تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    اسعار الاسمنت اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025 فى المنيا    سوريا توجه رسالة لإسرائيل وتخاطب المجتمع الدولي بعد الهجوم على بيت جن    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية بإندونيسيا إلى 84 شخصًا    الدفاع المدني السوري: عمليات الإنقاذ في بيت جن مستمرة رغم صعوبة الوصول    أبرز 4 حركات إسرائيلية مسئولة عن جرائم الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة    الشناوي: مباراة باور ديناموز لن تكون سهلة ولا بديل عن الفوز    الأرصاد الجوية تكشف توقعات الطقس للأيام المقبلة: خريف مائل للبرودة وانخفاض درجات الحرارة    محافظة الجيزة تعلن غلق كلى ل شارع الهرم لمدة 3 أشهر لهذا السبب    الصحة: فحص نحو 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    «السبكي» يلتقي وزير صحة جنوب أفريقيا لبحث تعزيز السياحة العلاجية والاستثمار الصحي    انقطاع الكهرباء 5 ساعات غدًا السبت في 3 محافظات    أسعار البيض اليوم الجمعة 28 نوفمبر    تطور جديد بشأن تشكيل عصابي متهم ب غسل 50 مليون جنيه    إعدام 800 كجم أغذية فاسدة وتحرير 661 محضرًا فى أسيوط    لحظة استلام جثامين 4 من ضحايا حادث السعودية تمهيدًا لدفنهم بالفيوم    «شاشة» الإيطالي يناقش تحكم الهواتف المحمولة في المشاعر الإنسانية    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأردني تطورات الأوضاع في غزة    وزير البترول يعلن حزمة حوافز جديدة لجذب الاستثمار في قطاع التعدين    الصحة: فحص 15 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    سعر الدينار الكويتي اليوم الجمعة 28 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    مستشفى بنها التخصصي للأطفال ينقذ حالتين نادرتين لعيوب خلقية    السيطرة على حريق شقة سكنية بساقلته في سوهاج    مصرع فتاة وإصابة أخرى صدمتهما سيارة ميكروباص بالبدرشين    "من الفرح إلى الفاجعة".. شاب يُنهي حياة زوجته بسلاح أبيض قبل الزفاف في سوهاج    بيراميدز يخوض مرانه الأساسي استعدادًا لمواجهة باور ديناموز    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    أبو ريدة: اللجنة الفنية تتمتع باستقلال كامل في اختيار القائمة الدولية للحكام    جنوب الوادي.. "جامعة الأهلية" تشارك بالمؤتمر الرابع لإدارة الصيدلة بقنا    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    وزير البترول: حزمة حوافز جديدة لجذب الاستثمار في قطاع التعدين    بوتين: سنوقف الحرب ضد أوكرانيا فى هذه الحالة    الذهب يرتفع صباح اليوم الجمعة وهذا العيار يسجل 6365 جنيهًا    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 28- 11- 2025 والقنوات الناقلة    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق هونج كونج إلى 94 شخصا    بيونج يانج: تدريبات سول وواشنطن العسكرية تستهدف ردع كوريا الشمالية    أول صورة من «على كلاي» تجمع درة والعوضي    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    رسائل حاسمة من الرئيس السيسي تناولت أولويات الدولة في المرحلة المقبلة    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    ستاد المحور: عبد الحفيظ يبلغ ديانج بموعد اجتماع التجديد بعد مباراة الجيش الملكي    بيان عاجل من عائلة الفنان فضل شاكر للرد على تدهور حالته الصحية في السجن    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسلمون حائرون بين الرؤية بالعين وحسابات الفلك
هلال رمضان.. موسم الخلافات الفقهية
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 07 - 2013

كلما اقترب شهر رمضان بدأ الحديث عن توحيد الأهلة في العالم الإسلامي, وتعقد المؤتمرات وتصدر عنها التوصيات, لتنبثق منها اللجان.. إلي رمضان التالي, ثم نعاود الكرة بعد الكرة, حتي صار هذا الأمر محل تندر من قبل الغرب, ومحل إحباط من توحيد الأهلة من قبل الجاليات الإسلامية في العالم الغربي.
ولايزالون مختلفين
ويبدو أن الأمة الإسلامية التي تعبد إلها واحدا, وتتبع نبيا واحدا, وتؤمن بكتاب واحد, وصلاتهم واحدة, وصيامهم واحد, وحجهم واحد, وعقيدتهم التوحيد آثرت الفرقة والانقسام علي التوحيد والاعتصام.
وقضية توحيد الأهلة ذات ثلاث شعب من الناحية الفقهية, فعلماء الفقه يختلفون فيما بينهم علي الحساب الفلكي, ففريق منهم يأخذ بالحساب الفلكي دون رؤية شرعية, وفريق ثان يأخذ بالحساب الفلكي مع الرؤية الشرعية, ولكن الحساب الفلكي ليس بديلا عن الرؤية, وفريق ثالث يعتمد الرؤية الشرعية فحسب دون الحساب الفلكي.
وليت الأمر يتوقف علي اختلاف العلماء فيما بينهم, فقد تدخلت السياسة في أمر الأهلة, حتي غدت الفرقة شقاقا, وأمسي التوحد نزاعا..
وقد ارتأت مصر ممثلة في دار الإفتاء المصرية إنشاء قمر صناعي إسلامي يوحد الأهلة لكل أقطار العالم الإسلامي, وظلت تتنادي بهذا الأمر منذ سنوات, ومازال الخلاف الفقهي الذي نشب حول الحساب الفلكي يعتور القمر الصناعي الإسلامي.. ولايزالون مختلفين..
وحول اختلافات الفقهاء في ثبوت رؤية الهلال يؤكد د.حامد أبوطالب عميد كلية الشريعة سابقا, وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن موضوع اختلاف الفقهاء في رؤية الأهلة موضوع قديم جدا, فقد بدأ الخلاف فيه في عهد الخليفة عمر بن الخطاب في الحادثة المشهورة التي اختلف في رؤية الهلال فيها في بلاد الشام عنه في بلاد الحجاز, وحكم سيدنا عمر بأن لكل بلد رؤيته, واستمرت هذه المشكلة تتكرر كل عام حتي يومنا هذا, وتتمثل المشكلة في عدم الأخذ بأسباب العلم, ذلك أنه أصبح من الممكن الآن تحديد رؤية الهلال علي وجه القطع واليقين بالأجهزة العلمية الحديثة وبالحساب الفلكي الدقيق, ومن ثم إذا اتفق العلماء علي الرؤية بواسطة هذه الأجهزة العلمية فلن تكون هناك مشكلة, غير أن بعض الدول صاحبة الكلمة المؤثرة في موضوع رؤية الأهلة يصر علماؤها علي الرؤية البصرية, وعند الاختلاف مع الحساب الفلكي يقدمون الرؤية البصرية المجردة علي الحساب الفلكي, بينما في دول أخري يأخذون بالرؤية عن طريق المراصد والأجهزة الحديثة, وعند الاختلاف مع الحساب الفلكي يقدم الحساب لأنه أضبط, لكن العلماء ينظرون إلي المسألة نظرة الإسلام إليها, حيث إن الأمر أمر تعبدي لا يتطلب من الإنسان إلا الاجتهاد, وما يؤدي إليه اجتهاده عليه أن يعمل به, فإذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر واحد, وفي ذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:الصوم يوم يصوم الناس, والفطر يوم يفطرون, بمعني أن الأمر سهل وبسيط, ولا نشدد علي أنفسنا وعلي الناس ونحملهم ما لا يطيقون, فمادام الناس يصومون في يوم معين فهو أول رمضان, ومادام الناس أفطروا في وقت معين فهو يوم الفطر أيضا, ولاداعي للخلاف والتشدد والتباغض والتقاطع في أمر يسره رسول الله صلي الله عليه وسلم.
بين الدين والسياسة
وأما اختلاف الدول في تحديد الأهلة فيحدث أحيانا لأسباب سياسية, وهو من الأمور التي تفسد الدين, وهو إقحام السياسة في الدين, أو إقحام الدين في السياسة, بمعني أن حاكما ما يستغل أمرا من أمور الدين للضغط علي دولة أخري, أو لإثارة أمور معينة لا يقصد بها وجه الله أبدا, وإنما يقصد بها الكيد سياسيا, والدين براء من هذه الأمور, كما رأينا ورأي المعاصرون أن بعض الدول تتعمد المخالفة إظهارا لشخصهم, مع أن هذا يخالف الدين ويخالف ما اتفق عليه المسلمون, ولكن من أجل السياسة يضحي هذا الحاكم أو ذاك بأمر من أمور الدين, ومن هنا فإننا نناشد حكام المسلمين ألا يقحموا الدين في السياسة, وأن يتقوا الله ويجعلوا الدين بمنأي عن ألاعيب السياسة المتغيرة التي تجيز لهم فعل كل شيء بخلاف الدين فهو أمر ثابت من عند الله سبحانه وتعالي.
كما ناشد المسلمين جميعا في سائر أنحاء العالم أن يسهموا في إنشاء آلية تتناسب مع العلم في هذا العصر كقمر صناعي يتم رصد الأهلة منه, ويشرف عليه فقهاء من جميع أنحاء العالم الإسلامي, ويلتزم جميع المسلمين بنتيجة الرؤية التي اشترك فيها علماء من جميع الدول الإسلامية.
الرؤية البصرية والعلمية
ويري د.مصطفي محمد عرجاوي عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر بالقليوبية, أن الإسلام يدعو إلي التوحيد, ودائما وأبدا يحث الأمة بجميع أفرادها علي التوحد في اتجاه واحد يجمعهم علي أمر مستقر, فكتابهم واحد, ونبيهم- صلي الله عليه وسلم- واحد, وقبلتهم واحدة, وعقيدتهم التوحيد, ومن قبل ذلك كله إلههم واحد, فلا ينبغي لهذه الأمة أن تتفرق وتتمزق في أمر من الأهمية بمكان, ألا وهو توحيد الأهلة, لأنها تتعلق بأمرين في غاية الأهمية يمثلان ركنين من أركان الإسلام هما: الصيام والحج, فدائما وأبدا يتم الخلاف علي بداية الشهر الفضيل بين بعض الأقطار العربية شبه الملتصقة في الحدود والمواقيت, ومع ذلك لأسباب سياسية أو دينية يختلفان في تحديد بداية الشهر, بل وفي الوقوف بعرفة, ولولا أن المملكة العربية السعودية هي التي تملك قرار تحديد بداية شهر ذي الحجة لكانت هناك خلافات كثيرة, ومن المعلوم أن بعض الدول كانت ترغب في تحديد يوم آخر لنفسها لأداء مناسك الحج, إلا أن المملكة منعت ذلك بالقوة, فوحدت الأمر بالنسبة للجميع, وهذا حقق الاستقرار في ركن من أركان الإسلام, فلماذا لا نلجأ إلي توحيد بدايات الشهور العربية بالاتفاق علي الأخذ برأي موحد من خلال لجان تشكل لهذا الأمر لا علاقة لها بالتوجهات السياسية أو الدينية, حتي تستقر الأوضاع, ولا نقع في مثل هذه المخالفات التي قد تؤدي إلي الشقاق, وتجعل في بعض البلدان الإسلامية أعيادا وفي الأخري غير ذلك, بفارق يزيد أحيانا علي يومين؟!, وهذا أمر غير منطقي بسبب عدم توحيد بدايات الأهلة العربية, والإصرار علي أن تعتمد الرؤية البصرية المجردة بعيدا عن الوسائل العلمية الحديثة أمر يخالف إجماع الأمة في زماننا علي الأخذ بأسباب العلم والتأكد من صحة وحقيقة دخول الشهر, وهذا يتحقق بالأخذ بالأسباب, وكلنا مطالب من الناحية الشرعية بالأخذ بالأسباب, خاصة إذا كانت مستقرة ومعلومة ومسلمة من الجميع في عالمنا المعاصر, ولماذا نأخذ بالساعات الحديثة وبمكبرات الصوت وبالأجهزة التي تنقل لنا الصور والأصوات ولانأخذ بالأجهزة التي ترصد لنا الأقمار, ومنها القمر الطبيعي الذي ترتبط به الأهلة والمواقيت, وهذا أمر ميسور في زماننا إذا ما اجتمعت الأمة واتخذت قرارا موحدا في هذا الشأن بشراء قمر اصطناعي يمكن من خلاله رصد هلال شهر رمضان وغيره من الأشهر الأخري, والالتزام بما يتم التوصل إليه لرفع الخلاف بدلا من الوقوع في خلافات لا أساس لها في عصرنا, وتشيع التمزق والفرقة بين المسلمين, خصوصا في البلاد غير الإسلامية وذات الأقليات المسلمة, فبأي توقيت تأخذ وبأي نظام تتبع أو تسير؟, فلا يمكن في البلد الواحد الذي يضم بعض المسلمين من الأقليات أن يصوم هذا ويفطر ذاك بسبب اختلاف الرؤية في بلادهم الأصلية!, وهذا كاف تماما لدفع الدول الإسلامية لتوحيد الهلال حتي يرتفع مثل هذا الخلاف, وتختفي أمثال هذه الصورة غير الطبيعية.
قمر صناعي إسلامي
ويقول د.علوي أمين خليل أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون إن الإنسان مطالب بعبادة الله علي مراد المعبود لا علي هوي العابد, فنحن نعبد ربنا بما فرض علينا, وربنا أمرنا بصيام شهر رمضان, ولشهر رمضان كسائر الشهور العربية مطالع, وهذه المطالع قدرها ربنا سبحانه وتعالي, وما جعل علينا في الدين من حرج, ولذلك أفتي جمهور العلماء: مالك وأحمد بن حنبل والشافعي أن لكل بلد مطلعه, وعندما أقول كل بلد لا أقصد مصر والشام والعراق مثلا, ولكن البلد الذي يبعد مسافة السفر, فإذا لم أعرف مثلا أن مدينة في مدن مصر لم تر الهلال مثل مدينة أسيوط رأت الهلال والإسكندرية لم تره في هذا الإقليم الواحد, لذلك يجب الصيام علي أهل أسيوط ولا يجب علي أهل الإسكندرية, هذا قديما, أما مذهب الإمام أبي حنيفة فإنه يشترط العلم وجزءا من الليل يشترك فيه مع هذه الأقاليم, لذلك اختلف قديما هل ثبوت هلال رمضان بالتليغراف أو بوسائل المواصلات البدائية يوجب أو لا يوجب الصيام؟ كان الفقه عندهم مادام قد ثبت الهلال بأي وسيلة آمنة وجب الصيام علي من عرف وجاءه الخبر, وتطور الأمر إلي الراديو وكان المستمعون ينتظرون أن يثبت الهلال أو مطلعه عن طريق الراديو فإذا علم الناس وجب الصيام.. الآن مع تطور وسائل المواصلات وأصبح العالم قرية واحدة, متي ماكان الخبر صادقا وجب الصيام علي من يسمع الخبر, هذا إذا كان كما يقول الإمام أبو حنيفة يشترك معنا في جزء من الليل وجب الصيام, أما بقية المذاهب فتقول إن لكل بلد مطلعه, فربما يثبت الهلال في مصر ولايثبت في السعودية أو يثبت في السودان ولا يثبت في ليبيا فعلي من أصوم؟ يدخل حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ليحددصوموا إذا صام الناس وأفطروا إذا أفطر الناس.
والتطور الآخر الذي حدث في الرؤية أننا كنا نري بالعين المجردة إلي أن وجدت المراصد, هذه المراصد علي أحدث تكنولوجيا العصر تري السماء كلها وتكشفها في الوقت الذي نراه نحن بعيوننا, بل هي تري ما وراء الغيم فإذا غم عليكم فأتموا شعبان ثلاثين يوما, وكذلك رمضان إذا غم علينا هلاله, فإذا كانت الوسائل الحديثة تعين الناظر أن يري بعينه ما لم يكن يستطيع أن يراه من مائة عام أوجب الإسلام علينا أن نتبع العلم, ولا أقول الحسابات الفلكية, وعندما نطلق قمرا صناعيا يرصد الأهلة ويضبطها بضابط شرعي نقول وجب علي المسلمين الآن أن يقيموا مثل هذا القمر, لأن هذا أمر دين, والأموال الباهظة التي تنفق هنا وهناك علي أشياء ما أنزل الله بها من سلطان, فبعض الدول الإسلامية تنفق علي كرة القدم مائة مليار.. ألا تقدم هدية لربها قمرا صناعيا يرصد الأهلة للمسلمين في جميع بقاع الدنيا, ولكن الأمر لا يهم فالإسلام غريب عند أهله, وإني لأرجو أن نبدأ باكتتاب بسيط, ولقد أرادت دار الإفتاء المصرية منذ عهد الدكتور نصر فريد واصل, متتابعة بكل من جاءوا من بعده إلي يومنا هذا, لإقامة هذا القمر الذي سيخرج الأمة من اختلافات كثيرة, فسيظهر الهلال كل أول شهر متتابعا في جميع بلدان العالم, فنستطيع أن نحدد الأهلة كل شهر بأسلوب عصري يوافق الشرع, لأننا سنراه بأعيننا بواسطة هذا القمر.
أما في البلدان التي يصعب فيها رؤية الهلال فعليهم أن يتجهوا إلي أقرب بلد إسلامي لهم يصومون معه, فنجد مثلا في جنوب آسيا كوريا الجنوبية مثلا أو الصين أو اليابان لو لم يروا الهلال ولم يثبت عندهم ولم يستطيعوا رؤيته عليهم أن يصوموا علي أقرب بلد إسلامي لهم يرون فيه الهلال, فإذا لم يستطيعوا فعليهم بالحسابات الفلكية, وأرجو أن تكون الحسابات الفلكية آخر الأشياء, فرغم دقتها ونحن نؤدي عليها صلاتنا, ولكن الصيام فيه نص صريح( فمن شهد منكم الشهر فليصمه), وصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته, ونحن مع هذه وتلك في أمان بالله رب العالمين, فلنصم كما أمرنا ربنا, ولنفطر كما أمرنا ربنا عز في علاه.
اختلاف المطالع
ويوضح د.محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم أن قضية توحيد الأهلة أمر لاخلاف عليه من حيث الأصل أو المبدأ, ولكن هذه الأهلة تختلف باختلاف المطالع, ومن هنا يحدث لون من التغير والتفاوت ولو لفترة قليلة جدا, ويترتب علي ذلك أن يكون هناك تفاوت واختلاف بين المطالع, وهو لايصل إلي درجة أن يتقدم يوم علي يوم, ومن ثم فلايؤثر هذا التفاوت في وحدة المطالع اللهم إلا في حالة أن يصل اختلاف المطالع إلي درجة تقضي بتقديم يوم علي آخر, والقضية لدي علماء الفلك يسيرة, ولاتمثل بين الأمة اختلافا يؤثر علي وحدتها, وأن تتفق بوجه عام علي بداية شهر ونهايته, والذي ينبغي ملاحظته ألا يحدث تفاوت بين المطالع بين دول أو أمم يجمع بينها قدر كبير من الليل أو أن يكون بينها تجاور في الحدود, وأن يترك تحديد هذه البداية أو النهاية, وبخاصة في شهر رمضان إلي أهل الذكر من علماء الفلك, حتي لا تكون فتنة, ويدرك الجميع أن اختلاف المطالع الذي يؤدي إلي تقديم يوم أو تأخير يوم لا يؤثر في وحدة الأمة واعتصامها بحبل الله سبحانه وتعالي. وأود الإشارة في الحديث الذي يقول صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته إلي أن كلمة رؤية تشمل الرؤية البصرية والرؤية العلمية, ولهذا فإن الذين يصرون علي الرؤية البصرية دون الرؤية العلمية أو الجمع بينهما يخالفون دلالة النص النبوي, وقد أصبحنا في عصر تطورت فيه وسائل الكشف عن بدايات الشهور ونهايتها, ويمكن التعويل علي هذه الوسائل الحديثة مع الرجوع إلي أهل الذكر من علماء الفلك, وبذلك يمكن القضاء علي ما يجري بين المسلمين في مطلع كل رمضان أو غير رمضان, وبخاصة أشهر الحج, وإذا تعاونت الأمة الإسلامية علي اتخاذ وسيلة تقضي علي هذا الاختلاف فإن ذلك يكون من عوامل تأكيد وحدتها ومنع الاختلاف بين شعوبها في الاحتفال بأيامها وشهورها ومناسباتها.
ومما يؤسف له أن الاختلاف السياسي قد يتدخل في قضية مطالع الشهور والأعياد, وهذه مشكلة عاني منها المجتمع الإسلامي المعاصر, والأهواء إذا تدخلت في أي أمر من الأمور تؤدي إلي فساد, فإذا كانت في أمور تتعلق بالعبادات تكون أكثر فسادا وانحرافا عن الالتزام بحبل الله, وأضيف إلي الاختلافات السياسية أيضا الاختلافات المذهبية, فهذه الاختلافات أحيانا تؤثر في هذه القضية, وتجعل الاختلاف في بداية الصيام ونهايته والاحتفال بالأعياد أمرا يسيء إلي مفهوم الوحدة الإسلامية, ولعل الوعي الإسلامي المعاصر يتجه إلي تأكيد الوحدة الإسلامية, وأن تكون رؤية الهلال في بلد يلتقي مع سائر العالم الإسلامي في جزء من الليل ملزمة للجميع.
أما الأقليات الإسلامية فإنها تلتزم بما يجري في المناطق التي يعيشون فيها, فأحيانا يكون هناك اختلاف يتجاوز أكثر من عشر ساعات, ولهذا لايمكن أن يأخذوا برؤية الهلال في أقرب البلاد الإسلامية إليهم, وإنما ينبغي أن يأخذوا بمطالع الشهور والأعوام في المناطق التي يعيشون فيها, وهذا قد يقتضي تعاونا أو اتفاقا بين شعوب العالم, وخاصة أن الإسلام الآن ينتشر في شعوب العالم تقريبا, وبذلك تنتهي مشكلة الأقليات وتسود الوحدة الإسلامية بمفهومها الشامل بين جميع المسلمين, وإن اختلفت الأقطار بالنسبة لمطالع الشهور والأعوام, فهذا اختلاف مرده إلي حركة القمر وظهوره واختفائه, والعلوم الفلكية الآن تقدر لعدة أعوام مقبلة متي يبدأ الشهر ومتي ينتهي, والمهم أن يكون بين المسلمين تعاون علمي, وبخاصة بين المؤسسات التي لها تأثيرها في التوجيه الإسلامي, وبذلك تختفي ظاهرة الاختلاف بين المسلمين في بداية الصيام ونهايته.
وحدة الأهلة
ويقول د.زكي عثمان الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية: ينبغي علينا أن نكون في وحدة مظاهرها القلب والروح والتاريخ والمصير وتحقيق الآمال, بل ومن أهم مظاهر هذه الوحدة وحدة الأهلة, حتي نستطيع إدراك شعائر عباداتنا من ناحية الصلاة والصيام والزكاة والحج, فكلها مرتبطة بأزمنة لا بد أن تكون فيها مظاهر الوحدة بادية وواضحة, فما أصعب أن نري أنفسنا مختلفين في المطالع, وبخاصة في شهر رمضان والعيدين, فلقد أصبحنا سخرية أمام الناس, وأضرب لذلك مثلا قد حدث في ليبيا منذ سنوات كانت لدينا وقفة عرفات ولديهم العيد, أي عقلية تستوعب ذلك الأمر؟!.. إنه تمزق وتفرق أمام العالم بأسره, فعلي الحكومات الإسلامية أن تحدد موقفها من اختلاف المطالع, بأن تكون يدا واحدة لتحقيق المصالح المشتركة والمنافع العامة, وحتي لا يكون هناك تذبذب في فتاوي متعددة وتساؤلات متنوعة, ثم نجد أنفسنا في هرج ومرج, فعلينا أن نوحد الأهلة, فهي سبب في وحدة صفنا, واعلموا ياأمة القرآن أن هناك سورة من سور القرآن تسمي سورة الصف, فأين الصف؟!
وتتبقي أمور مهمة علينا أن نضعها في الحسبان, ومن أهم هذه الأمور أن نبتعد عن الخلافات المذهبية والفقهية, حيث إننا نوحد أفكارنا, وبخاصة ونحن نعيش في عصر العلم والاتصالات الذي جعلنا قرية صغيرة أخبارها معروفة, ولدينا أقمار صناعية, بل وأقول لدي الغرب أقمار صناعية, لأننا- حتي هذه اللحظة- لم نمتلك قمرا صناعيا إسلاميا يحدد من خلاله المواقيت, وهذا يسبب أزمة كبيرة للأقليات المسلمة التي تعيش في الغرب علي أي شيء يصومون؟ وعلي أي شيء يفطرون؟ فالصراعات المذهبية متعددة, ويتأثر بها ذوو الأفكار التي تريد تحطيم قيود الآراء التي تتمثل في الرؤية البصرية, فعلينا أن نستفيد من ديننا, فإن إلهنا واحد, وكتابنا واحد, وديننا واحد, فلو ترجمنا هذه الأفكار لاستطعنا أن نحل مشاكل كثيرة, ونزيل حواجز وعقبات, وبذا لا نكون دمي أو محل مسخرة من غيرنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.