احتضنت القاعة الكبري في مركز المؤتمرات بمدينة نصر لقاء مهما دعت إليه بعض القوي والأحزاب الرئيسية وبعض من النقابات المهنية, وكان موضوع اللقاء هو كيفية التعامل مع قضية السد الأثيوبي ومدي تأثيره علي الحصة المائية والكهربائية لمصر. وقد استجاب رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي مشكورا للدعوة الموجهة لسيادته لحضور هذا المؤتمر. وقد لاحظ المشاركون في المؤتمر وجود أطياف عديدة من الشعب المصري تمثل شرائحه التي تغطي أيضا المساحة الجغرافية المصرية, فلقد حضر مواطنون من سيناء ومرسي مطروح ومن صعيد مصر ومحافظات الدلتا بالإضافة إلي الحاضرين من العاصمة ممثلين عن الحكومة والمجلس التشريعي, ومنظمات المجتمع المدني. وصف البعض جمهور الحاضرين بأنهم أهل الرئيس وعشيرته, وهذه لغة اعتدنا عليها من الذين اختاروا الابتعاد عن الإجماع الوطني والاعتراض علي كل خطوة تأتي من الرئاسة أو الحكومة. ولقد كان اللقاء مفعما بالمشاعر الوطنية ولم يكن الحديث فيه موجها من المنصة إلي القاعة فقط بل إن جمهور الحاضرين في القاعة قد شارك بإبداء رأيه مختلطا بهتافات التأييد لجمع الأمة حول هذه القضية الوطنية, بل إن واحدا من الحاضرين قاطع مقدم المؤتمر وألقي أنشودة جميلة المعني والمبني وبصوت رخيم اهتزت له القاعة تأييدا وتصفيقا, فإن وصف هذا الجمع بالأهل والعشيرة فنعم الأهل هم ونعم العشيرة هي. ولقد سادت الصراحة والشفافية كلمات الجميع حيث أشار د. صفوت عبد الغني( حزب البناء والتنمية) متحدثا عن الأحزاب إلي وجود أطراف خارجية لها دور كبير في هذه المشكلة وطالب في توصياته جميع المعنيين بالأمر من الحكومة واللجان المتخصصة من منظمات المجتمع المدني بالتواصل مع سائر الدول والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الشأن وذلك من أجل العمل الدءوب لتلافي أي سلبيات تتعرض لها مصر نتيجة بناء السد الأثيوبي. وأكد الدكتور أكرم الجنزوري ضرورة تأسيس منظومة تعاون حقيقي مع جميع دول حوض النيل ووجوب البدء في مفاوضات مباشرة ثنائية ومتعددة من أجل أن يعود النفع علي جميع الدول, كما شدد علي ضرورة ترشيد الاستخدامات المائية في جميع مناحي الحياة وأشار إلي المعاهدات الدولية التي تحفظ لمصر حقها التي لا يجوز الإخلال بها ولا تعديلها. ثم تحدث الرئيس بصراحة تامة حيث أعلن عدة نقاط أولاها: أن الأمن المائي للبلاد له أولوية مطلقة لدي كل مصري وأنه عند نقص قطرة من مياه النيل فدماؤنا هي البديل موضحا أنه لا فرق هنا بين مواطن ومواطن وأعلن سيادته أن كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع هذا الملف, وحينها وجه سؤالا إلي الحاضرين بقوله هل أنتم مستعدون؟ فإذا بالقاعة تضج بالتأييد والتصفيق تأكيدا علي أن هذه القضية تحتاج إلي اصطفاف وطني. وقد وجه الرئيس رسالة واضحة لكافة القوي السياسية قائلا أدعوكم إلي أن نتناسي خلافاتنا الحزبية حماية لمصر حتي يمكن أن نتخطي التحديات, وجدد دعوته إلي المصالحة الوطنية الشاملة متوقعا أن هذا النداء سيجد صداه عند قيادات سياسية لا يزايد أحد علي وطنيتها, وأعرب عن استعداده للذهاب للجميع فرادي وجماعات من أجل مصلحة الوطن. ويبقي السؤال: هل نتوقع من الأطراف المعارضة أن تستجيب للنداء أم تكتفي بالجلوس في مقعد الشريك المخالف؟. إن التعامل مع القضايا الوطنية يوجب علي الجميع المشاركة بفاعلية وتناغم حتي لا نسمع صوتا نشازا في وقت نحتاج فيه إلي سيمفونية وطنية تسعد سامعيها كما أسعدنا رئيس الجمهورية وذكرنا بما أنشده موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب في رائعته النهر الخالد وهو يخاطب نهر النيل: سمعت في شطك الجميل... ما قالت الريح للنخيل والقصيدة من تأليف الشاعر المبدع محمود حسن إسماعيل. فيا أيها المصريون الوطن يناديكم والنيل يناديكم ورئيس مصر يناديكم, فماذا أنتم فاعلون؟. لمزيد من مقالات د.حلمى الجزار