كلما حلت بنا مصيبة أو كارثة من تلك النوعية التى اعتدنا عليها الآن بشكل شبه يومى فاننا نفاجأ بالغالبية من الشعب المصرى وقد تحولوا الى محللين سياسيين ونقاد ويصبح بعضهم بقدرة قادر "خبراء" وقادة رأى أيضاً. واللافت للنظر فى هذا الأمر أن أى مواطن أصبح يتحدث الآن فى كل شئ وعن أى شئ وهو فى الحقيقة ربما لا يكون يعرف "الألف من كوز الذرة " والغريب أنك حينما تستمع إليه يعطيك انطباعاً بأنه يمتلك ملفات ووثائق مهمة وفى غاية السرية وكأنه حصل عليها من أجهزة الاستخبارات العالمية. أما الكارثة الحقيقية التى ترتبت عن تلك الفوضى التى صنعها الإعلام المضلل فتتمثل فى أن الخبراء الذىن يتحدثون بالفعل عن علم وعن دراية بحقيقة الأمور لا أحد يصدقهم بعد أن تاهت الحقيقة وانحرفت عن الطريق الصحيح ، وبعد أن تعرضت المصداقية للاغتيال على يد حفنة من المرتزقة والمأجورين الذين بيثون سمومهم عبر الفضائيات التى تستضيف الآن كل " من هب ودب" لترضى مصادرها الاعلانية . إن ما يحدث ونعيشه الآن من فوضى "معلوماتيه" يذكرنى بقصة تعود إلى قديم الزمان حول تاجر كان يبيع البقوليات مثل العدس والفول ، وذات يوم هجم عليه لص وسرق نقوده وحاول الهربض ، فتعقبه التاجر وجرى خلفه وفي اثناء جرى اللص واستعجاله تعثر في "شوال" عدس فتبعثر كل ما فيه .. وما أن رأى الناس حبوب العدس وهى تملأ الأرض حتى تعجبوا من جرى التاجر خلف اللص وظنوا أن اللص سرق العدس والتاجر يجري خلفه ،فوجهوا له اللوم و قالوا له: كل هذا الجرى من اجل "حفنة عدس" واتهموه بأنه ظالم وليس في قلبه رحمة ولا تسامح .. فرد عليهم التاجر قائلاً "اللي ميعرفش يقول عدس" وكانت هذه هى الجملة الشهيره التى ظلت تتناقلها الأجيال حتى اليوم وصارت مثلاً نردده حينما نرى هؤلاء الأفاقين الذين يملأون ساحات الاعلام الآن وهم يتحدثون فى أشياء لا يعلمون عنها أى شئ ويضللون الرأى العام بالكلام عن موضوعات بعيدة كل البعد عن الحقيقة.