خلاف بين الرئاسة والجيش.. محاولات إخوانية لاختراق القوات المسلحة.. الجيش غاضب.. توكيلات للسيسي لإدارة البلاد. هذه أمثلة مقتبسة مما نشرته بعض كبريات الصحف المصرية في الشهرين الأخيرين. كان أحدثها ما نشرته إحدي الصحف المستقلة أخيرا حول خطة أخوانية بمباركة أمريكية للإطاحة بالسيسي. تلك النوعية من المواد الإعلامية تستحق وقفة من الدولة, ومن المجتمع ومن نقابة الصحفيين. فهي تنشر وتنتشر. وتأثيراتها علي الدولة والمجتمع خطيرة, فتلك الأنباء تحمل رسائل سلبية تتسلل إلي وجدان الرأي العام حتي وإن لم يقتنع بها المتلقي علي الفور, وتترك بصمتها علي إدراكه للعلاقة بين مؤسسات الدولة, وتقييمه واحترامه لها, أو لبعضها. وبغض النظر عن مدي صحة محتواها, كثيرا ما تخضع تلك الأنباء في صياغتها إلي ألاعيب تحريرية, كأن يتم تضمينها تعبيرات مطاطة, وأوصافا نسبية مثل الاستياء والاحتقان وخلاف حاد وإنذار شديد اللهجة. وسرعان ما تلتقط القنوات الفضائية تلك الأنباء المجهلة المصدر, وتخصص لها ساعات بث طويلة فتنفخ فيها من روحها, وتعيد إنتاجها من زوايا مختلفة تحت شعار التحليل والاستقصاء والبحث عن الحقيقة. ليست هذه أولي الموجات الإعلامية التي تثير قلقا وقلاقل أكثر مما تحمل معلومة أو تكشف حقيقة. فليست ببعيدة تلك الحملة التحريضية التي شنها ساسة وإعلاميون بدقة وتناغم, لجرجرة الجيش المصري مرة أخري إلي ساحة السياسة حاكما أو حكما وليس فقط حارسا للدولة. وبعد فشل الاستدعاء المغلف باستغاثة, بدأ استدعاء مغلف باستثارة عبر دغدغة المشاعر الوطنية لدي القوات المسلحة, باستحضار وقائع مؤلمة كحادث رفح. ثم استنفار الكرامة العسكرية ضد فكرة لا أساس لها وهي أخونة الجيش. رغم أن طرح الفكرة أصلا فيه إهانة للجيش واستهانة به, فمن يطرحها كأنما يقول ضمنا إن الجيش المصري قابل للاختراق من جماعة أو تنظيم أو تيار. أما الموجة الحالية فقوامها حزمة أنباء مجهولة المصدر, تصب كلها في اتجاه توصيف العلاقة بين القوات المسلحة ورأس الدولة بأنها مضطربة ومتوترة. وهي موجة متلاطمة متضاربة, فتشير تارة إلي فجوة في العلاقة بين الرئاسة ووزير الدفاع, وتارة تحمل إشارات بأن وزير الدفاع هو رجل الإخوان في المؤسسة العسكرية. والظاهر حتي الآن هو أن العلاقة بين الجيش وقائده الأعلي ليست متوترة وإنما تتعرض لمحاولة توتير وتعكير بواسطة ما ينشر حولها. ورغم أن القوات المسلحة لها متحدث رسمي كرر مرارا أنه المصدر الوحيد الرسمي لأي أخبار عن القوات المسلحة المصرية, فإن رغبة البعض في توريط العسكرية المصرية مجددا في سياقات السياسة وتفاعلاتها, وغياب الرقابة علي وسائل الإعلام وطبيعة المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد, كلها أمور تستوجب الرد علي تلك الأنباء بشكل واضح وعملي. وهو المطلوب أيضا من الرئاسة والمخابرات العامة والأزهر والمجلس الأعلي للقضاء ونقابة الصحفيين وغيرها من المؤسسات, أن تقف بقوة وحزم أمام محاولات الوقيعة وتقطيع الروابط بين أركان الدولة, أو إصلاح الأمر ووصل ما انقطع إن حدث ذلك. علي مؤسسات الدولة اتباع الوسائل القانونية لملاحقة وسائل الإعلام التي تنشر أنباء أو تسريبات تتعلق بها حتي تكشف عن تلك المصادر المطلعة والعليمة, فإن كانت تلك الصحف أو الفضائيات كاذبة فلتحاسب بصرامة, أما إن ثبتت صحة ما أعلنته وكشفت عن مصادرها العليمة; فلتحاسب تلك المصادر علي إفشاء معلومات من شأنها الإضرار بسلامة واستقرار المجتمع. لمزيد من مقالات سامح راشد