مع اقتراب الثلاثين من يونيو تزداد المخاوف في مصر, وعلي مصر.. ووسط حالة من القلق البالغ يشعر كثيرون بعمق وتعقيدات الأزمة السياسية الاجتماعية الاقتصادية التي تعشها البلاد. وفي هذه الحالة تكون المبادرات أو الاجتهادات بمثابة الأمل الذي يسعي الجميع إليه, لعلنا نجد فيه مخرجا.. ومن ضمن هذه المبادرات جاءت أطروحة الجماعة الإسلامية تحت شعار شرعية يجب حمايتها وأخطاء ينبغي تصحيحها والتي اختارت الأهرام كمنبر تعلنها من خلاله حتي يصل إلي أكبر عدد من المواطنين والمسئولين والسياسيين. لهذا الغرض استضافت الأهرام كلا من الدكتور عصام دربالة رئيس شوري الجماعة الإسلامية. وعلاء أبو النصر أمين عام حزب البناء والتنمية الذراع السياسة للجماعة والدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام السياسي بجامعة سوهاج والمستشار الإعلامي للجماعة الإسلامية. خلال الندوة كشف وفد الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية عن المبادرة التي يعتقد أنها كفيلة بإخراج البلاد من الأزمة. ودعوا المواطنين إلي رفع شعار الشعب يريد من الرئيس بدلا من الشعب يريد إسقاط الرئيس.. وأن مطالب الشعب ستكون جوهر مليونية الجمعة المقبل21 يونيو التي تحشد لها القوي الأسلامية.. وهاجم ممثلو الجماعة والحزب حركة تمرد وجبهة الإنقاذ واعتبروا أن30 يونيو هو مجرد حمل كاذب واتهموا المعارضين بالتخطيط للعنف في هذا اليوم. وأكد دربالة وأبو النصر وحارص أن الحل هو الانتخابات البرلمانية.. وغير ذلك مجرد محاولات لتعطيل الديمقراطية ومسيرة الإستقرار حسب توصيفهم, وإلي تفاصيل الحوار الذي استغرق ساعتين وشهد شدا وجذبا وبدأ بعد موعده المقرر بنحو الساعتين. الأهرام: علمنا أن لديكم مبادرة أو أطروحة للخروج بمصر من الأزمة الحالية؟ دربالة: بالفعل هناك مبادرة نكشف عنها لأول مرة للتعامل مع المشهد الحالي تتضمن ضرورة احترام الشرعية والاعتراف بوجود أخطاء في الإدارة وإعلان المطالبة الشعبية للرئيس, وهي تصلح للبناء عليها كخريطة طريق. الأهرام: ما هي النقاط المحددة للمبادرة؟ والمطالب التي تري الجماعة أن هناك إجماعا عليها؟ دربالة: الحفاظ علي الشرعية والديمقراطية باعتبارها المكسب الأساسي للإرادة الشعبية ينتقل بمصر إلي مرحلة الاستقرار لذلك فهناك شرعية لابد أن تحمي وتحترم وأخطاء يجب تصحيحها فمن المهم حماية إرادة الشعب وإكمال الرئيس مدته التي انتخب علي أساسها والنقطة الثانية في المبادرة هي الاعتراف بوجود أخطاء وقصور في الإدارة, ويمكن إضافة نقطة ثالثة وهي إعلان المطالب الشعبية وعرضها علي الرئيس ومطالبة الحكومة والنظام بتنفيذها تباعا. الأهرام: هل تشاورتم مع أحزاب وقوي سياسية أخري حول المبادرة؟ دربالة: أبلغنا بها بعض قوي التيار الإسلامي, وسوف نعلن عن المبادرة كاملة في مؤتمر صحفي في غضون هذا الأسبوع. الأهرام: هل تتوقع استجابة المعارضة للمبادرة؟ دربالة: نتوقع عدم التجاوب الكبير من المعارضة مع المبادرة, حيث رفضت من قبل الكثير من المبادرات, فهم يسعون لنتيجة محددة وهي استبدال النظام الحالي بأشخاص معينين والجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية يرون أن هناك4 أهداف للمبادرة, ثلاثة أهداف منها يتفق عليها الجميع, والهدف الأخير يواجه اختلافات والأهداف المتفق عليها تشمل ضرورة الحفاظ علي الدولة المصرية ومؤسساتها, وإبعاد القوات المسلحة عن الدخول في أي صراع سياسي, وهو ما يدركه الجيش تماما من محاولات الزج به في فخ لاستنزافه, والهدف الثاني هو ضرورة انتصار الثورة, فقد قدمت شهداء ومصابين أبرارا لنجاح الثورة, والهدف الثالث هو العمل علي تقدم الوطن والانتقال لحالة البناء والإنتاج, أما النقطة الأخيرة محل الخلاف فهي نجاح المشروع الإسلامي الوسطي لتقديمه في صورته الحقيقية, من احترام حقوق الإنسان, والإعلاء من شأن المرأة وحماية الفقراء واحترام هوية المسلمين والمسيحيين لأنهم أبناء وطن واحد. الأهرام: تحدثتم عن أخطاء يجب إصلاحها.. فهل تعتقدون أن البداية جاءت مع إلزام الرئيس مرسي نفسه بحل بعض المشكلات المعقدة خلال100 يوم؟ دربالة: إعلان الرئيس عن برنامج ال100 يوم جانبه الصواب, حيث أخطأ في تقديري في تحديد مدي تعاون المعارضة معه, والعمل معا لخدمة الوطن, وواجه الرئيس محاولات مبكرة ومساعي متعمدة مدعومة من قوي إقليمية لإفشاله, وهناك دعوات جبهة الانقاذ أو حملة تمرد التي تطالب بإسقاط مرسي.. وفي الوقت نفسه لا نري أي برامج محددة أو نظاما معينا كبديل لما بعد رحيل النظام. وقد لخص الفريق عبد الفتاح السيسي الأزمة في جملة واحدة منذ شهور وهي لابد أن لا نختلف علي من يدير البلاد. الأهرم: لكن حملة تمرد وقد قرأت الورقة جيدا تدعو لانتخابات رئاسية مبكرة وهي دعوة سلمية ديمقراطية وموجودة في بلدان عديدة, كما أنها تستعيد موروثا شعبيا ومصريا بالتوقيعات مثلما حدث مع الوفد المصري في مطلع القرن العشرين؟ دربالة: الأوضاع مختلفة تماما من كل الوجوه, والمقارنة خاطئة.. فكل عصر له ظروفه, كل دولة لها تركيبتها السياسية والاجتماعية, كما أننا لا نثق في أرقام حملة تمرد, خاصة أن الشاعر أحمد فؤاد نجم أعلن أنه وقع علي16 استمارة.. وإذا كان ما تدعيه تمرد بأن لديها15 مليون توقيع, فلنذهب لصندوق انتخابات مجلس النواب ويحصلوا علي الأغلبية ويشكلوا الحكومة ويفعلوا ما يريدون بطريقة ديمقراطية. الأهرام: الانتخابات الرئاسية تعني أيضا الصندوق؟ دربالة: الرئيس مدته أربع سنوات وهذا عقد بينه وبين الذين انتخبوه وهم الغالبية من الشعب المصري, كما أن هذه الدعوة غير قانونية ولا دستورية مع التسليم بنبل بعض من يدعون لها.. وهنا لابد من الاجابة عن ثلاثة أسئلة مهمة هي: هل مصر تريد تغييرا سلميا أم عنيفا؟ وهل نريد التغيير وفق قواعد منضبطة متفق عليها أم نريد تغييرا علي حساب الشرعية والإرادة الشعبية التي تحترم مؤسسات الدولة, كما أن تمرد تسعي للدخول في اضطرابات, وأعتقد أن هناك قناعة داخل المعارضة بأنهم لن ينالوا ثقة الشعب بمنحهم الأغلبية في انتخابات مجلس النواب لذلك يتحدثون عن مجلس رئاسي مدني واستدعاء الجيش وتلك ليست حلولا. الأهرام: كيف ترون الحل للخروج من الأزمة الحالية؟ دربالة: انتخابات مجلس النواب هي الحل الآمن لمصر, فهي تكفل إنهاء المرحلة الانتقالية وبناء مستقبل أفضل للبلاد, والخروج من أزمة تقييم الرئيس, وفقا لما تدعيه جبهة الإنقاذ وحملة تمرد من وجود معارضة كبيرة للرئيس.. فهذه يعني ألا تكون مجرد كلام وإنما بصناديق الانتخابات. د. حارص: ما يجري لا ينتمي إلي وسائل التعبير الديمقراطي المتعارف عليها في العلوم والبلدان الديمقراطية من حرق مقار الاخوان والاعتداء علي قوات الأمن ومحاصرة المساجد واستخدام العنف والرعب! بعيدة تماما عن الوسائل الديمقراطية والقانونية بل هي تستوجب المساءلة القانونية, ومن المدهش أن الليبراليين والعلمانيين في مصر الذين ينقلبون علي نتائج خمسة انتخابات جاءت في كل مرة بالمرجعية الاسلامية كفائز بالارادة الشعبية. الأهرام: أحد مطالب المعارضة هو وجود ضمانات لاجراء الانتخابات البرلمانية كيف تري ذلك؟. أبو النصر: قدمنا ورقة عمل في الحوار الوطني وذهبنا فيها لأبعد مما تطلبه المعارضة وتم ادراج ضمانات كبيرة لنزاهة العملية الانتخابية. حارص: ملف ضمانات الانتخابات ملف فرعي لمحاولة خلق مشاكل فقد مررنا ب5 انتخابات لم يحكمها سوي قاض داخل اللجنة وضابط جيش خارج اللجنة فلم ير أحد عمليات تزوير أو تدخل من قبل الحكومة وملف الانتخابات والحديث عن ضمانات لنزاهتها عملية تشويش ليس إلا فقد انتهي زمن التزوير منذ ثورة25 يناير فهناك لجنة عليا من القضاة تشرف علي عملية الانتخابات اضافة إلي مراقبة المواطنين أنفسهم لكل خطوة للانتخابات. الأهرام: كيف تري الجماعة الاسلامية دور الاعلام المصري في هذه الأزمة؟ د. الحارص: كان الاعلام مرشحا لقيادة الثورة ولم يفعل فلا استقرار في مصر بدون الاعلام حيث تحوله بعض وسائل الاعلام لأداة من أدوات الصراع السياسي فهو شريك في الأزمة وعليه أن يكون شريكا في الحل فهو المرشح الوحيد لإنهاء حالة الصراع والعراك والشجار الدائر حيث يستطيع أن يغلق شاشاته وأدواته أمام من يأخذ مصر إلي طريق الشر ويفتحها أمام من يأخذها لطريق الخير ومناقشة ملفات الاتفاق وتأجيل ملفات الخلاف الآن وكشف الفاسدين ومواجهة المستغلين وفضح الانتهازيين بالأدلة والشواهد والبعد من التحليلات الانتقائية ومحاولة توجيه الجماهير بطريقة معينة. الأهرام: البعض يحاول عقد مقارنة بين25 يناير2011 و30 يونيو2013 كيف تري الجماعة هذه المقارنة؟ حارص: لا يوجد أي تشابه في الحالتين ويجب علي الداعين لهذا الارتباط التخلي تماما عن وجود فكرة استنساخ ثورة25 يناير, فقد كانت الثورة بإجماع المصريين علي ضرورة تغيير النظام, بينما يشهد الموقف الحالي انقساما استمرت فيه الغلبة والأغلبية للرجعية الإسلامية, كما أن الرئيس الذي قامت عليه ثورة يناير ليس منتخبا ولا يعبر عن الإرادة الشعبية في حين أن الرئيس الحالي جاء بانتخابات نزيهة وإرادة شعبية واضحة اضافة إلي أن السلطة التشريعية قبل25 يناير كانت ضرورة بامتياز بينما المؤسسة التشريعية الأن تعبر عن الإرادة الشعبية وتتسق مع القانون والدستور كما أن الرئيس والنظام الذي قامت عليهما الثورة اتسما بالفساد والافساد وأن الرئيس الحالي ونظامه يخلو تماما من ذلك وأن أداءه فقط هو محل الخلاف. الأهرام: كيف ترون مظاهرات30 يونيو؟ 30 يونيو هو حمل كاذب وغير حقيقي فالثورات لها قانون وليس من قوانينها خلق حالة غير موجودة فهو يوم عادي يراد تضخيمه حتي يشعر البعض أن هناك ثورة جديدة بالمخالفة للواقع. حارص: مشكلة30 يونيو لا ترتبط بأداء الرئيس أو الحكومة وإنما هي حالة نفسية وسياسية يعيشها العديد من أفراد الشعب جعلتهم يتمسكون بالتعصب الأعمي للتعبير عن رأيهم, ووقوع البعض في هذه الحالة, لذلك فنحن نري أن الرئيس محمد مرسي رجل قوي لديه ايمان كبير ولايسعي لخداع الجماهير فقد استطاع انجاز الدستور وانهاء حكم المجلس العسكري, وقام بعدد من الزيارات الخارجية لدعم التعاون وتوثيق العلاقات الخارجية لمصر خاصة زيارته للسودان والصين. و03 يونيو هو أحد ملفات الضغط علي الرئيس مرسي الذي لم يرضخ لأية جهة خارجية سواء الولاياتالمتحدةالأمريكية أو اسرائيل الأهرام ماذا ستحمل مليونية الجمعة المقبلة التي دعت لها القوي الاسلامية؟ دربالة: مليونية الجمعة القادمة ندعو الشعب من خلالها لحماية الشرعية والاعلان عن عدد من المطالب التي تم رصدها والتي تتضمن جزءا كبيرا من رغبات الشعب الذي تواصلنا معه في القري والمدن وستكون المليونية تحت عنوان الشعب يريد من الرئيس وتشمل مطالب اجتماعية وأمنية وسياسية وعرضا لآمال وطموحات المواطنين ومناقشة أخونة الدولة, وتشمل المطالب الاجتماعية الاهتمام بصغار الموظفين وحماية حقوقهم وضرورة رفع مرتباتهم بنسبة52% وخاصة المعاشات وتوفير فرص عمل للشباب, أو صرف اعانة بطالة لهم طبقا لما أقره الدستور والاهتمام بالفلاحين وتسويق المحاصيل واتخاذ قرارات واضحة وفاعلة للنهوض بهم, أما المطالب الأمنية فتتضمن ضرورة تشديد عقوبات البلطجة, ومد الحبس الاحتياطي حتي المحاكمة العاجلة مع أهمية اعادة هيكلة الشرطة ودعمها لتعمل في إطار القانون وحقوق الانسان, إضافة إلي وجود ضمانات قوية لاجراء انتخابات نزيهة من خلال الاتفاق مع القوي السياسية والدخول في حوار وطني دون شروط مسبقة وجدول أعمال مجدد وهو ما يؤكده المحور السياسي وحول ما يثار في قضية الأخونة لابد من مراجعة جميع التعيينات التي تمت منذ الثورة حتي الآن, حيث شاب بعضها الكثير من الفساد وتعيين أشخاص غير أكفاء في أماكن قيادية,إلا أن هناك جزءا من عملية الأخونة يمكن قبوله, وذلك طبقا للقانون والكفاءة فنحن نخاطب الشعب المصري لصالح الوطن وعلي المواطنين الحكم ونبذ الأمور التي تضر بمصلحة البلاد. ويعلق صابر الحارص: نطالب بضرورة دعم المؤسسة الأمنية ورجالها تشريعيا ومعنويا وماديا للقيام بدورها في مواجهة أعمال الشغب والجريمة والسطو والنهب والخطف والتي تمثل أهم أسباب الأزمة الحالية.