مرت أمس ذكرى الكاتب والمفكر فرج فودة الذي إغتالته يد الإرهاب عام 1992 بعد أن تم تكفيره بسبب آرائه الصريحة فيمن يتشدقون ويتاجرون بالدين .. كانوا يعتقدون أن بقتله سيموت فكره وتنتهي كلماته ولكن بعد كل هذه السنوات نتذكر ما قاله في كتبه وكأنه كان يقرأ المستقبل ويتنبأ بما هو واقع نعيشه في يومنا هذا، وكأنه معنا يرى ما نراه ويعلق عليه.. لنتذكربعضا مما قاله هذا المفكر الكبير حيث عوقب بالقتل لأنه كشف حقيقة المتأسلمين وقرأ طريقة تفكيرهم قرأة صائبة : · " لهم عقول ولنا عقول، ولهم ماض يهربون إليه ونهرب نحن منه، ولهم مستقبل يهربون منه ونسعى نحن إليه، وليس بيننا وبينهم إلا وطن نحلم به متماسكا ويحلمون به ممزقا بل ينكرون حتى وجوده ... · إن المستقبل يصنعه القلم لا السواك، والعمل لا الاعتزال، والعقل لا الدروشة، والمنطق لا الرصاص. · هل يجوز لنا أن نتأسى بعمر فنعطل نصا أو نجتهد مع وجوده ويصل بنا الإجتهاد إلى مخالفته إذا انعدمت علته أو تغيرت أسبابه ؟ · سيصرخون ضد الغناء ، وسيغني الشعب، سيصرخون ضد الموسيقي، وسيطرب الشعب سيصرخون ضد التمثيل، وسيحرص علي مشاهدته الشعب، سيصرخون ضد الفكر والمفكرين، وسيقرأ لهم الشعب سيصرخون ضد العلم الحديث، وسيتعلمه أبناء الشعب، سيصرخون ويصرخون، وسيملأون الدنيا صراخا، وسترتفع اصوات مكبرات صوتهم وستنفجر قنابلهم، وتتفرقع رصاصاتهم، وسوف يكونون في النهاية ضحايا كل ما يفعلون وسوف يدفعون الثمن غاليا حين يحتقرهم الجميع، ويرفضهم الجميع، ويطاردهم الجميع .. · إن تنامي الجماعات الإسلامية وتيارات التطرف السياسي الديني في مصر، يعكس تأثير التربية والتعليم والإعلام في مجتمعاتنا، حيث التفكير دائماً خاضع للتوجيه، والمنهج دائماً أحادي التوجه والاتجاه، والوجه الواحد من الحقيقة هو الحقيقة كلها ... الأمر الذي يدعو إلى التفكير، وهو أمر جد مختلف عما يدفع إليه المنهج السائد إعلامياً، والذي لا يعرض من الحقيقة إلا الجانب المضيء، ولا يعلن من الآراء إلا رأياً واحداً، ولا يدفع المواطنين إلا إلى اتجاه واحد، وهو من خلال ذلك كله يهيء الوجدان لقبول التطرف، ويغلق الأذهان أمام منطق الحوار · الأذان والناقوس سوف يتعانقان على هذه الأرض دائماً، فالكل عابد لله، عاشق للوطن، وسوف تبقى مصر، شامخة كما أردت وكما نريد، منيعة على الفرقة، مستعصية على الفتنة، مستحيلة الانقسام .. ويا عقلاء مصر...هل نلتقي سويا على كلمة سواء؟ · إننا جميعا في حاجة إلى إعادة توزيع الأدوار، ليتكلم رجال الدين في الدين و ليتكلم رجال السياسة في السياسة، أما أن يرفع رجال الدين شعارات سياسية إرهابا ويرفع رجال السياسة شعارات دينية استقطابا فهذا هو الخطر الذي يجب أن ننتبه إليه. · من ينادون بعودة الخلافة، إن أعجزهم الاجتهاد الملائم للعصر رفضوا العصر، وان أعجزهم حكم مصر هدموا مصر. · إننا نقبل بمنطق الصواب والخطأ في الحوار السياسي، لأن قضاياه خلافية، يبدو فيها الحق نسبياً، والباطل نسبياً أيضاً، ونرفض أن يدار الحوار السياسي على أساس الحلال والحرام، حيث الحق مطلق والباطل مطلق أيضاً، وحيث تبعة الخلاف في الرأي قاسية لكونه كفراً، وتبعة الاتفاق والمتابعة قاسية أيضاً لمجرد كونها في رأي أصحابها حلالاً، حتى وإن خالفت المنطق، بل حتى وإن خالفت الحلال ذاته ولم تكن أكثر من اجتهاد غير صائب تسانده سلطة الحاكم باسم الدين، ويؤازره سلطان العقيدة في ساحة غير ساحتها بالقطع. · تبدأ الدائرة المفرغة في دورتها المفزعة، ففي غياب المعارضة المدنية سوف يؤدي الحكم العسكري إلى السلطة الدينية ولن ينتزع السلطة الدينية من مواقعها إلا الإنقلاب العسكري، الذي يسلم الأمور بدوره، بعد زمن يطول أو يقصر، إلى سلطة دينية جديدة.. وهكذا، وأحيانا يختصر البعض الطريق فيضعون العمامة فوق الزي العسكري كما حدث ويحدث في السودان "
رحم الله شهيد الفكر فرج فودة الغائب الحاضر دائما، عسى أن نتدبر ما قال من أجل بناء المستقبل.. اللهم افرغ علينا صبرا...