أنا شاب عمري27 سنة, تزوجت قبل ستة أشهر بعد قصة حب واجهنا خلالها صعابا عديدة, لكننا صمدنا أمامها ثم تخطيناها ونحن نتطلع إلي أن يكون لنا عشنا الهادئ الذي يجمعنا علي الحب والتفاهم بعيدا عن صخب الحياة وضجيجها. وعشنا فترة خطبة رائعة, وتفاني كل منا في إظهار انه يحب الآخر أكثر منه, وعبرنا عن حبنا بطرق جميلة ربما لا تخطر علي بال الكثيرين, من إهداء الورد, وتبادل الكتب وغير ذلك من المعاني الجميلة. وكانت زوجتي تقيم في إحدي محافظات الدلتا البعيدة عن محافظتي, لكن ذلك لم يمنع اتصالاتنا المستمرة, واتفقنا علي كل التفاصيل الدقيقة لحياتنا بعد الزواج واستمرت الخطبة عشرة أشهر ثم عقدنا القران واقمنا حفل زفاف جميلا جمع الأهل والأصدقاء.. وانتقلنا إلي عش الزوجية.. ومرت الأيام الأولي سريعا, ثم لاحظت أن زوجتي تحاول أن تتملكني بشكل مبالغ فيه, فلقد الحت علي كثيرا أن اقطع علاقتي بأصدقائي وأقاربي, بل وأبي وأمي وأخوتي, فهي تريدني لها وحدها وتذكرت يوم زفافنا عندما تعمدت أن تفتعل مشكلة مع أصدقائنا, لكي تطلب مني مقاطعتهم.. ثم في اليوم التالي للزفاف قابلت أقاربي بجفاء شديد بحجة أنها تعبانة ثم بدأت تحجبني عنهم شيئا فشيئا!. وفهم أبواي ما ترمي إليه زوجتي, لكنهما كظما غيظهما.. ثم لاحظت عليهما علامات الضيق والتبرم, ولم أتوقف كثيرا عند هذه النقطة ظنا مني أنها سوف تتغير مع الأيام, وبعد أربعة أشهر ضاع من زوجتي أحد أغراضها الشخصية, وكنت أعلم مكانه لكني لم أخبرها لكي أعرف كيف ستتصرف, وبدت عليها علامات الحزن والضيق, وفتشت كل مكان في البيت أملا في العثور علي ما تبحث عنه دون جدوي!. وفي اليوم التالي ذهبت إلي السوق لشراء بعض متطلبات المنزل من خضراوات وفواكه, فانتهزت الفرصة وفتحت إحدي حقائبها فوجدت بها شيئا شبيها لما تبحث عنه.. وهذا الشيء مشبوك في دبوس بمكان لا يخطر علي بال أحد, وفككت الدبوس, وأخذت هذا الشيء وتفحصته فوجدته عبارة عن كيس من القماش مخيط من جميع الجهات, فأخفيته دون أن أعلق عليه معها بعد عودتها إلي المنزل, وفاتحتني في أنها مشتاقة لزيارة والدتها.. وأنها تريد أن تمضي معها يوما كاملا فوافقت علي طلبها, وبت تلك الليلة وحيدا, ووجدتها فرصة لكي اعرف حكاية الأكياس الموجودة في ملابسها ففتشت في أرجاء البيت لعلني أجد شيئا آخر, وهالني عدد الأكياس التي وجدتها مزروعة ومحشورة في كل مكان حتي في ملابسي الداخلية, فجمعتها وأخذتها إلي والدتي ورويت لها القصة كاملة, ثم فتحت الأكياس واحدا بعد الآخر فإذا بي أجد أوراقا بها طلاسم, وبعض أظافري وشعري, ومواد أخري لا أعرف لها اسما!. إنها أعمال سحرية لجأت إليها زوجتي لكي تجعلني أسيرا لها.. وكدت أفقد صوابي, ووجدتني اتصل بها وأطلب منها أن تعود إلي المنزل فورا فجاءتني مسرعة وسألتني عما حدث! فوضعت أمامها الأكياس, فأنكرت معرفتها بها, وعندما ضغطت عليها, إنهارت واعترفت بأنها فعلت ذلك لأنها تحبني وتخشي أن تفقدني, فثرت ثورة عارمة وألقيت عليها يمين الطلاق. وإذا بأمي تبكي بكاء حارا ورجتني أن أغفر لها خطأها فأخبرتها بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم من أتي كاهنا أو عرافا فقد كفر بما أنزل علي محمد, فراحت تقول لي انه خطأ بسيط لا يستحق كل ما حدث, لكني رفضت إعادتها.. واذا بزوجتي تقول لوالدتي وهي شبه محطمة وقد بدا الذبول علي وجهها أنها لن تعود إلي بيت أبيها لأن أهلها سوف يذبحونها لو علموا أنها لجأت إلي الدجالين, فهم ملتزمون دينيا ولا يرضون أبدا بمثل هذه الأعمال السحرية التي تعترف بأنها أخطأت فيها. وهنا وجدت أمي وبهدوئها المعهود تتمالك نفسها وتهدئ من روعها, ووعدتها بأنها ستعيد المياه إلي مجاريها دون أن يعلم أحد بهذه الواقعة, وأخبرت أبي وأقاربي بحكاية زوجتي, والتقينا جميعا بعد ساعات وتحت الإلحاح من أهلي الذين كانت زوجتي تبعدني عنهم أعدتها إلي عصمتي خصوصا بعد أن قالت انها حامل, فخشيت أن يولد ابني مشتتا بيننا, كما أري في حالات الطلاق التي صارت بالملايين حيث يتشرد الأبناء ويصبح كل منهم في واد.. أما الأب فيتزوج من أخري, وكذلك الأم تتزوج من آخر. ودار في ذهني شريط طويل من التخيلات التي يمكن أن تحدث لابني المنتظر, وأصدقك القول انني لم أرتح لإعادتها إلي عصمتي.. وفور انصراف الجميع أشرت عليها بأن يقيم كل منا في غرفة بمفرده لأنني لم أعد أطيقها, فعاودت هي البكاء من جديد, أما أنا فقد دخلت إحدي الغرف وأغلقت الباب علي نفسي وتركت لها غرفة النوم الخاصة بنا, فنادت علي بصوت عال ثم صرخت صرخة مدوية, فخفق قلبي بشدة, ووجدتني أسرع إليها فإذا بها قد سقطت علي الأرض وتفوح من فمها رائحة نفاذة وقالت لي سيبني أموت في حضنك, فحملتها مسرعا إلي المستشفي القريب من منزلي, وهناك حولوني إلي مركز السموم الذي أفادني أطباؤه بأن زوجتي تناولت سائلا كيماويا يستخدم في التنظيف!! وسارعوا بعمل غسيل معوي لها, وأنقذوها في اللحظات الأخيرة, أما ابني الذي كانت حاملا فيه فلقد ودع الحياة قبل أن يولد!!. وظللنا عدة أيام في المستشفي وأنا أدعو الله لها بالشفاء, لكني عزمت علي أن أطلقها ولا أعود إليها مرة أخري فحبها القاتل يمكن أن يؤذيني.. كما أن من لجأت إلي الدجالين, وحاولت الانتحار يمكن أن ترتكب أي جريمة أخري.. وذهبت إلي أهلها وقصصت عليهم ما فعلته فأقروا بأنني علي حق في موقفي فألقيت عليها يمين الطلاق للمرة الثانية, وعادت إلي بيت أهلها, ومر حتي الآن شهران كاملان ومازالت تتصل بي وترجوني أن أعيدها إلي عصمتي من جديد. لقد كرهت كل شيء يا سيدي, وأصبحت غير واثق في نفسي, فهل أنا مخطئ وهل من الممكن أن تستقيم حياتنا معا بعد كل ما حدث؟!. * لا أنصحك بالتسليم بما حدث, وانما أري أن بإمكانك رأب الصدع وترميم الشروخ التي أصابت حياتك, فإذا كانت زوجتك قد تصرفت بشكل أهوج, ولم تحكم عقلها ومالت الي عواطفها وفعلت ما فعلت سواء بالأحجبة التي صنعها لها الدجالون, أو بالاقدام علي الانتحار لانك هددتها بالانفصال عنها.. أقول اذا كانت قد تصرفت بهذا المنهج الخطأ فإنها لجأت اليه من باب تمسكها بك والخوف من أن تفقدك في أي لحظة! والواضح انها مازالت أسيرة أفكار البعض الذين يرون ان الزوجة لابد ان تحكم حصارها علي زوجها لكي لا ينظر إلي أحد غيرها, ومثل هذا التفكير السطحي ينبغي ان نقابله بمزيد من الوعي, وأن نضعه في حجمه الصحيح, ونحاول تقويمه في الاتجاه السليم, لا أن نصدر حكما علي صاحبته بالإعدام, ونطلق الرصاص علي أسرة رائعة جمعها الود والتفاهم. أين ذهبت قصة الحب العنيفة التي عشتها مع خطيبتك؟ وأين البيت الهادئ الذي تعاهدتما علي بنائه, وهل تبخر الحلم لمجرد انك وجدت مجموعة أحجبة ناتجة عن تفكير قاصر من جانب من أحبتك وسعت للارتباط بك, وهو تفكير من الممكن العدول عنه؟! انني لا أؤيد اللجوء الي مثل هذه الخزعبلات حتي وإن أتت مفعولها لدي الزوج أو الحبيب, صحيح ان السحر موجود ولا أحد ينكره, لكن علينا ان نتصدي له, ولا نترك له مكانا في حياتنا, وليكن ذلك بقليل من التروي والحكمة. إن حياتك ياسيدي من صنع أفكارك وينبغي ان ترتبها بحيث تصب في مصلحتك ولا تجعلها تسيطر عليك, فتتحول الي هواجس تدفعك الي حافة الهاوية وعليك ان تعيد دراسة كل ما طرأ علي حياتك من تغيرات منذ اكتشافك أكياس الطلاسم! أما زوجتك وهي مازالت في فترة العدة, فإنني أنصحها بأن تطرد الأفكار المسيطرة عليها والتي ربما ترجع الي نشأتها الريفية وتأثرها ببعض العادات والتقاليد المتوارثة في بعض المناطق الشعبية, وربما تكون والدتها هي التي دفعتها اليها اعتقادا منها انها سوف تكون سببا في إسعادها, واقول لها انت شابة متعلمة ولا يعقل لمن هي في مثل وضعك أن تترك الحبل علي الغارب لأفكار خاطئة, فالبيوت المستقرة لا تبنيها الأوهام والأحجية ولكن يبنيها الحب والإخلاص والتعاون والايثار, فانبذي من حياتك تلك الأفكار الهدامة. وأنتما معا مطالبان بضبط النفس, والبعد عن التصرفات الهوجاء, وأن يغفر كل منكما للآخر خطاياه, وان تعيدا بناء ما تهدم من حياتكما فليس من العار أن يسقط المرء, ولكن العار ألا يستطيع النهوض من الكبوة التي ألمت به, فاستعيدا حبكما وواصلا رحلتكما في هدوء وأمان بعيدا عن السحر والشعوذة.