في ظل الأحداث السياسية المتلاحقة, غاب المفهوم الشامل للمسجد ومكانته ورسالته في الدولة الإسلامية عن أذهان الكثيرين, وتحول- في كثير من الأحيان- من مكان يذكر فيه اسم الله ونقطة التقاء الأمة والمظهر العملي لوحدتها إلي أداة للحشد السياسي وجمع الأنصار والمؤيدين. ويؤكد الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية, أنه لا يجوز أن تستخدم المساجد في التظاهرات والاحتجاجات أو الدعاية السياسية أو لحشد فئة ما نحو مسألة يحتمل فيها الرأي والرأي الآخر وذلك حفاظا علي حرمة المسجد وإجلالا لله سبحانه وتعالي. وأوضح الجندي أن اتخاذ المنابر أو دور العبادة وسيلة للدعوة لمناصرة هذا الفريق أو ذاك يعد التفافا وانصرافا عن فريضة العبادة ودعوة إلي رفع الأصوات وإثارة الاختلاف وربما التصادم أو الاحتكاكات بين المصلين بسبب اختلافهم, وأنه من الأجدر تناول مثل هذه الأمور ليس علي المنبر لشحن, المصلين إنما من شأن ذلك أن يكون خارج المسجد أو بعد انتهاء خطبة الجمعة. رسالة دعوية.. من جانبه أشار الدكتور أحمد كريمة, أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, إلي أن رسالة المسجد الدعوية وردت واضحة وصريحة في قول الله تعالي في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. وقال الرسول صلي الله عليه وسلم جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم واكد أن المساجد جعلت للصلاة وقراءة القرآن الكريم, وهي بيوت الله في الأرض ولها رسالة دعوية في المقام الأول والأخير وأن استخدامها في الأمور الجدلية يعد إخراجا لها عن رسالتها الحقيقية وتعطيلا لها عن أداء الشعائر والذكر والتسبيح والدعاء والاعتكاف وما عدا ذلك تحرم ممارسته في المسجد. كما طالب بضرورة إبعاد المنابر عن العمل السياسي, مؤكدا أن لجوء البعض إلي جعل الخطب والدروس الدعوية في المسجد إلي ما يشبه نشرة الأخبار السياسية أمر معيب وجعلها مقار لدعاية سياسية إيجابا وسلبا يعد انتهاكا لحرمتها وتعطيلا لرسالتها وامتهانا لمنزلتها وحطا من قدرها ولذلك يجب إبعاد العمل السياسي بجميع أنواعه عن منابر الله. وشدد كريمه علي تحريم الفقهاء امتهان المساجد بمثل هذه الممارسات التي تعود سلبا علي مكانة الدعوة الإسلامية من خلال حشد فئة أو لتأييد أو لجمع أصوات وإشاعة البغضاء وإثارة وتشهير بالناس وتطاول علي الأعراض وهذا كله يتفق مع حرمه المسجد بطبيعة الحال.