقد الأجنبي لابد أن يغير الصورة السوداء القاتمة ويضيف جديدا إلي الحوار والنقاش للتساؤل حول استخدامات هذه الكمية الضخمة من النقد الأجنبي المستجدة وما لحق وما تم بالنسبة لاحتياطيات النقد الأجنبي القائمة بالفعل لدي البنك المركزي والبنوك, حيث تشير تقارير البنك المركزي عن مؤشرات السنة المالية الأخيرة2011/2010 إلي أن ايرادات قناة السويس حققت حصيلة قدرها5.1 مليار دولار بزيادة11.9% عن السنة المالية السابقة ومازالت المعدلات المرتفعة قائمة وفقا لتصريحات الفريق فاضل حتي الوقت الراهن كما حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج12.4 مليار دولار بزيادة قدرها2.9 مليار دولار بالمقارنة بالعام السابق البالغ قيمتها خلاله9.5 مليار دولار, فقط ويعني ذلك أن تدفقات النقد الأجنبي الجديد من مصدرين فقط هما قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج بلغت حتي30 يونيو الماضي17.5 مليار دولار بخلاف27 مليار دولار قيمة الصادرات وهو ما يعني في المحصلة النهائية أن ايرادات النقد الأجنبي من مصادر ثلاثة فقط تصل إلي44.5 مليار دولار ولو أضيف إلي ذلك ايرادات السياحة فإن القيمة الاجمالية ترتفع إلي55.1 مليار دولار وهو ما يعني تغطية كامل تكلفة الواردات السنوية مع فائض بالنقد الأجنبي قيمته نحو5 مليارات دولار.
جميع هذه المؤشرات وما تحمله من ايجابيات وغيرها من المؤشرات وما تحمله من سلبيات يحتم تدقيقا من الدكتور كمال الجنزوري رئيس حكومة الانقاذ الوطني شخصيا للتحقق من معاني ومدلولات المؤشرات السلبية والأوضاع التي وصفها بأنها أكثر خطورة مما كان يتوقع حتي يدرك شخصيا ويشرح للرأي العام حقيقة المشاكل والأزمات ويحدد المسئولين عنها ويفسر التقصير في مواجهتها واصلاحها وعدم اتخاذ القرارات اللازمة لايقاف نزيف الخسائر وتصويب الأوضاع الخاطئة التي تنتمي إلي فلول الأصولية الرأسمالية المتحكمة في مقادير الأمور ورغبات ومشيئة الرأسمالية المتوحشة النافذة والمتحكمة في مصير الاقتصاد والدولة والمواطن وما تحتمه من تطهير عاجل واسع النطاق حتي يكون هناك أمل للاصلاح والانقاذ.
لايكفي أن يبكي الدكتور الجنزوري متأثرا من الواقع الأليم لحياة المواطن بل يتحتم عليه حتي تستعيد الدولة رصيد الثقة والاحترام أن يخرج علي المواطنين ليزرع الثقة والتفاءل كما فعل ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية بكل مآسيها وفظائعها ليعدهم بالعرق والدم والدموع ليس بكاءا علي الاطلال ولكن لاستعادة كيان الامبراطورية البريطانية العظمي التي لا تغيب عنها الشمس وتحقيق النصر في مختلف الميادين, وهو ما يعني أن الثقة في الحاضر والمستقبل مسئولية كبري تقع علي عاتق كبار المسئولين بحكم الأهمية القصوي للتوقعات الايجابية في صناعة المستقبل الأفضل والاحسن وبحكم الضرر العظيم للتوقعات السلبية الخالية من خطة طريق للانقاذ والخروج من عنق الزجاجة علي مجمل الأوضاع ودفعها لمزيد من التراجع والخيبة والفشل؟!.
المزيد من مقالات أسامة غيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.