بصفة مستمرة تطالعنا الصحف عن بعض ضحايا الأخطاء الطبية وإهمال المستشفيات والتي ينتج عنها كوارث إنسانية تعاني منها الأسر المصرية التي تبتلي بإصابة أحد أفرادها بالمرض.مع العلم أن نسبة ما ينشر في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة لا تمثل شئ علي الإطلاق بالنسبة لعدد الحالات التي توجد علي ارض الواقع. من أمثلة تلك الأخطاء، تلك الحادثة التي نشرت منذ أيام قليلة وهي دخول طفل لا يتعدي عمره خمس سنوات لإجراء عملية طهارة في أحد المستشفيات وبعد خضوعه للفحوصات اللازمة وتأكد الجراح الذي سوف يقوم له بالعملية من عدم وجود أي مانع قام بإجرائها له، وللأسف مات الطفل نتيجة إهمال طبيب التخدير بإعطاء الطفل جرعة زائدة أودت بحياته. ولم تكتفي إدارة المستشفي والأطباء بهذا بل قاموا بإعداد تقرير مرفق من المستشفي عن سبب الوفاة مدون فيه أن الوفاة نتيجة لهبوط حاد في الدورة الدموية وصعوبة في التنفس نتيجة عيوب خلقية بالقلب وهذا ما آثار شكوك الأب لأن ابنه كان سليم القلب والصحة عموماً وقد قام قبل إجراء عملية الطهور بوقت قليل بعملية استئصال اللوزتين ولم تحدث له أي مضاعفات وبالطبع فان هذا التقرير المزور محاولة من الجراح وطبيب التخدير وإدارة المستشفي لإخفاء وطمس الأخطاء الجسيمة التي وقعوا فيها والتي أدت لوفاة الطفل. وحالة أخري لطفل رضيع أصيب بضمور في خلايا المخ بعد إجرائه عملية شق حنجرة لشفط البلغم حيث تسبب خطأ طبي في عدم وصول الأكسجين إلي الطفل بشكل سليم أثناء العملية مما أدي إلي ضمور في خلايا المخ. وغيرها توجد الآف الحالات مسلسل من الأخطاء الطبية التي لا تنتهي ويدفع ثمنها هؤلاء المرضي ممن يقعون ضحايا لتلك الأخطاء. وعلي الجانب الآخر تكتمل المنظومة والتي تتمثل في الإهمال في المستشفيات بوجه عام فحدث ولا حرج فمن أين نبدأ؟ من سوء الإدارة والتي يصل في بعض المستشفيات إلي أقصي مداه، أم من الإهمال المركز عفواً أقصد العناية المركزة مروراً بالتمريض السئ حتي نصل للنظافة وما بها من إهمال جسيم يؤدي لكوارث فالميكروبات والفيروسات منتشرة وبصورة كبيرة فعند دخول المريض للعلاج من مرض ما في ساعات قليلة بيكون معرض وبقوة لانتقال أحد الميكروبات الخطيرة له بأي صورة من الصور ومن هنا تبدأ رحلة المعاناة والعذاب الحقيقي للمريض فيترك المرض الذي من أجله دخل المستشفي ويتم علاجه من الميكروب الذي انتقل له والذي بيكون في معظم الأحيان أشد بكثير وأخطر من مرضه الأساسي وفي أغلب الأحيان بيكون كفيل بالإنهاء علي حياة المريض في النهاية هذا فضلاً عن انتشار الدم الملوث. باختصار انتشر الفساد في المستشفيات وأصبح الإهمال واللامبالاة هما السمة السائدة في التعامل بين المرضي والعاملين بها ورغم هذا كله لا تجد أي رد فعل حقيقي من وزارة الصحة كأن هذا الذي يحدث لا يخصها علي الإطلاق بل انه يخص بلد آخر فهي لا تري لا تسمع لا تتكلم والأهم من هذا كله لا تفعل شيئاً يذكر. فأين الحساب علي هذه الكوارث والمآسي التي تصيب المرضي في مصر؟ خصوصاً وأن معظم البلاغات التي تقدم ضد أطباء مخطئين قد تحفظ نتيجة تقارير الطب الشرعي. وللتعرف علي حجم هذه المآسي التي يعاني منها المريض المصري بشفافية ووضوح رجاء أن تقوم إحدى المنظمات الخاصة بحقوق الإنسان بعمل إحصائية علي مستوي جمهورية مصر العربية لترصد بدقة العدد الفعلي لضحايا الأخطاء الطبية والإهمال بالمستشفيات بوجه عام. وعلي يقين من أن نسبة الضحايا سوف تفوق بكثير كل التوقعات بل إنها سوف تتفوق علي ضحايا حوادث الطرق والسكك الحديدية، فالمنظومة الطبية العلاجية في مصر دخلت منذ فترة في النفق المظلم ولا عزاء للمرضي لدينا والطريق للمستشفيات الآن أصبح طريق للدمار والهلاك وليس طريق للعلاج. فمصر تعيش كارثة طبية حقيقية فالطب يا سادة مهنة سامية مليئة بالرحمة والإنسانية ومن المفروض أنها تخفف معاناة المرضي ولكنها لدينا تزيدها بل تسير بهم لطريق الهلاك والقضاء عليهم بلا رحمة في معظم الأحيان. لمزيد من مقالات أمانى جمال الدين