إلي عهد قريب. كنا نستطيع ان نحرك الريموت كنترول بين قناتين أو ثلاث قنوات فضائية. نحاول التعرف إلي اتفاق الآراء أو اختلافها في تطورات الأحداث: ضيوف معتز الدمرداش في الحياة. وضيوف مني الشاذلي في دريم. وضيوف شريف ولبني في الحياة. وضيوف مقدمي برامج آخرين. ربما كان ظهورهم الإعلامي أقل تأثيراً. لما أصبحت برامج الحوار المسائية "تعاد في الصباح" هي البضاعة الأكثر رواجاً في الفضائيات العربية زاد تحرك الريموت بالضرورة بين القنوات الفضائية التي تتكاثر بأسرع من سرعة الصوت. كل قناة تبحث عن متحدثيها. كطبيعة الأمور. فقد تكررت وجوه مل القارئ رؤيتها. أعادت آراء سبق قولها مثل اسطوانة مشروخة. كما ظهرت وجوه زهق أصحابها -فيما يبدو- من قعدات المقاهي. فوجدوا في دردشات القنوات الفضائية -بالإضافة إلي المورد المادي- ما يلغي شعورهم بالزهق. الأمر -في تصورهم- لا يحتاج إلا إلي قراءة الصحف. ومتابعة نشرات الأخبار. والاستماع إلي البرامج المماثلة. والثقة في النفس.. ثم إبداء وجهات النظر في تطورات الأحداث. مسبوقة بالقول: الثابت أن. الواقع أن. في الحق. في رأيي. بصرف النظر عن خطورة القضايا التي يتصدون لمناقشتها. تطالعنا آراء تغيب عنها الموضوعية. وأخري تخلو من المعلومة. أو تقدم المعلومة الخطأ. أو تعيد الرأي الواحد في مشكلات متباينة. إبداء الرأي لابد ان تسبقه قراءات. وتأمل. ودراسة للوقائع. والتأكد من صدق المعلومة. وإسقاط ما يصدر عن الهوي. فإذا جلس المتحدث أمام المشاهد كان لديه ما يقوله. أما الهرولة وراء شهوة الكلام. ولمجرد الظهور علي شاشة التليفزيون. فإن الوعي بما ينبغي ان نقبله أو نرفضه. يصعب ان نفترضه في كل المشاهدين. الرأي المتعجل. أو اللامسئول. قد يفضي إلي نتائج سلبية. مبعثها تصديق المواطن البسيط الذي يتصور الحقيقة في وسائل الإعلام. ويجد في ما يطالعه علي الشاشة الصغيرة ما يجب تصديقه. لعلي أشير إلي أن حوار بين سيدة بيت ومحرر في قناة تليفزيونية اختلفا حول أسعار بعض المحاصيل الزراعية. إن كانت ستشهد ارتفاعاً أم العكس. أذاع المحرر وجهة نظره باعتبارها خبراً. وحين عاد إلي البيت التقي جارته التي بادرته بالقول: عرفت أن ما تعرفه هو الصحيح. أذاع التليفزيون أن أسعار المحاصيل ستشهد ارتفاعاً!