حملات ومؤتمرات ودعاية وشعارات حفظها الشعب علي مدار سنوات عديدة فتعرفنا علي حسانين و محمدين في الثمانينات وتأكدنا أن' الراجل' مش بس بكلمته ولكن برعايته لبيته وأسرته. وفي الألفية الجديدة قررنا أن نقوم بوقفة مصرية لنحكم عقلنا في أضرار الزيادة السكانية فالأبحاث تؤكد أن عدد السكان بمصر سيتضاعف بحلول عام2050 ليصبح160 مليون نسمة ولكن هل اثر هذا الرقم أو هذه الحملات علي المواطن المصري؟ هل حققت هذه الحملات المرجو منها و انخفض معدل الإنجاب في مصر؟والاهم لماذا توقفت منذ سنوات بالرغم من استمرار المشكلة؟ الدكتور علي عجوة العميد السابق لكلية الإعلام والمهتم بالمشكلة السكانية ودور الإعلام في تنظيم الأسرة منذ عام1971 حيث سجل رسالة دكتوراه بكلية الآداب تحت هذا العنوان أوضح من خلال الجولات التي قام بها في الريف المصري لمعرفة طبيعة المشكلة و تحليل العديد من الرسائل الإعلامية في التليفزيون والراديو والصحافة وتلخصت النتائج في أن الرسالة التي كانت توجه في ذلك الوقت كانت توجه إلي المتعلمين و صفوة المجتمع و لم تكن توجه إلي المجتمع بكل فئاته الذي كان يعاني غالبيته من مشاكل التخلف بكل أبعاده من جهل وفقر ورغبة أفراد المجتمع من هذه الفئات في الإنجاب لأنه يحقق لهم مزايا مثل انه مصدر رزق حيث يعمل الأطفال في مصانع ويحصلون علي اجور كبيرة. ومع تطور المجتمع و تطور مؤسساته المسئولة عن الدعوة لتنظيم الأسرة تمت الدعوة إلي المؤتمر القومي الأول للسكان عام1984 ومن قبله تم إنشاء جهاز تنفيذي للأسرة في إطار المجلس الأعلي للأسرة والسكان وتزامن معهم حملات متتالية لتنظيم الأسرة ولكن جميعها كان يفتقد مشكلة اجتماعية خطيرة وهي أنها توجه لجمهور غير مستعد لتقبلها وحتي بعد إن تم تعديلها لتناسب البسطاء من الناس إلا أنها لم تحقق النجاح المرجو لأنها توجه إلي مجتمع ضد فكرة تنظيم الأسرة ولكن عدد قليل كان يقتنع بهذه الحملات من المتعلمين تعليم متوسط أو البسطاء ممن لديهم الأمل أن يعيشوا بشكل أفضل من خلال إنجاب اقل لذلك لا يمكن أن نقول إن هذه الحملات فشلت.. وهناك ضرورة للاستمرار في مخاطبة هذه الفئات و من الخطورة التوقف عن الحملات الموجهة اليهم. ويري أن الأسر التي ليس لديها استعداد أصلا للاقتناع لا يمكن أن نصل إليها بالإعلام وفي نفس الوقت لا يمكن أن نصل إليها من خلال الإجراءات العقابية التي لجأت إليها بعض الدول مثل الصين التي لجأت لأساليب تمنع الإنجاب تماما أو إصدار قوانين تحرم الطفل الثاني أو الثالث من التعليم المجاني أو العلاج المجاني وقد رفضت القيادات السياسية المتعاقبة فكرة حرمان الأطفال من هذه المزايا لذا فإن الحل الوحيد هو الإقناع الذي لن يتم إلا من خلال المدخل التنموي الذي يحتاج إلي التمويل لرفع مستوي الفقراء ومستوي معيشتهم و أسلوب حياتهم و بالتالي تكون لديهم رغبة في التغيير و الاقتناع من خلال اقل جهد إعلامي, فالأزمة السكانية لها ثلاثة أفرع أولا مواجهة زيادة المواليد و ثانيا الخصائص السكانية ثم إعادة توزيع السكان علي مساحة مصر التي تبلغ مليون و200.000 كيلو متر مربع و هذه البنود جميعا لم يتحقق منها إلا القليل ومن ناحية أخري أوضح الدكتور حسام الخطيب رئيس قطاع السكان بوزارة الصحةأن حملات تنظيم الأسرة لم تتوقف ولكنها اتخذت إشكالا أخري أكثر فاعلية كما أثبتت الدراسات التي تمت حول مدي فاعلية الحملات الماضية لتنظيم الأسرة أن الحملات الشاملة التي تعمم علي مستوي الجمهورية والتي تستمر حوالي ستة أيام لا تحقق المرجو منها أذا تمت مقارنتها بالحملات التي تقتصر علي يومين أو ثلاثة وتسمي عيادات متنقلة أو قافلة سكانية والتي توجه للمناطق المحرومة والمناطق العشوائية والمناطق البعيدة عن الوحدات والطرق العثرة والتجمعات السكانية الكبيرة وهذا الأسلوب متبع منذ سنة ونصف وتعمل القافلة السكانية بنفس أسلوب الحملة الكبيرة وتضم رائدة ريفية تقوم برصد الحالات التي تحتاج إلي وسائل تنظيم الأسرة ثم تحضر سيارة مجهزة فيها طبيب وممرضة وتقدم الخدمة إلي هذه المجموعات أما الحملات الاعلامية السابقة فقد أثبتت الدراسات أن تأثيرها ضعيف وأن أفضل النتائج تحققت من خلال الاتصال المباشر مثل الندوات في المساجد والندوات الإعلامية داخل الوحدات الصحية, كذلك حققت الرائدة الريفيةنتائج ملموسة حيث تمت نحو20.000 مقابلة من خلال الرائدات الريفيات التي يبلغ عددهن15.000 علي مستوي مصر وتصل نسبة التغطية من خلال الرائدات إلي60% وهي نسبة قريبة من المتوسطات العالمية في مجال تنظيم الأسرة وتقدم هذه الخدمات بمبالغ رمزية في6000 وحدة صحية علي مستوي الجمهورية. ويوضح رئيس قطاع السكان بوزارة الصحة إن الرسالة التي كانت تهدف الحملات التليفزيونية إلي تقديمها في التسعينات قد أدت دورها في تعريف المجتمع بتنظيم الأسرة ووسائله المختلفة, وهذه الحملات لا تفشل بسبب المعرفة التي لابد أن يتبعها اقتناع ثم تنفيذ فنحن لدينا الآن مجتمع يعلم ولكنه غير مقتنع. أما المشكلة الحقيقة في الأزمة السكانية فهي إن مصر دولة شابة سكانيا والمجتمع المصري مجتمع شاب فالفئة العمرية المنجبة كبيرة وتصل إلي40% من السيدات في سن الإنجاب وتصل نسبة الخصوبة في مصر3 في الألف وهي نسبة عالمية ولكن لدينا زيادة سكانية سابقة تؤثر فينا إلي الآن وهدفنا أن يكون مجتمعا متوازنا تصل الخصوبة فيه إلي2.1% وذلك حتي يتوازن الهرم السكاني في مصر.. وعن أسلوب الحوافز الذي كان متبعا في الثمانينات فقد اشار الدكتور حسام الخطيب إلي انه يتنافي مع مبدأ الاختيار الحر المبني علي المعرفة فتم إلغاؤه حتي يكون الاختيار حرا مبنيا علي الاقتناعوتعد محافظات الصعيد هي الأقل استجابة لحملات تنظيم الأسرة والأعلي في معدلات الإنجاب.