استعدت كوكبة من علماء الأزهر الأجلاء لقيادة الركب من جديد, والانتشار في ربوع مصر لنشر الأخلاق والدين الوسطي المستنير بسماحته ووسطيته واعتداله. وتبديد المخاوف من شيوع التطرف ونشر التشيع في مختلف المحافظات, بعد أن غاب الأزهر لسنوات طويلة عن أبناء مصر الذين وقعوا فريسة للتضليل والتكفير والفتاوي المتطرفة والشاذة والغريبة. وأكد علماء الأزهر, أن إعلان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, عن انطلاق قوافل الأزهر الدعوية, التي تضم60 واعظا تلقوا دورات تأهيلية بالتعاون بين مشيخة الأزهر ودار الإفتاء وعدد من أعضاء هيئة كبار العلماء, يعد خطوة إيجابية وفعالة خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تجتاح مجتمعنا من أحداث التطرف والعنف والإرهاب, بالإضافة إلي محاولات نشر التشيع المستمرة داخل مصر. كما تسعي تلك القوافل الدعوية التي يرعاها المكتب الفني للإمام الأكبر لضبط أمور الفتوي من خلال اختيار أفضل العناصر من الوعاظ, وتأهيلهم تأهيلا علميا عاليا, يؤهلهم لعضوية لجان الفتوي بالأزهر, للوصول إلي أن تكون في كل محافظة أو مدينة كبري لجنة فتوي معتمدة من الأزهر الشريف, في سبيل ضبط أمور الفتوي في مصر كلها. وحول دور تلك القوافل وأهميتها, يقول الدكتور محمد مختار جمعة عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية, وعضو المكتب الفني لشيخ الأزهر لشئون الدعوة والإعلام الديني, إن القوافل الدعوية تأتي في إطار جهود الأزهر الشريف لنشر سماحة الإسلام ويسره وسعة أفقه وكونه رحمة للعالمين, وأوضح جمعة أن عمل الوعاظ الأزهريين سيركز علي ما يرقي بالأخلاق والسلوك والقيم, وما يدفع إلي العمل والإنتاج, ويقاوم الهدم والإفساد, والتصدي لكل ما ينال من الثوابت أو المقدسات الإسلامية, كمن يتطاول علي أصحاب رسول الله, صلي الله عليه وسلم, أو أمهات المؤمنين, رضي الله عنهن جميعا, كما تتصدي تلك القوافل الأزهرية لأي محاولات اختراق الفكر الشيعي لمجتمعاتنا السنية, وسبيلنا في ذلك الدليل الشرعي والحكمة والموعظة الحسنة في غير ضعف ولا عنف ولا تصادم, كما أن القوافل ستكون ملكا للوطن كله, تلبي رغبات من يبحثون عن الفهم الصحيح للإسلام والمعالجة الجادة المنصفة لقضايا الأمة, سواء من المؤسسات الدعوية العلمية أو التربوية أو الثقافية أو الإنتاجية أو غيرها. واجب الأزهر تجاه الأمة وحول أهمية تلك القوافل, يقول الدكتور طه أبو كريشة, عضو هيئة كبار العلماء, إن هذا هو واجبنا في المقام الأول الذي نحن مطالبون به من وراء انتمائنا وتعلمنا في الأزهر الشريف, الذي يحمل رسالة الإسلام منذ أنشئ قبل نحو ألف عام, وإلي أن يرث الله الأرض ومن عليها, وهي مسئولية ملقاة علي عاتقنا علي سبيل الفريضة لأن رسالة الإسلام رسالة مستمرة, والعلماء هم ورثة هذه الرسالة كما جاء في الحديث النبوي الشريف, ومن هنا فإننا نقدر كل التقدير هذه الخطوة المباركة التي تعد تطبيقا عمليا لما أمر به العلماء في كل وقت, مصداقا لقول الله عز وجل: أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن, وإذا كان العلماء مطالبين بذلك في كل وقت فإنهم في هذه الآونة بصفة خاصة مطالبون بأن يضاعفوا من مجهوداتهم العلمية في هذا المجال, نظرا لما استجد علي الساحة من أمور تدعو إلي التبصير والتوضيح ودفع الشبهات, والوقوف أمام المحاولات التي تخرج بتعاليم الدين عن منهجها الوسطي المستمد من كتاب الله تعالي ومن سنة رسوله صلي الله عليه وسلم, دون انحراف, أو شطط, أو تفريط, او إفراط, حتي تظل صورة الإسلام كما جاءت في كتاب الله عز وجل: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم, وفي قوله تعالي: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا.ومن هنا فإننا نوصي كل العلماء الذين خرجوا في سبيل الله تعالي للقيام بهذه الرسالة بأن يكونوا علي النحو المنشود المطلوب من الدعاة إلي الله عز وجل الفاقهين في دينه, الجامعين بين القول والعمل حتي يكون لدعوتهم التأثير المنشود الذي يخرج به الناس من الظلمات إلي النور, وحتي يكونوا ملازمين للثبات علي صراط الله تعالي المستقيم, كما قال عز وجل: قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني. أهداف القوافل الدعوية وفي سياق متصل يؤكد الدكتور محمد المختار المهدي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أن هذه القوافل ليست لمواجهة التشيع فقط, وإنما لتعرف الناس بصحيح الإسلام, ولتبصرهم بالمنهج الوسطي الذي يتبناه الأزهر, فالأمية الدينية منتشرة بين الشباب نتيجة عدم الاهتمام بالتربية الدينية والثقافة الدينية في المدارس والجامعات, والأزهر هو المرشح الوحيد لقبول الناس لتوجيهاته, وبالذات بعد أن ظهر علي الساحة الآن مجموعة تعتمد علي الآراء الغريبة والفتاوي الشاذة التي تثير الفتنة والبلبلة, ففقدت الناس بهم الثقة, لذلك يتعاون الأزهر الشريف مع وزارة الأوقاف والجمعية الشرعية في إطلاق تلك القوافل الدعوية الأزهرية. مواصفات المشتركين فيها ويري الدكتور محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أنه إذا تبني الأزهر هذا التوجه الجديد في الدعوة, فإنه تكثر الآمال في التأثير في جماهير الناس, وذلك يرجع إلي أمرين, الأول المستوي العلمي للمشتركين في هذه القوافل الذي يؤدي إلي بيان الأحكام الشرعية لما يجد في حياة الناس, وخصوصا هذه القضايا التي نراها الآن وتحتاج إلي إلقاء الضوء عليها من الناحية الشرعية, مثل المد الشيعي الذي يريد أن يجد له موقعا في مصر, ومن يشتركون في هذه القوافل, علي إدراك ووعي تام بفكرة التشيع, وخلطها الآن بالتوجه السياسي, لأن التشيع ليس مذهبا دينيا يراد له أن ينتشر انتشارا مدرجا مع عدم التوجه السياسي, وإنما هو يحركه في الأصل دوافع سياسية إيرانية, ولنا أن نتصور كيف يكون من المقبول دينيا أو وطنيا أو أخلاقيا أن يكون ولاء المصري لغير مصر, وهذه صورة يجب أن تكون في أذهان المشتركين في قوافل الدعوية, بجانب وجود إلمامهم بالخلافات الحادة بين ما يراه أهل السنة, وما يراه الشيعة الاثنا عشرية في قضايا تؤثر تأثيرا شديدا في الناحية الدينية للمسلم, فقضية زواج المتعة, وعصمة الأئمة عند الشيعة التي تفوق عندهم عصمة الأنبياء, وإلي هذا من قضايا لابد أن تكون في وعي المشتركين في التوعية في هذا الجانب.