فرض الله علي المسلمين بجانب الصلاة والصيام والزكاة والحج عبادات أخري كثيرة منها مقاومة الظلم والظالمين, وعبادة لله والسير علي هدي رسول الله صلي الله عليه وسلم نصرة للدين ورفعة للدولة وسيادة الأمة وذلك- كما يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية- حتي لا يعم الظلم وينتشر بين الناس ولا يتكاثر عدد الظالمين فينزل عقاب الله.. وقد نهي الله سبحانه وتعالي عن الظلم فقال عز وجل:( لا تظلمون ولا تظلمون), وحرم الله الظلم علي نفسه فقال سبحانه( وما ربك بظلام للعبيد) وقال أيضا( إن الله لا يظلم مثقال ذرة) كما حرم الله ممارسة الظلم كذلك بين عباده, فقد روي عن أبي ذر الغفاري أن النبي, صلي الله عليه وسلم, قال فيما يرويه عن ربه عز وجل انه قال( ياعبادي اني حرمت الظلم عن نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا....) وهذا لأن الظلم سبب لهلاك الأمم, قال تعالي: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا كما أن الظلم يؤدي إلي الحرمان من الفلاح, فيقول سبحانه( انه لا يفلح الظالمون) وروي ان رسول الله صلي عليه وسلم قال( اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة) ولأن النفس تحمل في جنباتها دواعي للظلم والتعدي علي الغير حقدا وحسدا أو تكبرا واستعلاء أو اقتداء منها بالظالمين أو إتباعا لوساوس الشيطان فقد حذر الله سبحانه من عاقبة كل الذين يلجأون إلي ارتكاب هذه الأعمال, فقال تعالي( ولا تركنوا إلي الذين ظلموا فتمسكم النار) وفي هذا إنذار بالانتقام من الذي يساند الظالم حتي لو كان مجرد تقديم( قلم) يكتب به ظلما لأحد ومن سنن الله عز وجل الإهمال للظالمين لقوله تعالي( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين) وفي وصيه النبي عليه السلام لمعاذ بن جبل عندما بعثه إلي اليمن قال( اتق دعوه المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب) وقد اباح الله سبحانه للمظلوم ان يدعوا علي ظالمه فقال عز وجل( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما) والله سبحانه وتعالي يؤخر انتصار المظلوم ليستنفذ كل ما عنده من مقاومة للظلم حتي يصل إلي الدرجة التي ذكرها القرآن في قول الله تعالي( لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) حيث يظل المظلوم يقاوم ظالمه وهو ثابت دون استسلام أو خضوع ويعطي القدوة لغيره في ضرورة النفور من الظلم والدعوة لرفضه وحصاره وهزيمته ويؤكد الدكتور محمد محمود أبو هاشم,عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالزقازيق,ان المنهج الإسلامي يعتبر الحرية فريضة ويحمي كل أنواعها وجعلها أساس استقرار الفرد والأسرة والمجتمع والأمة وسبيل التفوق والارتقاء ونهي عن الإكراه في الدين فقال تعالي( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) ومن نماذج مقاومة الظالمين أن رجلا جاء إلي رسول الله, صلي الله عليه وسلم, يشكو جاره فقال له النبي( اطرح متاعك علي الطريق فطرحه فجعل الناس يمرون علي جاره ويلعنونه فجاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لقيت من الناس فقال النبي وما لقيت منهم قال يلعنونني فقال النبي( قد لعنك الله قبل الناس) فقال الرجل اني لا أعود ثم جاء الشاكي فقال له النبي صلي الله عليه وسلم( ارفع متاعك فقد كفيت) ويوضح الدكتور محمود أبو هاشم أن الله عز وجل لا يرضي لعباده الاستسلام أمام ظلم الظالمين والذين يقبلون بالظلم والاستضعاف هم من الظالمين لأنفسهم لقوله تعالي( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض), ولذلك فان الاحتجاج علي الظلم أمر مطلوب لأنه من جملة إنكار المنكر الواجب وفيه نصره وتأييد للمستضعفين, لقول النبي:( انصر أخاك ظالما أو مظلوما) كما أن الاحتجاج علي الظلم بمختلف الأساليب التي تؤثر علي الظالم ويستفيد منها المظلوم جائز شرعا,لأن نصرة المظلوم ومساندة الحق واجبة.