تتردد كثير من علامات الاستفهام أمام ظاهرة توالي إطلاق فضائيات إخبارية موجهة للمشاهد العربي من دول العالم علي اختلاف توجهاتها السياسية, والتي تتنافس علي جذبه إليها من خلال مخاطبته بلغته وتوفير ميزانيات مالية ضخمة وإمكانيات تكنولوجية متقدمة لها والتركيز علي أخباره وقضاياه, رغبة منها في أن تتحول بمرور الوقت إلي مصدر ثقة عندما يبحث عن الحقيقة, وبعد سنوات علي بثها يطرح السؤال نفسه: هل نجحت الفضائيات الإخبارية الموجهة للعرب في جذب اهتمامهم بها؟ يجيب د.حسن عماد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة ويقول: إن تلك الفضائيات تمثل إحدي صور القوة الناعمة للدول التي تمولها للسيطرة فكريا علي دول العالم النامي عن طريق عرض توجهاتها وسياساتها الخارجية في شكل ظاهره( خبري) وباطنه( دعاية وترويج) لأهداف خفية, وهو ما يسمي بالإعلام الموجه الذي بدأ فعليا مع الحرب العالمية الأولي, ولم يتحقق له النجاح بسبب ارتفاع نسبة الحرية المسموح بها للفضائيات العربية الحكومية والخاصة في الفترة الحالية, ولذلك لا يبحث المشاهد العربي عن غيرها لمعرفة الأخبار والحقائق, ويقل أو يكاد ينعدم تأثره بالفضائيات الإخبارية العربية الموجهة له منذ سنوات قليلة. وتكشف الباحثة داليا عثمان إبراهيم عن نتائج دراسة تطبيقية أعدتها علي فضائيات( الحرة الأمريكية) و(العالم الإيرانية) و(فرنسا24) عنوانها( المعالجة الإخبارية للقضايا السياسية العربية في القنوات الموجهة باللغة العربية), وتقول: فيما يخص النشرات, فقد ثبت ارتفاع نسبة الأخبار التي تقدمها جميعها من خلال مذيع ومادة فيلمية أو تسجيلية بنسبة33.5% ثم يليها مذيع ورسائل مراسلين31.5%, وأيضا ارتفاع نسبة فئة( الخبر السياسي) إلي74.5% من إجمالي العينة ويليها( الخبر الأمني).12% ثم( الخبر العسكري)7%, كما ارتفعت نسبة فئة( الخبر السلبي) حيث كانت في قناة العالم61% وجاءت فرنسا24(53.4%) وفي الحرة50.6% بما يتفق مع حقيقة جذبها للمشاهدين, أما عن درجة التوازن في عرض الأخبار فقد كانت نسبة فئة( لا يشتمل علي وجهات نظر) في فرنسا24(47.4%) وفي الحرة45.5% بينما انخفضت النسبة إلي34.2% في قناة العالم. وهو ما يعني محاولة قناتي فرنسا24 والحرة الإلتزام بأهم قواعد تحرير الأخبار وهي أن تكون محايدة, ولا تشتمل علي وجهات نظر, بينما علي العكس اهتمت قناة العالم بوجودها داخل الأخبار بما يضر بقيمة الحيادية في تحريرها وتقديمها, أما عن البرامج الإخبارية, فقد أكدت النتائج علي اهتمام قناتي الحرة وفرنسا24 بالأساليب الفنية المختلفة لإضفاء الثراء علي الصورة بما يجذب المشاهدين واستخدامها أيضا لإبراز جوانب مختلفة من القضايا التي يتم معالجتها داخل البرامج, في حين لا توفر( العالم) الاهتمام الكبير بالصورة في برامجها ويلاحظ ذلك من البساطة الشديدة في إستديوهاتها وعدم استخدامها للمؤثرات المرئية أو الصوتية.