مع الأعباء ونقص الموارد المالية التي تكبل الدولة, أصبح لزاما علي مؤسسات المجتمع المدني أن تنهض بدورها في توفير الحضانات خاصة مع ظهور بارقة أمل جديد لحل المشكلة يتمثل في قيام مهندس بتصنيع حضانة مصرية لا تتعدي تكلفتها10 آلاف جنيه. يؤكد الدكتور يحيي باشا رئيس وحدة علاج الأطفال المبتسرين بمعهد دمنهور الطبي, أهمية توافر الحضانة فور الولادة مباشرة للأطفال الذين يعانون من صعوبات في التنفس نتيجة عدم اكتمال نمو الرئة, أو حالات الاختناق الوريدي, وتلوث الدم, والعيوب الخلقية بالقلب, ونقص الأكسجين والوزن, لما قد يرتب علي التأخر في علاج هذه الحالات من الوفاة أو الإصابة بمضاعفات خطيرة تؤثر علي حياة الطفل. وأوضح أن الحضانة عبارة عن جهاز تدفئة للطفل, وتغذية وريدية بالجلوكوز والأحماض الأمينية وغيرها, إلي جانب التنفس الصناعي عن طريق جهاز فنتيلا تور وهو جهاز غالي الثمن تصل تكلفة الواحد منه لنحو150 ألف جنيه ولا يوجد في وحدة علاج المبتسرين بمعهد دمنهور سوي3 أجهزة فقط, من أصل21 حضانة بالوحدة. ويكشف أن نقص التمريض يعد واحدة من أخطر المشاكل التي تعانيها وحدات علاج الأطفال المبتسرين, حيث تشرف الممرضة الواحدة علي3 إلي4 حضانات, وحضانتين فقط في حالات التنفس الصناعي. أما الدكتورة إيمان سلام, رئيس جمعية إنقاذ حياة طفل, والمدرس المساعد بكلية العلوم جامعة الإسكندرية, فأكدت خطورة مشكلة نقص الحضانات في مصر لعلاج الأطفال المبتسرين, موضحة أن جملة الحضانات الموجودة في المستشفيات والمعاهد التعليمية يبلغ3 آلاف حضانة وللأسف عدد ليس بالقليل منها معطل, بسبب نقص الصيانة اللازمة, وعدم وجود كوادر فنية لإصلاح الأعطال البسيطة بها, لحين حضور وكلاء صيانة الشركات الموردة, والذين يتأخرون كثيرا في الوصول, بينما محافظات مصر تحتاج فعليا إلي نحو10 آلاف حضانة بملحقاتها التي من أهمها فنتيلاتور والجهاز السياب. وكشفت عن نجاح المهندس حسين سمير عبد العظيم, في تصنيع حضانة مصرية لا تتعدي تكلفتها10 ألاف جنيه, اعتمد في تنفيذها وتصنيعها علي المواد المحلية. وتقول: للتبسيط الحضانة عبارة عن وحدة تحكم في درجة الحرارة مصنوعة من الزجاج, وبها مروحة صغيرة لتوزيع درجة الحرارة, بالإضافة إلي جهاز سيباب والذي يقوم بمد رئة الطفل المبتسر بالاكسجين داخل الحضانة. وتضرب مثالا علي ذلك بباب الحضانة والذي تبلغ تكلفته عند بعض شركات الصيانة200 جنيه إلي500 جنيه, علي الرغم من أن تكلفته الفعلية عند التصنيع المحلي لا تتجاوز5 جنيهات, لكونه مصنوعا من مادة البولي كربونيت. وأوضحت أن فريق العمل لجأ إلي ورش الخراطة, والأكليرك, والصاج, والكتروستاتك, وورش الإسطنمبات, لتنفيذ تصميمه واستبدال الأجزاء المستوردة بالمحلية, ولاقي مساعدة كبيرة من الفنيين بهذه الورش, والذين كانوا في منتهي الحماس فور علمهم بفكرة المشروع, وبالفعل نجحنا في استبدال أكثر من70 % من مكونات الحضانة المستوردة بخامات محلية وبذات الجودة, وأبقينا علي الأجزاء الأخري ذات التكنولوجيا العالية, والتي يمكن إستيرادها منفردة, وعليه فنحن نحتاج إلي مظلة قانونية مثل شهادة منشأ أو براءة إختراع للتوسع في النشاط. ويضيف أحمد المصري أحد المتطوعين في المشروع, نجحنا في تصنيع5 حضانات جديدة بذات معايير الجودة, وقمنا بإهدائها إلي عدد من المستشفيات مجانا, مؤكدا أنه لا خطورة إطلاقا من الحضانة المصنعة لأنها تحتوي علي نفس معدات الحضانة المستوردة الرئيسية ذات التكنولوجيا العالية, كما قمنا بتصنيع12 جهاز سيباب وذلك بعد استيراد مكونين فقط هما فلوميتر, والمكابس, وتصنيع بقية المكونات لتصل تكلفة الجهاز الواحد إلي3 آلاف جنيه, بينما يتم استيراده من الخارج ب9 آلاف جنيه. ويؤكد أنه لو توافرت الإعتمادات المالية وتمكنا من جمع وحدات صغيرة من الورش التي نستخدمها في عملية التصنيع, لتمكنا من تصنيع عدد كبير من الحضانات والمساهمة في حل المشكلة, ويضيف أن الفكرة قابلة للتكرار في كافة الأجهزة والمعدات الطبية التي يمكن التفاوض مع شركاتها المنتجة, وفتح مصانع مشتركة, يدخل فيها المكون المحلي ويخفض كثيرا من تكلفتها.