حب التلميذة للأستاذ.. حالة حب أم فورة إعجاب؟ حرمان عاطفي أم مراهقة بنات أغرتهن قصص الحب بالتنقيب عن فارس الأحلام حتي ولو كان في صورة أستاذ المدرسة أو الجامعة؟ أم براءة مشاعر تبحث عن بر الأمان؟ إنها قصة علي اختلاف التفاصيل ستتكرر غدا وبعد غد ربما آلاف المرات.. أما سطور الحكاية فلها دوما نفس البداية..اعتياد, فتعلق, ثم إعجاب فحب فهيام...فهل حقا هي مشاعر حقيقية أم مجرد أوهام عابرة؟ وماذا لو ازداد تعلق الفتاة بأستاذها إلي حد العشق؟ هل نعتبرها مذنبة؟ وهل تؤثر هذه المشاعر في حياة الفتاة مستقبلا بالسلب أو الإيجاب؟.. أسئلة كثيرة نبحث لها عن إجابة في هذا الموضوع. د.محمود عبد الرحمن حمودة أستاذ الطب النفسي بكلية طب جامعة الأزهر له رأي خاص في هذا الموضوع,فهو يري أن صورة فارس الأحلام لدي الفتاة تتكون من خلال مراحل نموها وارتباطها بنماذج من الرجال تعد قدوة بالنسبة لها, ومن أول هذه النماذج نموذج الأب الذي ترتبط به الفتاة وهي بعد لا تزال صغيرة, وفي مرحلة من نموها تتنافس مع أمها كي تستحوذ علي أبيها وحين يقربها الأب ويدللها فإنها تستشعر بقبولها من الجنس الآخر ويحقق لها ذلك إشباعا نفسيا ويجعلها مهيأة لأن تكون أنثي طبيعية تميل إلي الجنس الآخر وترتبط به في حياتها اللاحقة, ثم تدخل إلي المدرسة وتعجب بنماذج من المدرسين فيصيرون قدوة لها وتقترب منهم, وحين تدخل إلي مرحلة المراهقة, وهي عادة في المراهقة تكون أكثر نضجا من زميلها الولد, فالولد مازال غضا ضعيفا لا يستطيع تحمل المسئولية ويخضع لأسرته ولقيودها ونظامها, فتكون الميول الأنثوية لديها موجهة نحو من تري أنه يمكن أن يحقق لها صورة الرجل المتكاملة. وينال المدرس سواء في مرحلة الإعدادي والثانوي أو في الجامعة هذا الإعجاب حيث يتم إسقاطه عليه لأن هناك ميولا واحتياجا للحب والقبول من الجنس الآخر. وتتخرج الفتاة من الجامعة وتكون قد كونت في خيالاتها صورة تم تكوينها من خلال النماذج السابقة بدءا من الأب وانتهاء بأساتذة الجامعة, ثم تنفتح علي وسائل الإعلام وعلي الثقافات المحيطة بها وعلي نماذج التاريخ ونجوم العالم في المجالات المختلفة سواء الثقافية أو الرياضية أو الفنون أو غيرها فتكون نماذج قد تعدل من صورة فارس الأحلام أو تؤكدها, ثم تبحث عمن تتوافر فيه صفات هذا الفارس الذي يسكن في مكنون خيالاتها. هذا إذا كان ارتباط الفتاة العذراء بالرجل ذو الشعر الأبيض مبنيا علي صورة فارس الأحلام الذي هو في العادة يكبرها أحيانا بعشرات السنين.وقد تهتم المرأة وتحتاج في علاقتها العاطفية إلي الحب والاحتواء- ويهمها الاحتواء بالدرجة الأولي- وقد تجد أن من يماثلها في السن لن يحقق لها هذا الاحتواء خاصة حين تطالع تجارب أقرانها العاطفية التي انتهت بزواج لم يتم فيه الاحتواء ولم يدم الحب فيه لأنه اصطدم بمتطلبات الواقع فأخفق ولم يستطع الصمود أمام واقع الحياة الشرس. وقد تري الفتاة في صاحب الشعر الأبيض الحكمة والنضج اللذين تبحث عنهما, ولأنها أكثر واقعية ونضجا مقارنة بالأولاد في مثل سنها تبحث عن الحكمة والنضج ضمانا لأب ناضج لأطفالها ونموذج يستطيع أن يوفر لها الإحساس بالأمان. وغالبا تحب الفتاة أن تكون تابعة لأحد وظلا له تدين له بالطاعة والولاء وتسلمه نفسها وترتضيه أبا لأولادها ومسيرا ومشاركا لحياتها, ومن ثم فهي تحرص أن يكون لديه رصيد من الخبرة الكافية بأمور الحياة فيستطيع أن يقود حياتها دون عواصف قد تقضي عليها. وأحيانا يكون خوف الفتاة من طيش صغار السن وعدم استقرارهم هو دافعها للبحث عن ناضج يكبرها بعشرات السنين في عصر زادت فيه أزمة الهوية, وأصبح الشباب في ظل المشكلات الاقتصادية والوظيفية لا يستطيعون تكوين هوياتهم لأن الواقع لا يتيح لهم ما يرغبون, ومن ثم كان سعي الفتاة لرجل خرج من أزمة الهوية بنجاح, فتسعي لمشاركته هذا النجاح دون عناء مع من هو في مثل سنها ولكنه متخبط. وأحيانا تكون الفتاة قد جربت الحب مع من هو في مثل سنها وعاشت أحلاما تشبه قصورا من الرمال لا تلبث أن حطمتها الأمواج, وخرجت من تجربة حب محبطة ويائسة تسعي لأمان ينقذها من طيش واندفاع الصغار فتتجه تلقائيا إلي من يكون قد استقر وحقق ثباتا ونضجا لترتبط به هربا من مغامرة أخري غير مضمونة العواقب.