اعتقد بادعائه النبوة وأنه يوحي إليه سينجو من العقاب, فسعي في الأرض فسادا بجيش يصل تعداده إلي75 الف مقاتل غالبيتهم من الأطفال. فاستحق أن يوصف بأنه زعيم أكثر المجموعات المسلحة وحشية في العالم مطلوب القبض عليه من60 مليون شخص, ورصدت أمريكا5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه... إنه جوزيف كوني قائد' جيش الرب', الذي بدأ نشاطه عام1988 في شمال أوغندا ومنها انتقل إلي السودان والكونجو وافريقيا الوسطي. سعي عند تأسيسه للحركة إلي الإطاحة بنظام الرئيس الأوغندي يوري موسفيني, وإقامة دولة مسيحية تبني علي الوصايا العشر في الكتاب المقدس.وقد حظي جيش المقاومة بادئ الأمر بدعم شعبي, لكن مع اضمحلال موارده بدأ يغتصب ويقتل وينهب القري بأمر من قائدة الذي نشأ وترعرع بقرية أوديك شمال أوغندا لأبوين مزارعين. وعمل في مقتبل عمره شماسا بكنائس عدة وكان مغرما بالرقص وترك الدراسة ليصبح مداويا بالسحر وعندما تولي يوري موسيفيني رئاسة أوغندا عام1986, ثار عليه بعض أبناء قبيلة أشولي التي ينحدر منها جوزيف وكونوا حركة متمردة أطلقوا عليها' حركة الروح' بقيادة أليس لاكوينا' قريبة كوني' التي اعتقدت أن الروح المقدسة خاطبتها وأمرتها بالإطاح بالحكومة ولكن الجيش قضي عليها أثناء تقدمها نحو العاصمة كمبالا. وفي عام1987 وبعد موتها ادعي كوني أنه نبي شعب أشولي, وتولي قيادة الحركة التي أصبحت فيما بعد' جيش الرب للمقاومة' واشتد ساعدها عام1994 عندما تلقت دعما من حكومة السودان التي كانت تسعي للثأر من كمبالا لدعمها متمردي الجنوب قبل انفصالها عن الخرطوم. وعندما قويت شوكته أصدر أوامره لجيش الرب بمهاجمة القري المجاورة له وقتل أهلها مما أدي إلي نزوح أكثر من مليوني أوغندي عن قراهم. وجند الاطفال في جيشه بعد اختطافهم من ذويهم وسخرهم ليكونو عبيدا في صفوفه بعد أن أقنعهم بأن الماء المقدس يجعل أجسادهم مقاومة للرصاص, ونظرا لبشاعة جرائمه أصدرت المحكمة الجنائية الدولية عام2005 بهولندا أمرا باعتقاله متهمة إياه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية, من بينها قتل عشرة آلاف شخص وخطف أكثر من75 ألف طفل وتشريد نحو200 ألف أوغندي وممارسة الرق ضد سباياه من البنات واستغلالهن جنسيا والإبادة الجماعية للمدنيين والنهب والسلب وبتر أيدي أسراه وسمل أعينهم وقطع آذانهم. وإزاء هذا الوضع لم تجد حكومة الخرطوم بدا من سحب دعمها له, وبدأت حملة في الجنوب للقضاء علي مليشياته الأمر الذي دفعه لأن يقدم أول عرضه للسلام.2006 غير أن المفاوضات التي بدأت في نفس العام طال أمدها وانتهت بالفشل, وشنت جنوب السودان وأوغندا عمليات مشتركة أطلقت عليها' البرق والرعد' للقضاء علي مليشيات جيش الرب, ورغم تأثر قوات كوني بتلك العمليات, إلا أنها فشلت في إلقاء القبض عليه أو القضاء علي ميليشياته التي نقلت مواقعها إلي داخل أراضي الكونغو وأفريقيا الوسطي.. وفي منتصف أكتوبر2011 أرسل الرئيس الأميركي أوباما مائة جندي' باستعدادات عسكرية للقبض عليه, وفسر البعض دعم أمريكا الغير مبرر بأنه نوعا من المكافأة لأوغندا عرفانا بمساهماتها في قوات الاتحاد الأفريقي العاملة بالصومال التي تقاتل حركة الشباب المجاهدين' المرتبطة بتنظيم القاعدة'. ورأي اخرون أنها شعرت بالحرج بعد ان قام المخرج الأمريكي جيسون راسل بإعداد فيديو عن جوزيف كوني يعرض فيه بشاعة ما يرتكبه, وشاهد الفيلم عندما عرضه علي اليوتيوب أكثر من60 مليون شخص حول العالم, بل وقامت العديد من المظاهرات المطالبة بالقبض عليه مما دفع بوزارة الخارجية الأميركية إلي رصد خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه باعتباره إرهابي, مع مفارقة أن كوني يري أن ما فعله ويفعله من جرائم قتل ونهب لا يزال ينفي عنه وتنظيمه صفة الإرهاب مؤكدا أن حربه الطويلة هي جزء من نضاله الديني وأن الأرواح المقدسة ترشده. ومع كل هذا الدعم الأمريكي فإن مهمة القبض علي كوني لا يتوقع لها أن تكون سهلة لأن بعضا من قوات جيش الرب لا تزال في المنطقة, وتنتشر في أراض يصعب السيطرة عليها فهل سينجحون؟