ضغوط الحياة اليومية وما تسببه من توتر وقلق وخوف وضغط عصبي وغيرها من المتاعب والأمراض النفسية قد تدفع الكثيرين إلي اللجوء لأسهل الحلول وهو تناول المهدئات أو مضادات الاكتئاب للتخلص من هذه المشاعر السلبية التي يواجهونها أثناء اليوم أو عند النوم وهوخطأ يتسبب في أضرار صحية أو يسبب نوعا من الإدمان خاصة أن هذا يحدث عادة دون استشارة الطبيب, لأن ما يناسب شخص قد لايناسب غيره لاختلاف السن والحالة الصحية وما يتناوله من أدوية أخري. فما هي ضوابط تناول هذه العقاقير بأمان دون إحداث ضرر بأجهزة الجسم المختلفة. تري د.محاسن علي حسن أستاذ أمراض المخ والأعصاب بكلية طب جامعة القاهرة أن انتشار تعاطي المهدئات ومضادات الاكتئاب في الفترة الأخيرة ليس بسبب أمراض نفسية ولكن نتيجة الإحباط الذي يشعر به معظم الناس لأنهم لا يستطيعون تغيير الواقع, لذلك لابد أولا من محاولة التغلب علي الإحباط بالإيجابية واتخاذ الإجراءات الطبيعية للتخلص من هذا الاحباط وعدم الارتياح وسوء المزاج قبل التفكير في تناول هذه العقاقير لأن هذه المشاعر ليست أمراضا نفسية. أما بالنسبة لاضطرابات النوم فلها أسباب كثيرة يمكن علاجها قبل الإقدام علي تناول مهدئات للنوم. وتؤكد أن المهدئات ومضادات الاكتئاب يساء استخدامها بشكل كبير في مصر نتيجة السماح بصرف هذه العقاقير دون روشتة طبية وإنما بناء علي نصيحة أحد مستخدميها, وتأتي الخطورة هنا من اختلاف كل شخص عن الآخر واختلاف أنواع الأمراض النفسية بل والعصبية أيضا, لذلك فالطبيب هو الشخص الوحيد القادر علي تحديد الدواء المناسب لكل شخص علي حدة وفقا لحالته, فالأمراض النفسية متفاوتة في درجة شدتها, ووفقا أيضا لصحه الإنسان العامة, لأنه علي علم بطبيعة تفاعل العقاقير المهدئة مع أدوية السكر والضغط والكبد وغيرها. كما يراعي الطبيب وزن وسن المريض عند اختيار هذه المهدئات, فنوع الدواء وجرعته تختلف بالتأكيد في الأطفال مقارنة بكبار السن ومتوسطي العمر, كما أن درجة استجابة الأشخاص لنفس العقار تختلف بالطبع بالإضافة إلي مدي قابليته للإدمان وما إذا كان يمكن سحبه بسهولة, لذلك تؤكد ضرورة توخي الحذر عند تعاطي هذه العقاقير دون استشارة الطبيب المختص. أما عن تأثير تناول هذه العقاقير بدون وصفة طبية فتوضح د.محاسن أنها توصلت من خلال رسالة الدكتوراه التي أعدتها والتي ناقشت من خلالها تأثير الأدوية المطمئنة والمضادة للاكتئاب والقلق علي المستويات المختلفة للجهاز العصبي أن أكبر تأثير يكون علي جذع المخ لأن به مركز الدورة الدموية ومركز التنفس وبالتالي لو زادت الجرعة يمكن أن تؤثر عليهما وتؤدي إلي هبوط في الدورة الدموية. أما من ناحية الصيدلة فتوضح د. رانيا حسن فهمي المدرس بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة أن البعض يخلط بين الفئات المختلفة للمهدئات باعتبارها نوعا واحدا في حين أن لها فصائل وأنواع مختلفة ومتفاوتة في درجة الخطورة, فمثلا هناك مضادات الاكتئاب مثل فلوكسيتين وسيرترالين وفينلافكسين واسيتالوبرام وهذه الأنواع يجب ألا تؤخذ إلا بناء علي وصف الطبيب لأن غالبيتها تحتاج لفترة تتراوح ما بين أسبوع إلي أسبوعين كي يبدأ مفعولها بالإضافة إلي أن تعاطيها يستمر لفترة طويلة تمتد لشهور أو لسنوات حسب حالة المريض ومدي تقدمها, كما يجب اتباع سياسة الانسحاب التدريجي عند إيقافها حتي لا يحدث ارتداد مفاجئ. وهناك أيضا أنواع أخري من المهدئات تنتمي إلي فئة مزيلات القلق مثل فئة بنزوديازبينز ومن أشهرهاالبرازولام و ديازيبام أو فئة الازابيرون مثل البيوسبيرون, وهي مزيلة للتوتر الوقتي ولكن البعض منها يسبب الاعتياد وضرورة زيادة الجرعة مع الوقت مما قد يؤدي إلي إدمانه لذا لا تصرف إلا بوصفة طبية, في حين أن هناك أيضا فئة تنتمي إلي مهدئات الأعصاب وتكون من مصدر طبيعي علي هيئة أقراص ومتوفرة بالصيدليات, وهذا النوع من المهدئات لا يؤدي للاعتياد لذلك قد يلجأ لها البعض بدون وصفة طبية باعتبارها مخففة للتوتر الناتج عن إجهاد العمل وضغوط الحياة. والجدير بالذكر أن هذه الأدوية المهدئة نظرا لعملها الرئيسي علي الجهاز العصبي المركزي فإنها قد تتسبب في أعراض جانبية خطيرة تشمل الجانب النفسي مثل العدوانية الشديدة والميل للإنتحار وإلي التشوش والهلوسة أو الخمول الشديد والدوخ, كما أن لها أعراض جانبية جسمانية أخري مثل التأثير علي الكبد, لذا تؤكد د.رانيا ضرورة الرجوع للطبيب قبل الإقدام علي أخذ أي نوع من المهدئات لأنها قد تدخل الإنسان في متاهة يصعب الخروج منها فيما بعد.