لم يعد اليتيم هو الذي يفقد والديه بموتهما, فقد يكون والداه علي قيد الحياة بينما هو مسجل علي قائمة الأيتام! شعور قاس عندما يحس الأطفال أن آباءهم وأمهاتهم قريبون منهم في المكان, لكن هناك مسافات نفسية تفصل بينهم.. وقد يعيش أحد الوالدين بعيدا عنه, أو ينفصل الوالدان بالطلاق ويبقي لديه شعور مرير باليتم! القصص تدمي القلوب وتبكي العيون.. والآن ربما يكون الوقت مناسبا لنسمع آلامهم كما نفعل مع الطفل اليتيم الذي نحتفل كل عام بيومه في أول يوم جمعة من ابريل. (علي) طفل في الثالثة عشرة من عمره اعتاد افتعال المشاكل والازمات والتدخين في سن مبكرة رغم ان والديه علي قيد الحياة شكلا إلا انه يتيم موضوعا فوالده انصرف لشرب المخدرات ووالدته انشغلت عنه بالبحث له ولأخوته عن لقمة العيش لأن هذا الوالد دائما هارب بعيدا عن المنزل وليس امامها سوي ان تمارس الدورين كأم تحنو وأب يبحث عن قوت الصغار الذين قد يسقط منها بعضهم وسط الطريق لافتقاد الرعاية وهذا ما حدث مع ابنها( علي) بالفعل ليصبح نبتا فاشلا لأب مات وهو مازال علي قيد الحياة ليستحق ان يكون طفلا بدرجة يتيم. أما أحمد الطفل الاشقر الذي وقف بعيدا وحيدا في مواجهة احد مدرسيه الذي يبتز الأطفال لارغامهم علي الدروس الخصوصية متابعا مرور الضعار بصحبة والديهم رافضين صيغة الاجبار متخذين من الأب مصدرا للقوة.. ولكن والده الذي فرضت عليه الظروف المعيشية الصعبة للبحث عن الرزق بعيدا عن الوطن ترك ابنه وحيدا بين اقرانه مثل اليتيم الذي لازال والده علي قيد الحياة ولم يجده بجواره يحميه من بطش المعلم الذي سامح اليتيم لأن والده متوفي أما من سافر والده فلم يسامحه مع أنه يتيم من نوع خاص لأن والده مازال علي قيد الحياة ويفتقد حتي شفقة الاخرين فلا نجني من الغربة سوي آلأم الأبناء ولكن هذا الأب في النهاية له مبرر للبحث عن الرزق ولكنه لا يرقي لمستوي العذر لأن بناء كيان الأبناء أهم. جاءتني تروي حكايتها فهي امرأة في العشرينيات من العمر شاء القدر ان تكون مطلقة لا يهم سبب الطلاق ولكن المهم تبعات هذا الطلاق الذي خلف طفلا عمره سنة واحدة ولانها من أسرة معدمة فكان لابد من زواجها من أول شخص يطرق الباب حتي يتحمل نفقات طعامها هي والصغير وقد كان وتم الزواج وأصبح الطفل يتيم الأب رغم أن والده مازال علي قيد الحياة فوالدته تضطر لكتم صراخه بيدها حتي لا يزعج زوجها لأنه لا ينسي ان يذكرها يوميا بان هذا الغلام عبء عليه لدرجة انها جاءتني بالطفل بعلامة في وجهه كانت آلة حادة اقتطعت جزءا منه وقصت لي الأم انها كانت تعد الطعام وكان امافيها اختيارات اما ان تلتقط الطفل حتي لا يسقط ويحترق الطعام أو تترك الطفل يسقط علي حرف انية الطعام وتحمي الانية حتي لا تنسكب وفضلت الاختيار الثاني لانها تعلم ان الاول يؤدي الي طرد الصغير بعيدا عنها الي زوجة أب يكون معها يتيم الأم وهي علي قيد الحياة!! لم تكن تلك هي القصة الوحيدة ففي مكان مخصص لرؤية الآباء لأبنائهم من زواجاتهم المطلقات رأيت مريم طفلة صغيرة سنوات عمرها لم يصل لأربع سنوات بعد لكنها تتحدث عن الرجل الذي أراد ان يذبحها بالسكين ويريد ان يلقي بها من فوق حائط حديقة الرؤية في البداية اعتقدت انه خيال طفلة لكن والدتها اكدت صدق ما قالت بل والاكثر من ذلك انه يحفر علي قدم الصغيرة بسن الالم المدبب ليؤلمها لكي يستفز والدتها ويحدث معها ازمة هذا ليس كل شيء لان الاقسي من ذلك هو ماكانت صغيرة تقول ان الجميع لهم( بابا) ما عدا هي وكل ما تحلم به ان يحتضنها والدها فهي بلا أب رغم انه علي قيد الحياة ورغم اصرار والدتها علي عدم الزواج من رجل اخر يهين صغيرتها لأنها معلمة ولديها دخل ثابت يكفيها مع صغيرتها إلا أنها في النهاية طفلة بلا أب أو عطف حتي ممن حولها لأن والديها علي قيد الحياة. فمن قرر ان يدمر منزله بقرار الطلاق لابد أن يفكر ألف مرة حتي لايحول ابناءه الي ايتام لوالدين لازالا علي قيد الحياة باحثا عن نفسه فقط ومعتقدا ان الانفاق هو كل ما يحتاجه الابناء وكأنه لا يعلم ان الطفل لا يحتاج ما يبنيه له الأب بقدر احتياجه الي ان يبنيه الأب.