ما اشبه اليوم بالبارحة عبارة رددها الليبيون صباح الثلاثاء الماضي عندما استيقظوا علي صوت أصبحوا يميزونه بسهوله, فهو اقوي من أصوات الاسلحة الثقيلة والخفيفة التي اعتادوا سماعها في الفترة الاخيرة, هو انفجار استهدف السفارة الفرنسيه في طرابلس أسفر عن اصابة حارسين من أمن السفارة وطفلة ليبية. استهداف السفارة الفرنسية لم يكن مفاجئة لليبيين الذين لم يسمعوا شيئا عن نتائج التحقيقات حول تعرض القنصلية الامريكية الي هجوم مماثل في سبتمبر الماضي وادي الي مقتل السفير, فالسفارات والبعثات الدبلوماسية في ليبيا( هدف) منذ فترة ليست بقليلة لفلول القذافي من جهة وللتنظيمات الاسلامية و علي رأسها القاعدة من جهة اخري. وعلي الرغم من تصريحات المخابرات الليبية الأخيرة وربطها لحادثي تفجير السفارتين الفرنسية والأمريكية الا أن التفجيرين لا يحملان نفس التوقيع, نظرا لاختلاف طريقة التفجير و السلاح المستخدم والذي رجح وقوف القاعدة وراء تفجيرات السفارة الفرنسية لان استهدافها جاء باستخدام سيارة مفخخة و هي طريقة القاعدة المفضلة في التفجير. اما السفارة الأمريكية فكان الهجوم عليها بواسطة قذائف تم اطلاقها عن قرب و هي طريقة المليشيات الليبية التي اعتادت استخدامها في اثناء حربها ضد نظام القذافي. وفي كلتا الحالتين تبقي الشكوك تحوم حول عنصرين تتوجه اليهما اصابع الاتهام ما أن يحدث تفجير داخل الأراضي الليبية.. العنصر الأول هو( تنظيم القاعدة) الذي لجأ للتفجير لمعاقبة باريس علي دخولها المسلح في مالي, و انهاء حلم السلفيين الجهاديين في انشاء مشروع الامارة الإسلامية هناك. وما يزيد من التأكيد علي وقوف القاعدة وراء الحادث هو أن الهجوم وقع بعد يوم واحد من مصادقة البرلمان الفرنسي علي تمديد نشر القوات الفرنسية في مالي, هذا بالاضافة الي أن التنظيم كان قد هدد باريس باستهداف منشأتها قبل أربعة أيام من وقوع الانفجار, كذلك تهديدات حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا باستهداف مصالح فرنسية في المنطقة. ولعل تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند كانت خير دليل علي تورط القاعدة في التفجير حينما أكد أن العمل الارهابي استهدف من خلال فرنسا كل الدول التي تخوض معارك ضد الارهاب في اشارة الي( تنظيم القاعدة). العنصر الثاني هو مليشيات القذافي التي تعاقب فرنسا ايضا لمشاركتها مع قوات التحالف الدولي في عملية تحرير ليبيا من نظام العقيد. والا لماذا لم تطل الاعتدائات حتي الان سوي سفارتي الدولتين التي شاركتا في تلك العملية, وهو ما ذكرته صحيفة ديلي تليجراف البريطانية عندما نشرت تقرير أكدت فيه أن فرنسا تجني ثمار مساعدتها لليبيا في الاطاحة بالعقيد, مشيرة الي استغلال تلك المليشيات لانهيار الوضع الامني لتثبت بتلك العمليات الارهابية للعالم أن ليبيا لم تعد آمنه مما سينعكس بالسلب علي الاستثمارات الاجنبية التي تدعو لها الحكومة الليبية الان, وبذلك تكون المليشيات ضربت عصفورين بحجر واحد. وهناك صوت آخر من الداخل الليبي أرجع التفجير الاخير الي الصراع الداخلي القائم منذ فترة بين الحكومة الانتقالية وبعض الثوار والجماعات التي ترغب في تأمين طرابلس بنفسها من خلال وحداتها المسلحة التي أمسكت بأمور العاصمة بعد سقوط القذافي وهو ما يجعل أي تفجير يحدث داخل طرابلس دليل علي فشل الحكومة وبالتالي اسناد تأمينها للثوار من جديد. أما التفسير الاخير فقد يكمن في أنها رسالة من الحكومة الليبية الجديدة لباريس حتي تتوقف عن المساعدة في تأجيل تسليم بعض رموز النظام السابق لمحاكمتهم داخل ليبيا. وهو ما يعكس التقصير الامني الشديد في تأمين السفارة رغم مطالبات القيادات الامنية هناك بمزيد من التعزيزات حول المنطقة منذ أكثر من شهر وهو ما لم يحدث.