ليسوا ضمن قائمة شهداء الثورة او شهداء اداء الواجب الشرطي أو العسكري, وليس لديهم محامون يتبنون قضايا للدفاع عنهم والحصول علي حقوقهم, بل إنها تهدر كما تهدر دماؤهم علي الاسفلت لتكتب شهادة وفاة لشهداء من نوع اخر, هم ضحايا حوادث الطرق.. الذين تتزايد معدلاتهم في صمت تام وكانها اصبحت واقعا لا جدال فيه, كل ما نفعله حياله هو البكاء والدعاء لهم بالرحمة..وعلي الجانب الآخر تأتي خسائر هذه الحوادث التي لاتقل خطورة عن خسائر البورصة حيث تنزف المليارات يوميا كما اكدت الاحصائيات ان حجمها يصل إلي15 مليارجنيه سنويا ولعل اهدار القوي البشرية يفوق هذه الأرقام خاصة اذا علمنا ايضا ان اعداد ضحايا الحوادث تزايد بنسبة50% عن العام الماضي! الملف القديم الحديث نتناوله من جميع الزوايا واحدث الاحصائيات مع وضع استراتيجية لاصلاح منظومة النقل في مصر بشكل عام.. تؤكد كل الدراسات والمؤشرات والحقائق أن قطاع النقل يعاني من التخلف لنصف قرن من الزمان علي الأقل. ولن يجد المواطن البسيط قبل الخبير والمتخصص أي معاناة أو صعوبة في التأكد واكتشاف تلك السلبيات التي نصطدم بها يوميا في التعامل مع منظومة خدمات النقل بداية من استخدام الطرق والشوارع والميادين والفوضي التي تعانيها وصولا إلي مرفق السكة الحديد المتدهور والمنهار, مرورا بغياب شبكة حديثة وآدمية لوسائل النقل الجماعي علي مستوي العاصمة والمحافظات. حالة التردي التي أصبحت السمة الرئيسية لقطاع النقل.. هل أصبحت قدرا علي المصريين؟ أم أن من حقهم أن يكون لديهم مرافق حديثة ومنظومة متطورة يتمتعون بها كما يحدث في جميع الدول الحديثة؟ السؤال طرحناه علي عدد من الخبراء في مقدمتهم الدكتور سعد الدين عشماوي أستاذ إدارة واقتصاديات النقل ورئيس الجمعية العلمية العربية للنقل.. فأجاب قائلا: لابد أن نعترف بداية أن قطاع النقل والخدمات المرتبطة به تعاني بالفعل من التخلف الشديد وحان الوقت أن تبدأ الحكومة في طي سنوات الإهمال والبدء من الآن في إتباع السياسات التي تضمن الانتقال إلي مصاف الدول المتقدمة في خدمات النقل. وحتي تتحقق النهضة المنشودة لابد من تنفيذ استراتيجية متكاملة تشمل عدة محاور اساسية يجب تنفيذها في توقيت واحد حتي تحقق الهدف منها.. المحور الأول يتمثل في ضرورة وجود منظومة قومية للنقل, وفقا للأسس العلمية التي تحكم صناعة النقل بالذات والتي تختلف عن أي صناعة أخري ومن أهمها: لكل وسيلة نقل استخدام معين حيث تقدم مستوي خدمة أعلي وبتكلفة أقلوثانيها توزيع الإمكانات المتاحة لنشاط النقل سواء من مصادر محلية أو خارجية علي مختلف وسائل النقل بشكل متوازن. فوحدة المنتج في صناعة النقل هو المنقول( راكب أو بضاعة) من أصل الرحلة إلي مقصدها, وعادة ما تتم علي أكثر من وسيلة نقل وأي قصور في متطلبات الرحلة يعني خللها إن لم يكن عدم إتمامها. وثالث محور هو ضبط حصيلة الإيراد حيث يبلغ الفاقد منه نحو40% علي بعض خطوط السكة الحديد ومترو الأنفاق وهيئة النقل العام بالقاهرة, وإقامة نظام حديث ومتطور لتحصيل الإيراد حتي ولو تكلف نصف الإيراد المهدر يعني وفرا صافيا بمليارات الجنيهات. ويتمثل المحورالرابع في إيقاف السياسة الخاطئة, والتي تتناقض تماما مع ما هو مطبق بعواصم الدول المتقدمة بنجاح والتي ترفع من كفاءة النقل الجماعي وتخفض من تكلفته وفي نفس الوقت تخفض من مستوي خدمة السيارة الخاصة وترفع من تكلفة استخدامها وهو ما يطبق عكسه تماما بالقاهرة ويؤدي بالإضافة للسياسات الأخري إلي رحلات نقل مفتعلة وغير مبررة, ومن ثم حجم أكبر لحركة المرور يقدر بنحو35% من حجم المرور الحالي, بالإضافة لرفع تكلفة النقل علي المستوي القومي, وزيادة في حوادث النقل لأعلي المعدلات العالمية. اما المحور الخامس فهو ان يكون هناك جهة واحدة مختصة بإنفاق الاعتمادات المتاحة لمشروعات النقل علي المستوي القومي, تخطيطا وإشرافا حيث تقوم حاليا أكثر من وزارة وهيئة بل ومسئولون كبار باتخاذ قرارات لتنفيذ مشروعات نقل تتكلف المليارات دون مراعاة لمبدأ أساسي بأن تكون أولوية تنفيذ المشروعات وفقا للتكلفة والعائد لكل بديل, والمحور السادس يتمثل في التوقف عن تكليف بيوت خبرة عالمية بحل مشاكل المرور من أكثر من جهة وبرؤي مختلفة, ودون تحديد إطار سليم للدراسة المكلف بها بيت الخبرة أو بتوفير المعلومات الأساسية خاصة ما يتعلق بالظروف الاجتماعية والسياسية, كذا الاعتمادات المتوافرة فعلا لتنفيذ التوصيات التي ستتوصل لها دراسة بيت الخبرة والبعد عن إقامة مشروعات عملاقة يتكلف كل منها عشرات المليارات من الجنيهات, نقلا عن مشروعات ناجحة بالخارج, دون مراعاة الأوضاع والظروف المحلية والإمكانات المادية المتاحة للوفاء باحتياجات المجتمع الأساسية في مختلف المجالات وفي مجال النقل ذاته. اما المحور الاخير فيتمثل في أن تعطي أولوية لصيانة وسائل النقل الموجودة فعلا وتحديثها واستخدام كامل طاقاتها المتاحة, قبل الاتجاه لإقامة مشروعات جديدة, فشبكة الطرق بالقاهرة علي سبيل المثال تفقد ما لا يقل عن40% من طاقتها, سواء نهر الطريق أو الأرصفة التي يستخدمها المشاه والذين يمثلون أعلي نسبة من المتنقلين26%. الدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري يضيف بعدا جديدا, مشيرا إلي أن الأكاديمية لديها من الخبرات والمتخصصين والمؤسسات والمعاهد المتخصصة التي يمكنها أن تكون بمثابة بيوت الخبرة لقطاعات النقل بجميع أنواعها سواء البحري أو النهري أو حتي السكة الحديد, والدليل علي ذلك أن الأكاديمية تقوم حاليا كاستشاري لمشروع تطوير معهد وردان والذي يمثل أحد أهم المعاهد الاقليمية في مجالات تدريب العاملين بخدمات السكة الحديد ومن المقرر أن يتم افتتاح هذا المشروع خلال أيام. و الأكاديمية علي استعداد أن تقدم كل الخبرات الداعمة لقطاع النقل, بما يسهم في دعم وتحديث هذا القطاع خاصة في مجال اللوجستيات والنقل متعدد الوسائط. الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق وأحد أهم الخبراء في مجال النقل يؤكد أن مصر بالفعل تعتبر من أعلي معدلات دول العالم بالنسبة لضحايا حوادث الطرق ولابديل عن الانتقال من مرحلة التعامل العشوائي مع مرفق النقل إلي الاعتماد علي المنظومة الحديثة كما حددها الدكتور عشماوي حتي يمكن الحد من نزيف الدماء وتحسين خدمات نقل الركاب والبضائع ولا مفر أمام الحكومة من السير في هذا الطريق مهما كلفها من استثمارات. وزير النقل الدكتور حاتم عبد اللطيف لم يكن بعيدا عما طرحه الدكتور سعد عشماوي, واعترف بأن قطاع النقل يعاني بالفعل العديد من المشاكل والإهمال لسنوات طويلة وغياب الإستراتيجية المتكاملة لهذا القطاع, مؤكدا أن المرحلة المقبلة سوف تشهد انفتاحا واسعا علي القطاع الخاص والسماح لرجال الأعمال والشركات الخاصة التي تمتلك إمكانات مالية كبيرة بالدخول في شراكة مع الحكومة بمشروعات وخدمات وأنشطة النقل. واكد ان زمن إقامة المشروعات عشوائيا ودون دراسة اقتصادية قد انتهي وأن المرحلة القادمة ستشهد دراسات جدوي متأنية لأية مشروعات مقترحة يتم تمويلها من الخزينة العامة حرصا علي المال العام. واعترف الوزير أيضا بأن شبكات النقل خاصة السكة الحديد قد شهدت حالة من التشبع ولابد من إقامة توسعات جديدة وحديثة في شبكات القضبان إلا أن ذلك لابد أن يخضع لدراسات متأنية وفي مقدمتها مشروع القطار السريع والذي كان قد تم الحديث عنه خلال الفترة الماضية لربط القاهرةوالإسكندرية عبر خط جديد يكون موازيا لطريق مصر الإسكندرية الصحراوي ويقطع المسافة في50 دقيقة. انتهي كلام الخبراء ومعهم وزير النقل إلا أن الحديث لاينتهي حول قطاع متدهور الخدمات ولابد من العمل فورا من الآن حتي يكون لدينا بالفعل خدمات تحترم ادمية المواطن. إحصاءات للإصلاح معدل الوفيات في مصر نتيجة لحوادث النقل علي الطرق هي الأعلي علي مستوي العالم. الوفيات لكل100.000 سيارة في مصر156 وفاة بينما الوفيات لكل000,100 سيارة في سويسرا8 وفيات فقط. عدد السيارات في مصر000,563,6 سيارة. في ألمانيا55 مليون سيارة. وبريطانيا35 مليون سيارة. عدد السيارات للكيلو متر من إجمالي شبكة الطرق بريطانيا2,62 سيارة, وألمانيا975 سيارة, ومصر252 سيارة فقط حجم حركة النقل علي مستوي وسائل النقل علي المستوي القومي في مصر 92% من إجمالي المنقولات يتم بالطرق 7% من إجمالي المنقولات يتم بالسكة الحديد 1% من إجمالي المنقولات يتم بالنقل النهري في الخارج30% بالطرق35% بالسكة الحديد25% بالنقل النهري