المشاط: توقعات بيتجاوز الدين العام العالمي 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول 2030    بعد ضمها لحدود المحافظة.. بدء دراسة لاستغلال مساحة 2 مليون فدان في أسيوط    ارتفاع أسعار الفاكهة اليوم بأسواق الإسكندرية.. سعر المشمش يصل إلى 65 جنيها    بن غفير: علينا احتلال غزة وتشجيع الهجرة خارجها ولن أدعم وقف إطلاق النار    زيلينسكي: أمريكا وأوكرانيا تواصلان محادثاتهما بشأن المساعدات الأمريكية لبلادي    العثور على 29 ناجيا والبحث عن عشرات المفقودين بعد غرق عبارة في إندونيسيا    «فاقد الشغف ولا يستحق الاستمرار مع الفريق».. أيمن يونس يفتح النار على نجم الزمالك    الاتحاد البرتغالي ينعى ديوجو جوتا    حادث مروع بين 3 سيارات نقل واشتعال النيران في إحداها بطريق إسكندرية الصحراوي    بدء امتحاني الكيمياء والجغرافيا للثانوية العامة    طقس الإسكندرية اليوم.. 30 درجة مئوية وأمواج البحر ترتفع إلى 2.5 متر    وزير الثقافة يعلن انطلاق فعاليات مبادرة مصر تتحدث عن نفسها وتراثك ميراثك    نقابة الموسيقيين تقرر إقامة عزاء للراحل أحمد عامر    السمسمية وموسيقى برائحة مدن القتال.. كيف أسس عمرو دياب لمشروعه الفني؟    تفشي مرض الحصبة في إسرائيل    الصحة تطلق قافلة طبية بالمجان لأهالي العاشر ضمن المبادرات الرئاسية    نائب وزير الصحة تتفقد المنشآت الصحية بالدقهلية في جولة ميدانية    سعر الدولار اليوم الخميس 3 يوليو 2025 في البنوك    مواعيد مباريات الخميس 3 يوليو 2025.. انطلاق أمم أوروبا للسيدات    مجموعة عز العرب تحتفل بمرور 115 عامًا على تأسيس علامة ألفا روميو    ضم الضفة.. 15 وزيرا ورئيس الكنيست يطلبون من نتنياهو التنفيذ    تسريب امتحان الكيمياء للثانوية العامة 2025.. والتعليم ترد    آراء طلاب الثانوية الأزهرية بالفيوم بعد امتحان المطالعة والنصوص: "كله مقالي وصعب"    رئيس «الرعاية الصحية» يعلن اكتِمال المرحلة الأولى لمنظومة التأمين الصحي الشامل بأسوان    إبراهيم فايق يعلن بشرى سارة للجماهير العربية    السعودية تدشّن أول سرية من منظومة "ثاد"    9 جنيهات لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    روسيا تُعلن إسقاط 69 مسيرة أوكرانية غربي البلاد    "أحيا فرحه".. إمام عاشور ينعى أحمد عامر بصورة    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 3 يوليو 2025    الأهلي يعلن ضم محمد شريف لمدة 5 سنوات    لاعبو الهلال السعودي يحتفلون بمولود جديدة لرئيس النادي (صور)    وزير الخارجية يشدد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة    30 دقيقة تأخرًا في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 3 يوليو 2025    توزيع درجات امتحان الجغرافيا للصف الثالث الثانوي 2025    جثث الأطفال تفحمت.. الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين في حي الرمال ب غزة (فيديو)    جدل برلماني حول تعديل قانون التعليم.. النواب يطالبون بسحب المشروع (تفاصيل)    تغييرات جذرية في "وتر حساس 2".. غادة عادل بديلة لصبا مبارك وغياب أحمد جمال سعيد وجنا الأشقر    وجودك بيخلي اليوم مميز.. رسالة ليلى زاهر ل تامر حسني    سيراميكا يواصل مفاوضاته مع الأهلي لاستعارة رضا سليم    40 حكما يجتازون اختبارات الانضمام لدورة الحصول على رخصة "VAR"    «الوطنية للانتخابات» تحدد قواعد اختيار رموز مرشحي «الشيوخ» على نظامي القوائم والفردي    عصام السباعي يكتب: مفاتيح المستقبل    تريلا تدهس 7 سيارات أعلى الطريق الدائري بالمعادي.. صور    طارق الشيخ يكشف كواليس صداقته مع أحمد عامر..ماذا قال؟    مي عمر أنيقة ونسرين طافش بفستان قصير على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    هل الجنة والنار موجودتان الآن؟.. أمين الفتوى يجيب    وفاة طالب جامعي إثر تعرضه لصعق كهربائي بأسيوط    "القائمة الوطنية من أجل مصر" لانتخابات الشيوخ.. تضم 13 حزبًا وتجمعًا سياسيًا    البلشي: لست مسؤولًا عن تظاهرات أحمد دومة على سلم نقابة الصحفيين    بعد 12 عامًا.. الإخوان ترفض الاعتراف بسقوطها الشعبي والسياسي    تعرَّف علي قيمة بدل المعلم والاعتماد ب مشروع تعديل قانون التعليم (الفئات المستحقة)    يكفر ذنوب عام كامل.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    هل "الدروب شيبنج" جائز شرعًا؟ أمين الفتوى يجيب    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلتان.. بألف مهرجان !!
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 04 - 2013

حينما يقرر خالد جلال في كل مرة أن يبدع عملا جديدا، فهو في الحقيقة يقرر أن يهدى مصر باقة حب جديدة، زهورها هم الشباب الحالم الواعد، والحامل لكل مقومات الأمل والرغبة الجامحة في بناء مستقبل يناطح عنان السماء..
ما حدث في دار الأوبرا ليلتى الخميس والثلاثاء الماضيين أتصور أنه يدشن مرحلة جديدة في تاريخ المسرح المصرى، يرسمها للمرة الثانية خالد جلال، بعد رائعته "قهوة سادة" عام 2009 والتى مهد بها طريق المسرح بمدرسة إخراجية جديدة، وتيمة مبتكرة تماما، وهى المدرسة التى اتبعها من بعده كثيرا من شباب المخرجين، بعد كل هذا يرسم خالد جلال اليوم مدرسة جديدة تماما في تاريخ المسرح، يلقن بها كل صناع مسرح الدولة درسا فنيا، بل وإداريا في كيفية إعداد المهرجانات وتحقيق حالة الإبهار الفنى، واكتشاف مواهب رائعة على كل مستويات العمل الفنى، وذلك من خلال عملين كبيرين فصل بينهما يوم واحد، الأول هو عرض "روميو وجولييت" عن رائعة الكاتب الإنجليزي الشهير وليم شكسبير بطلاب جامعة المستقبل، والعمل الثانى هو أوبريت "حبيبى يا وطن" لعاشق مصر الخال عبدالرحمن الأبنودى وبمشاركة نخبة من فنانى مصر والوطن العربى.. كل هذا من إنتاج جامعة المستقبل.
من أتيحت له فرصة مشاهدة "روميو وجولييت" يكتشف أنها مغامرة حقيقية؛ أن تجسد تقدم للوسط الفنى كل هذا الكم من شباب يقف لأول مرة على خشبة المسرح ليقدم مثل هذا العرض الصعب جدا، لما يحتاجه من أدوات خاصة جدا للممثل، نظرا لما تتسم به أعمال شكسبير من اختراق لكل المتناقضات النفس البشرية، ولكن ذكاء المخرج ورغبة وإصرار د. خالد عزازى رئيس جامعة المستقبل على تربية وجدان طلابه على روائع الفن العالمى، كانت سببا في النجاح الباهر لهذا العمل، فقد رسم د. مصطفى سليم رؤية معاصرة شديدة الرقى والرومانسية لأشهر قصة عشق في التاريخ، رابطا إياها بقصة حب موازية دارت بين شاب وفتاة هما أعضاء فرقة الجامعة التى تقرر تجسيد النص العالمى، ففى الوقت الذي يدور فيه الصراع بين عائلتى روميو وجولييت، يدور نفس الصراع بين عائلتى "آية ونديم" ويتصاعد كلا الصراعين حتى يصل في النهاية إلى موت روميو وجولييت والوفاق بين العائلتين بعد فوات الأوان، بينما يصر الحبيبان إية ونديم على استمرار حبهما في إشارة لاستمرار الأمل، وهى رؤية شديدة الرومانسية وليست غريبة على د. مصطفى سليم فقد عرفته في قاعات الدرس بأكاديمية الفنون مسرحيا وشاعرا بديعا له مئات القصائد التى يحقق بها مشروعه الشعرى في المسرح المصرى، وقد استمد الفنان خالد جلال خط الأمل الذي رسمه د. مصطفى سليم ليحققه في ممثليه الذين رأى فيهم بذرة جيدة لممثل الغد، ولأن قدراتهم التمثيلية مازالت بحاجة إلى مزيد من التدريب فقد دس بينهم عناصر طلابه من مركز الإبداع ليحققوا ما يصبو إليه من نجاح، فجاءت سارة مجدى لتفجر طاقة مذهلة لنموذج المربية "الكوميدى" والتى شعرت معها أنها تحمل به قدرا من روح الرائعة نبيلة السيد وخفة ظل خالد جلال نفسه وطريقة أداؤه في حياته اليومية، وهو ما نال لإعجاب وتصفيق الجمهور الحار كلما ظهرت فقط على المسرح وقبل ان تنطق بأى كلمة، بالإضافة لمجموعة المهرجين الذين جسدوا دور المعلق على الأحداث بغناء أشعار مصطفى سليم البديعة، في حين كشف العرض عن طاقات جديدة تنبئ بنجوم واعدين، مثل محمد ماضى "المخرج، تيالت"، شادي "روميو"، نديم "روميو المعاصر"، احمد تمام "الخادم سمسون"، دعاء "جولييت"، ولا شك أن كل نجوم العمل قد بذلوا مجهودا مضاعفا لتحقيق نجاح العمل، وقد اكتملت الصورة بثلاثة عناصر في غاية الأهمية لا غنى لأحدهم عن الآخر، الأول هو ديكور الفنان حازم شبل الذى عبر عن الحقبة الزمنية لزمن الأحداث بكثير من الإتقان والروعة، والبساطة ايضا في كيفية استبدال الديكورات بين مشهد وآخر بكثير من السلاسة نفتقدها في مسارح الدولة، بينما أضفى على تلك الديكورات بهاءها وعظمتها العنصر الثانى وهو الإضاءة التى صممها ياسر شعلان، فتنقلت بين ألوان الأزرق الدال على الغموض أحيانا، والالوان النارية الدالة على الفرح تارة وتصاعد الصراع بين العائلتين تارة اخرى، واخيرا لم يكن كل هذا بمعزل عن تصميم الاستعراضات للدكتور مجدى صابر، فقد بدا الراقصون وكأنهم فراشات تحلق في سماء المسرح، خاصة وقد ساعدتهم على أداء مهامهم أزياء الفنانة الرقيقة مروة عودة ابنة مركز الإبداع الفنى، والتزامها الحقيقى بأزياء زمن الأحداث بكل ما فيها من جاذبية وإبهار وروعة، تعكس الإنتاج الضخم الذى وفرته إدارة جامعة المستقبل.. كل هذا فاجأ كل من شاهد الحدث الفنى الضخم بما له من بهاء الصورة واكتمال عناصرها.
أما الحدث الثانى فكان أوبريت "حبيبى يا وطن" الذي يمثل إحدى روائع الخال عبدالرحمن الأبنودى ويروى فيه حكايته مع الوطن بكل ما فيها من شد وجذب، وأوقات عصيبة وبطولات عظيمة، والجميل في هذا الأوبريت هو اختيارات المخرج والملحن لأبطاله، فقد رواه الفنان الكبير أحمد بدير لمجموعة من أبناء الوطن أبناء مركز الإبداع أيضا، بينما تغنى بكلماته كل من مدحت صالح، لطيفة، حكيم، آمال ماهر، وائل جسار، محمد فؤاد، وهانى شاكر، ففي الجزء الأول من الأوبريت غنى كل منهم مقطع يعكس جزءا من حكاية الخال، في أداء شديد القوة والحماس بشكل تفاعل معه الحاضرون وخاصة طلاب الجامعة الذين تفاعلوا مع محمد فؤاد حتى بكى على المسرح، وأجبروه على إعادة مقطعه الغنائى "حبيبى يا وطن"، فنهض الجميع في أماكنهم يصفقون فرحا بهذه الحالة الوطنية البديعة، التى كنا في أمس الحاجة إليها فعلا، وهو ما تكرر ايضا في الجزء الثانى من الأوبريت الذى حمل عنوان "مصراوى" بأشعار نادر عبدالله، ولحن الأوبريت كاملا المبدع وليد سعد، وأعده دراميا ايضا الفنان مصطفى سليم.
ولا شك أن الفنان عمرو عبدالله مصمم ديكورات الأوبريت قد فاجأ الجميع أيضا بقدرته الفائقة على تجسيد أروع ما في مصر من أماكن حينما تنقل بين مشاهد الريف والحضر والآثار العظيمة في سلاسة وروعة تشعرك وكأنك تتجول في ربوع الوطن، وأمام أزياء مروة عودة ايضا لابد أن نقف تحية لها بما صممته من ملابس تحمل حروف اللغة العربية الجميلة التى تجسد كل منها لوحة فنية في حد ذاتها.
باختصار، ما قدمه خالد جلال في هاتين الليلتين يعادل ألف مهرجان، فهو بلا مبالغة حالة جديدة غابت عنا في العامين الماضيين، رصدها برسم ملامح الأمل في عرض "روميو وجولييت" وتجسيد أوصاف المصري الحقيقى في أوبريت "حبيبى يا وطن" ليراجع كل منا نفسه من جديد فيغلب مصلحة الوطن على مصالحه الشخصية، أما د. خالد عزازى رئيس جامعة المستقبل فله كل التحية على هذا الإنتاج الضخم الذى افرز كل هذا الكم من نجوم الغد، وأكد من خلاله أن صناعة المهرجانات لا تحتاج أكثر من إنتاج محترم وإنفاق في موضعه وفنان واعى، فصار لدينا ليلتان بألف مهرجان.
وأمام هاتين الليلتين البديعتين أتصور أن دور وزارة الثقافة الآن هو تبنى هذين العرضين وإعادة تقديمها للجمهور بأسعار رمزية، وانا على ثقة بأنها ستكون بداية استعادة الثقة بين المسرح والمشاهد.

لمزيد من مقالات باسم صادق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.