لا أحد ينكر ان الغالبية العظمي من المصريين يذهبون يوميا الي فراشهم وأعراض ارتفاع الضغط والسكر تكاد تطبق علي أنفاسهم, فما يسمعونه ليلا من أخبار ومصائب تجعل النوم يجافي عيونهم, فهل الإعلام هو السبب في هذه الحالة من الكآبة؟ وهل القنوات الفضائية تستحق- حقا- أن يلقي عليها المسئولون جام غضبهم ولعناتهم ويطالبون بإخراس الألسنة التي تتسبب في إثارة الفوضي وتكدير السلم الاجتماعي, أم ان هذه القنوات تقوم بأداء مهمتها الإعلامية باعتبارها تنقل الحدث ولا تصنعه؟ اعتقد ان كلمة السر في هذه المعادلة الصعبة هو الحياد والموضوعية وهو أمر قد يبدو صعب التحقق خاصة ان العنصر البشري يلعب الدور الرئيسي في مجال الإعلام ومن الصعب ان ينجح الإعلامي في تجنب الانزلاق في الحديث وإدارته دون التعاطف في الاتجاه الذي يميل إليه وهنا يتحول من مجرد إعلامي الي موجه للرأي العام خاصة بين معجبيه وهو ما يحدث عادة في كل برامج التوك شو, سواء تلك التي تبثها القنوات المحسوبة علي التيار الإسلامي أو التيار المدني الليبرالي,فكلاهما يحرص علي استضافة من يدعم توجهه ويسهم في اثبات صحة تحليلاته, بصرف النظر عن مدي مصداقية الموضوع وصحة المعلومات المطروحة للنقاش, المهم هو اثبات وجهة نظر القناة التي يبث من خلالها البرنامج. وهكذا انقسم الاعلام الي فريقين الأول يدعم الحكومة والرئاسة في كل ما تتخذه من قرارات والثاني يعارضها أيضا في كل ما تقوله أو تفعله والحجة في ذلك ان للمشاهد حرية الاختيار بين الجبهتين, فالأمر لا يحتاج سوي الضغط علي جهاز الريموت كنترول لتغيير القناة. إذن المشكلة- من وجهة نظر الإعلاميين- بسيطة وحلها أبسط ولكنه حل يقسم الاعلام الي فريقين,كل منهما لا يسمع إلا صوته ولا يتحدث إلا لمريديه ولا يفكر في عرض وجهة نظره علي الفريق الآخر من باب تعريفه بها, فان لم يتقبلها الآخر, فعلي الأقل لا يكفرها أو يعاديها, لدرجة تدفعه للخروج عن القانون وارتكاب جرائم بسبب التشدد الفكري أو الديني, وهو الصراع الذي لم يكن ليحدث لو التزم القائمون علي السلطة بمبدأ الشفافية والمصارحة بدلا من التكتيم والتعتيم علي الأخبار مما يجعلنا فريسة سهلة للشكوك, في الوقت الذي لا يكلف العالمون بالأمر أنفسهم عناء كشف الحقيقة ثم يلقون باللوم بعد ذلك علي الاعلام والإعلاميين وأخيرا المشاهدين!! لمزيد من مقالات عزة سامى