في الوقت الذي تشهد فيه الساحة المحلية جدلا واسعا حول أبرز النقاط التي ينبغي التفاوض بشأنها مع الجانب الإثيوبي وعلي رأسها التأكد من مدي أمان السد والرجوع إلي أصل تصميماته التي وافقت عليها الجهات العالمية المختصة وبسعة لا تزيد علي14 مليار متر مكعب ومد الفترة التخزينية من5 سنوات فقط إلي ما بين10 و15 عاما علي الأقل, وضرورة مشاركة مصر في إدارة السد ومراحل إنشائه فإن جدلا أوسع وجد طريقه بين الجميع بشأن تحديد الأضرار المترتبة علي بناء سد النهضة وضرورة البحث عن بدائل آنية وتطبيقها في أسرع وقت ممكن حتي إذا حدثت انفراجة في الأزمة الراهنة بين القاهرة وإديس أبابا لأن مصر تعاني حقيقة من الفقر المائي في الوقت الحالي. وفي هذا الصدد, نظم التحالف الشعبي الاشتراكي مؤخرا بنقابة التجاريين ندوة بعنوان أزمة سد النهضة أو البدائل المتاحة, وذلك لبحث الآثار السلبية المترتبة علي بناء سد النهضة الإثيوبي علي حصة مصر المائية ومدي ضرورة البحث عن بدائل للخروج من تلك الأزمة الكارثية أو للتقليل من أضرارها قدر المستطاع. وخلال الندوة, أكد الدكتور زكريا الحداد, أستاذ بكلية الزراعة بجامعة بنها وخبير زراعي وعضو مجلس أمناء التيار الشعبي, أن بناء سد النهضة كما هو مخطط له من قبل إثيوبيا يعد انتهاكا صارخا ضد حق المصريين في الحصة المائية من مياه النيل. وعدد الحداد بعض الأضرار المترتبة علي بناء السد كما هو معلن الآن وبسعة تخزينية تبلغ74 مليار متر مكعب, محذرا من ملئه في5 سنوات فقط وما يترتب عليه من انخفاض الحصة المائية لمصر بحوالي15 مليار متر مكعب سنويا, وهو ما يترتب عليه التالي: أولا: اعتبار مليوني فدان من أخصب الأراضي في مصر غير صالحة في زراعة وتضرر5 ملايين فلاح و25 مليونا آخرين من ذويهم وأسرهم. ثانيا:تخفيض الانتاج الزراعي بما يقل عن50% في مصر, مضاعفة فاتورة الاستيراد الغذائي من الخارج. واستكمال مشروع وزراة الري الخاص بتطوير الترع والمساقي الفرعية في أقرب وقت ممكن وضروة استخدام أحدث التقنيات الزراعية التي ثبتت ملاءمتها الفنية وجدواها الاقتصادية, حيث إنها تزيد الانتاج الزراعي بما لا يقل عن40%. والتركيز علي زراعة المحاصل والأشجار المثمرة الأقل اعتمادا علي الماء ومن أهمها النخيل. واستبدال المزارع السمكية التقليدية الحالية بأخري عصرية أكثر انتاجية وأقل اعتمادية علي الكميات المائية. بالاضافة إلي السرعة في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لتعويض النسبة المتوقع انخفاض إنتاجها من السد العالي نتيجة لعدم قدرته علي توليد الكهرباء بالطاقة القصوي بسبب انخفاض منسوب الماء خلفه بسبب بناء سد النهضة. سادسا: ربط نهر النيل بنهر الكونجو والذي ينتج نحو45 ألف متر مكعب في الثانية الواحدة, وذلك عن طريق تحويل المصب من المحيط الاطلنطي والاستفادة بمياهه. وفي المقابل ينبغي علي المصريين تبني رؤية مختلفة لمعالجة المشكلة تقوم في جزء كبير منها علي تخفيف روح العداء للإثيوبيين ومحاولة رأب الصدع معهم وزيارة التعاون بين الجانبين, الذي يمكن أن يتحقق عن طريق التعاون مع أديس أبابا في زراعة المناطق السهلية المحيطة بمنابع نهري جوبا وشيلي. من جانبه, ذهب الدكتور أيمن شبانة, نائب مدير مركز الدراسات السودانية بجامعة القاهرة إلي أن البديل الأهم هو الضغط علي الدول المانحة لإثيوبيا ولاسيما الصين وإيطاليا وإسرائيل لوقف تمويل استكمال مشروع سد النهضة, حيث إن الصين لها علاقات تجارية مع مصر تقدير ب7 مليارات دولار سنويا واستثمارات بقيمة005 مليون دولار, علاوة علي وجود نحو ألف شركة صينية تعمل داخل مصر, كما أن إيطاليا لها علاقات تجارية معنا تقدر بنحو5.7 مليار دولار سنويا. وأكد شبانة أن الضغط علي هاتين الدولتين يتم من خلال تقديم المزيد من التسهيلات والمزايا لحملهما علي وقف تمويل السد الإثيوبي, أي ببساطة أن سياسة الجزرة الترغيب أفضل من سياسة العصا'الترهيب' في هذا المضمار. أما بالنسبة لإسرائيل فيمكن الضغط عليها بأكثر من ورقة كالمصالحة الفلسطينية ومراجعة أسعار تصدير الغاز الطبيعي, حيث إن تل أبيب وإن كانت قد نجحت مؤخرا في اكتشافه ومن المتوقع أن تصبح قريبا من أبرز مصدريه إلا أنها تحصل علي الغاز المصري الآن بأرخص من أسعاره العالمية الحالية وفقا لاتفاقية أبرمت في عهد المخلوع مبارك, علاوة علي التلويح بإمكان مراجعة معاهدة السلام وفقا لماهو منصوص عليه بها. ثانيا: التحرك نحو القرن الإفريقي والسعي لتحقيق توازن قوي وما يخدم المصالح والنفوذ المصري هناك وتقوية العلاقة مع دول الجوار وخاصة إريتريا وجيبوتي والصومال وما يشكل ضغطا نفسيا وسياسيا علي إثيوبيا. ثالثا: تقديم صورة تفصيلية عن الوضع المائي بمصر لصندوق النقد والبنك الدوليين وكافة المؤسسات المالية الدولية الأخري, رابعا: تشكيل لوبي مصري وتحرك دبلوماسي مصري عاجل للضغط عالميا علي اثيوبيا بشأن سد النهضة وحملها علي التفاوض مع مصر وما يخدم مصالح الطرفين دون إضرار أي منهما, خامسا: التقدم بشكوي إلي مجلس الأمن الدولي والمحاكم الدولية المختصة بشأن الأضرار المتوقع أن تلحق بمصر جراء سد النهضة.