السبب الأساسي في معظم ما نواجهه من أزمات وأحداث مفجعة يكمن في غياب قيمة وثقافة التحضر الكامنة في الوجدان والعقول. فنحن ندفع اليوم ثمن التخلف الحضاري الذي زرعه بداخلنا الحكم الديكتاتوري طيلة ستة عقود. فبات حتما علينا أن نقتلع هذا النبت الشيطاني بداخلنا, ونتحلي بالشجاعة لنواجه الحقائق ويعترف كل منا بأخطائه ولنبدأ بالنداء الذي وجهه الدكتور أحمد زويل للمتظاهرين والمعتصمين بأن: لزموا بيوتكم.. وهو ما سوف يسهم بقدر كبير في وأد الفتنة المندلعة في مصر منذ خلع الفاسد الأكبر, فلابد أن نعترف إذا أردنا أن نلتزم بالمصداقية والأمانة اللتين تفرضهما الوطنية الحقة أنه لولا الاعتصام الذي صمم عليه بعض أبنائنا أمام مجلس الوزراء, فأغلقوا بسببه شارعي مجلس الشعب ومجلس الوزراء, ومنعوا الدكتور كمال الجنزوري من دخول مقر الوزارة في اجتراء مذهل علي الشرعية والقانون.. لولا هذا الاعتصام الذي عارضته الأغلبية الساحقة من القوي الوطنية والثورية لما وقع ما وقع من أحداث دامية, فاعداء الثورة يستغلون هذه الاعتصامات والمظاهرات المتكررة في اشعال نار الفتنة, كما رأينا في وقائع وأحداث عديدة خلال الشهور الماضية. فاقطعوا ايها الشباب الثائر الطريق علي الخونة, وتحلوا بالذكاء والفطنة.. فإن المؤمن الحق كما أخبرنا الرسول صلي الله عليه وسلم كيس فطن. ولكن.. مثل تلك التصرفات غير القانونية من بعض الشباب المتحمس لا تسوغ علي الاطلاق ذلك التعامل غير المتحضر والمفرط في قسوته مع المتظاهرين, والذي تسبب بلا مبرر أخلاقي أو سياسي أو قانوني في مقتل ثمانية عشر مواطنا بريئا من خيرة شباب مصر, وإصابة المئات في مصادمات دموية, وضياع تراث حضاري وثقافي لا يعوض في حريق المجمع العلمي. فالواجب الوطني والأخلاقي والأمني كان يحتم علي القيادات المسئولة في الدولة الالتزام بالحنكة السياسية ودبلوماسية الحوار وضبط النفس, والقبض علي المتشددين من المعتصمين بأسلوب متحضر دون تعمد الإهانة واهدار الآدمية والكرامة. لقد غاب عن شبابنا الثائر الذي ندرك نقاءه الوطني أن الاعتصام في الميدان أو أمام مقار الحكم يجب أن يخضع لحسابات واقعية علي الأرض, وأن يوازنوا بين المنافع والاضرار. وغاب عن القيادات الحكومية أن دم المواطن المصري خط أحمر لا يجوز تحت أي مبرر تجاوزه فقد مضي عهد الاستهتار بدمائنا.عودوا إلي بيوتكم أيها الثوار الشرفاء, وفوتوا الفرصة علي المتربصين بكم وباستقرار مصر. وامنحوا المجلس العسكري الذي ينوء كاهله بمسئوليات جسام الفرصة لكي يثبت حسن نيته في نقل السلطة لرئيس مدني لا ينتمي إلي المؤسسة العسكرية بحلول نهاية شهر يونيو,2012 فصبرا آل الثورة ولا تتعجلوا. محمد سعيد عز