شحوط السفن في مياه البحر الأحمر وخليج العقبة ظاهرة يجب عدم اقتصار العقوبات التي تتخذ لمواجهاتها علي توقيع الغرامات المالية نظرا لضخامة المخاطر الناجمة عن هذا الشحوط, فيجب اتخاذ التدابير والاحتياطات الاحترازية. التي تحول دون حدوث ذلك, بأن يتم إلزام تلك السفن بالدخول والخروج من وإلي خليج تيران ومناطق الشعاب المرجانية في المسارات المحددة, لأنه غالبا ما يحدث الشحوط في مناطق الشعاب المرجانية ذات التشكيلات الرائعة والألوان الزاهية والأحياء البحرية المتنوعة فتدمر مساحات هائلة منها, والخسارة هنا لاتقدر بمال لأن تعويض تلك الشعاب أمر صعب للغاية لأن تكوينها يستغرق مئات السنين وعن خطورة تلك الحوادث يقول الدكتور محمد سالم مدير محميات جنوب وشمال سيناء خليج العقبة الجنوبي( مضيق تيران) مصنف بأنه من أخطر الممرات الملاحية في العالم, لأن تلك المنطقة ضيقة جدا مقارنة باتساع المجري الملاحي للبحر الأحمر, إذ لايزيد المجري بمضيق تيران علي ألف متر في الإتجاه الشمالي للسفن المتجة للشمال, وفي حدود600 متر فقط بالنسبة للسفن المتجهة للجنوب, ويصل الممران الشمالي والجنوبي إلي4 تكوينات من الشعاب المرجانية المغمورة, التي لايزيد عمق الماء فيها علي نصف متر فقط وتزيد كلما اتجهنا لأعماق أكبر, وهذه التكوينات هي( الجاكسون الروود هاوس توماس جولدن ريف), وتاريخيا كانت معدلات الحوادث في الماضي كبيرة وتزيد علي حادثين في السنة وتخلف أضرارا مابين البسيطة والكبيرة جدا, وسجلت بعض السفن في أثناء شحوطها اتلاف5 آلاف متر مربع من الشعاب المرجانية, وهو ما يمثل خسارة كبيرة جدا, ولكثرة تلك الحوادث تنبهت الحكومة المصرية وأنشأت مركزا لإرشاد السفن الداخلة والخارجة للمضيق يتولي توجيهها في حالة الحيود عن المسارات الدولية المحددة, وهذا انعكس بالإيجاب وقلل كثيرا من معدلات الحوادث وشحوط السفن, إلا أن الخطأ البشري مازال يتسبب في حوادث من آن لآخر, والأضرار هنا تلحق بموارد طبيعية لا تقدر بمال.وعن آخرتلك الحوادث يقول عصام سعد الله مدير محمية رأس محمد بجنوبسيناء: للأسف وبعد غياب امتد لثلاث سنوات كاملة ومنذ شحوط السفينة كاسكيل هامبورج التي تحمل جنسية هونج كونج لم تشهد منطقة محميات خليج العقبة بسيناءالجنوبية أي حوادث شحوط للسفن وتدمير الشعاب, وقد لعب انشاء مركز توجيه وارشاد السفن في منطقة خليج تيران دورا رئيسيا في ذلك, إلا أن الظاهرة عادت من جديد بحادثين لايفصل بينهما سوي أيام قلائل, المركب ألأول اسمه بيردي كان قادما من الإمارات متجها لميناء العقبة بالأردن وتسبب عطل محركاته في صعوده فوق منطقة الشعاب المرجانية, وساعد صغر حجم المركب وطوله الذي لايتعدي13 مترا في تقليل مساحة الشعاب المرجانية التي دمرت والتي بلغت10 أمتار فقط, ولكنها في النهاية خسارة يصعب تعويضها علي مدي سنوات طويلة. أما الحادث الثاني فيعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معان, حيث غبرت سفينة الشحن العملاقة ألجا, التي يبلغ طولها91 مترا وعرضها14.5 متر ومحملة بالفوسفات وقادمة من تونس, ومتجهة لميناء العقبة بالأردن أيضا, في منتهي الغرابة وعلي الرغم من تحركها في خط ملاحي يصعب معه حدوث الشحوط إلا فأنها حادت عن مسارها الطبيعي, وصعدت فوق منطقة الشعاب المرجانية منطقة الوود هاوس, وهي منطقة شعاب شبه مغمورة( أي مرتفعة نسبيا وقريبة من سطح الماء) وتعد من أهم مناطق الغوص والشعاب المرجانية في محميات خليج العقبة, وهي واحدة من أربعة مواقع بالغة الأهمية بالنسبة للغوص, بل من أهم المواقع المحببة للسائحين من جميع جنسيات العالم ولها شهرة عالمية, علما بأن وجود السفينة فوق منطقة الشعاب امتد من يوم27 يناير حتي5 فبراير الماضي. وعن وجود شبهة تعمد ادخال السفن مناطق الشعاب حتي يتسني لملاكها الحصول علي مبالغ التأمين يقول عصام سعد الله: هذا التفسير لايمكن أن يقره أحد الآن بالنسبة للسفينة بيردي أو ألجا, فالثانية يؤكد قبطانها وجود أعطال مفاجئة في موتوراتها المحركة ومازالت اللجان الفنية بصدد تحديد السبب, وكذلك التحقيقات واللجان الفنية مازالت جارية بالفحص, وستحدد السبب الأساسي وراء شحوط السفينة فوق منطقة الشعاب.