أتعجب من هذه الضجة المفتعلة والمثيرة للسخرية التي يثيرها البعض حول السياحة الإيرانية إلي مصر ومحاولات تصوير الأمر علي أنه غزو شيعي فارسي علي أرض المحروسة وتتعالي الأصوات وتتشنج الحناجر في حالة هيستيرية مضحكة ومبكية في آن واحد!! بينما لم نسمع لتلك الحناجر صوتا خافتا أو حتي همسا اعتراضا علي السياحة الإسرائيلية التي تصول وتجول وتعربد في كل ربوع الوطن بينما تم تحديد إقامة السائح الإيراني بعيدا عن القاهرة! فمن الثوابت في عقيدة المواطن العربي أن إسرائيل هي العدو التاريخي لهذه الأمة الذي إغتصب أرضها وشرد أهلها وقتل عشرات الآلاف من المصريين والعرب في خمس حروب شاملة ويعد العدة لهدم المسجد الأقصي بينما لم يذكر لنا التاريخ أن إيران قد حركت جيوشها لمحاربة مصر. ولكننا نعيش في زمن إنقلبت فيه المعايير وتبدلت فيه الثوابت وتغيرت فيه البوصلة التي أصبحت في قبضة أمريكا فغيرت الزاوية لتصبح إيران هي العدو, بينما إسرائيل هي الدولة الصديقة الوديعة التي لاتعتدي علي أحد عجبي وعجبي أكثر علي من يدعون الليبرالية ومن طالبوا بعد الثورة بعودة العلاقات مع إيران وسافروا إليها في وفد الدبلوماسية الشعبية, والآن يعترضون علي هذه السياحة بعد أن وجدوها منفذا أو نقطة ارتكاز توجه منه سهامها ناحية رئيس الجمهورية التي تحلم بإسقاطه دون أن تستشعر حرجا بين خطابها الرافض للتميز الديني والمذهبي وبين مواقفها التي تكرس الطائفية عمليا!! وهكذا أصبحت المكايدة السياسية تدخل في كل شئون الوطن دون النظر للمصلحة العليا لهذا الوطن الذي يمزقه أبناؤه! أن مصر وإيران يمثلان ثقلا إقليميا لايستهان به إذا توحدت جهودهما والمشترك بينهما كثير, دين واحد وتاريخ مشترك يؤكد أننا مركز العلم والحضارة في المنطقة, فالشعبان المصري والإيراني صنعا التاريخ وقادا التحضر حين ساد الجهل والتخلف في مناطق أخري من العالم, إن الحضارتين المصرية والإيرانية تؤهلنا أن نكونا روادا لهذه المنطقة, إننا نستطيع أن نحقق حلمنا لو تعاونا ونستطيع أن نتصدي لكل من يروننا عبيدا لهم, ونهزم أعداء هذه الأمة وسنكون قوة لاتقهر, إن الشعبين المصري والإيراني علي وجه الخصوص هما محل خوف من الغرب لذلك يريدون إشعال نار التعصب المذهبي إيران قدمت نموذجا فريدا لبناء دولة قوية وعصية علي الهيمنة الأمريكية كم نحن في حاجة لاستلهام ذلك النموذج في مواجهة القوي العظمي وقراءة تجربتها السياسية. ولعله من الترف أن أتساءل وسط هذا الجو الملبد بالعواصف المصطنعة عما يؤخر عودة العلاقات بين البلدين, هل لإرضاء دول الخليج التي تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية علي أعلي مستوي بل إن حجم الاستثمارات الإيرانية في أبو ظبي بالذات والتبادل التجاري بينهما يفوق مئات المليارات من الدولارات وفي الوقت الذي تغلق فيه السفارة الإسرائيلية وتنزل علم إسرائيل وترفع بدله العلم الفلسطيني وتدعم القضية الفلسطينية وتساندها وهي التي كانت أكبر حليف لإسرائيل, ثم نحاربها علي مدار ثمانية أعوام وهي في بداية ثورتها لإجهاضها وإضعافها ثم نقع في الفخ الأمريكي وفزاعة الملف النووي بينما لم نعبأ ولم يرجف لنا جفن من القنابل النووية المكدسة في المخازن الإسرائيلية ليتحول الصراع العربي الإسرائيلي الحقيقي إلي صراع وهمي مصطنع بأيدي خبيثة وشريرة لا تريد الخير للعرب ولا للمسلمين ليصبح صراع عربيا فارسيا تارة وصراعا سنيا شيعيا تارة أخري مع الأسف والأسي الشديدين وتستعمل الآلة الإعلامية الجهنمية لنشر الأكاذيب والخرافات والخزعبلات لبث الفرقة بين المسلمين إنني فقط أريد أن أسأل سؤالا ألم تكن إيران دولة شيعية إبان حكم الشاه لماذا لم تتصاعد أي من ألسنة هؤلاء أصحاب النعرات المذهبية والطائفية التي تملأ الفضائيات. لمزيد من مقالات د.اميرة أبوالفتوح