دعك من الميادين, وليذهب إلي الجحيم كل من دفع أموالا أو تلقاها ليعطل مصالح الناس,.. دعك من الدواوين, وليتحمل كل من نظر إلي مطالب المواطنين بعين واحدة وزر دعوات المظلومين والمقهورين.. دعك من هذا وذاك, فبعيدا عنهما ستجد بلادك تتعثر ثورتها التي لم تكتمل, يومها يمضي بين الألم والأمل, ومستقبلها بين كفي طالب شاب متفوق انحني ليقبل قدم أمه في حفل تخرجه, وبين يدي فاسد يحمي بلطجيا يهدد أرواح الناس وممتلكاتهم. هذا خفير قد لا يجد ما يأكله, يحمي متحفا, وهناك لص يحميه فاسد, يحفر وينقب عن آثار, هنا يد تزيل آثار الحرائق, وهناك يد تحمل أدوات النار, فلاح بسيط منتهي أمله أن تصل نقطة الماء إلي زراعات أرضه, ومستغل فاسد يقطعها عنه أو يلوثها. صياد ضعيف حلمه أن يعود مع مغرب شمس يومه برزق يعينه علي الحياة, وحوت كبير يردم شواطئ النهر والبحيرات, بنفوذه وسطوة سلاحه, عامل كادح لا يغنيه راتبه عن السؤال, وصاحب عمل لا تفهم من حروف كلامه إلا الامتيازات والتيسيرات التي حصلها أو يطلبها من الدولة, سياسي رقيع لا قيمة له إلا قدرته علي خداع البسطاء ومواطن ساذج يركع لأول مبلغ تافه قد يجنيه من السير خلفه. الذين يعرفون معني أن تكون مصريا, ليس لديهم جنسية بلاد أخري يستقوون بها أو تحميهم, ولا يمتلكون حسابات في البنوك, وليست لديهم الرغبة في الهجرة, ويرضيهم أن يجدوا عملا شريفا ومناسبا في بلادهم, هؤلاء هم ملح الأرض, وخلاصة ترابها, هم الذين ثاروا ضد الظلم والفساد, وهم الذين يسعي المفسدون في الأرض لكي يطيحوا بحلمهم في الحرية والعدل والمساواة, ويقطعون عليهم الطريق ليروا مصر الكبيرة كما يحبون, قدماها في أعالي النيل, يداها ممتدة من العراق إلي المغرب, عيناها علي أوروبا, وقلبها معلق بالكعبة المشرفة, والقدس المحررة. تلك هي مصر, وهذا هو حلمهم أو ما ينبغي أن يحلموا به بعد الثورة, إن كانت حقا ثورة! لمزيد من مقالات ابراهيم سنجاب