محمد بهجت كانت مسرحية حكاوي التي عرضها مسرح الشباب قبل أيام هي آخر أعمال المبدع الراحل رمضان خاطر الذي توفاه الله عقب تقديم عرضه المميز والمختلف والذي يعتمد علي فن الحكي ولعلنا لا نعرف عن الحكائين إلا الصورة التقليدية للحكاء عازف الربابة الذي يروي السير الشعبية وقصص البطولات. وهذا نوع واحد فقط من أنواع الحكي ولكن اسلوب الحكي علي خشبة المسرح دراسة متخصصة يقول الفنان رمضان خاطر عن تجربته: قابلني الفنان حسن الجريتلي في عام1990 وجعلني أشارك في ورش الحكي المسرحي.. والحكي فن شديد الصعوبة لأنه يعتمد علي توصيل الرسالة من خلال الخيال وحده دون استخدام ديكورات وملابس واكسسوارات, فأنت تسمع نفس الحكاية من شخصين مختلفين فتعتقد أنها قصيرة ورائعة من الحكاء الموهوب المدرب, بينما تراها طويلة ومملة من الحكاء الآخر.. وفي رأيي والكلام لايزال لرمضان خاطر إن كل حكاء جيد هو ممثل جيد, بينما لايمكن لكل ممثل أن يصبح حكاء والذي ميز الفنان أحمد زكي كممثل أنه كان في الأصل حكاء وإذا روي لك قصة أو موقفا مر به تشعر بموهبته حاضرة بقوة.. من خلال حكايته.. ومسرحية حكاوي تحتوي علي حكايات تراثية وأخري شخصية تخص صاحبها ومن أجمل حكايات رمضان خاطر حكاية الصلاة علي النبي.. والتي تقول إن رجلا كان يتمشي في الشارع فوجد من يضرب صدره بحجر ويقول متحسرا أنا اللي جبت ده كله لنفسي فسأله عن السبب متعجبا وإذا به يجد نفسه واقفا في أرض غريبة لم يرها من قبل.. ذهب إلي مطعم ليتناول وجبة وأخرج من جيبه نقودا فقال له البائع: الطعام هنا يقدم بالصلاة علي النبي الكريم بمعني أنك تأخذ لحما بستين صلاة ودجاجا بأربعين صلاة وفولا بعشرين وهكذا قال الرجل خير الأمور الوسط واختار الدجاج ووقف يصلي علي النبي المختار أربعين مرة ثم طلب أن ينام فقيل له إن رجلا يبيع بيوتا ولا يتقاضي أجرا وانما أجره أن تصلي علي النبي وتهبه الثواب.. واختار صاحبنا أوسط البيوت وصلي علي سيدنا محمد أربعين ألف صلاة ثم قصد أن يتزوج فدفع مهره كذلك بالصلاة علي النبي, لكن والد العروس اشترط عليه أنه إذا أغضب زوجته ثلاث مرات فلن تعود له زوجة وظل يعيش معها في سعادة إلي أن خرج ذات مرة ورأي حديقة ورجلا يأكل ثمارها الناضج وغير الناضج والفاسد أيضا فعاب عليه ذلك ولامه بشدة, فقال له الرجل لا تنشغل بحال غيرك وعاد فوجد الزوجة قد غضبت وعادت لبيت أبيها, استعادها إلي بيته وعادا للحياة السعيدة وبعد شهور خرج مرة أخري فوجد رجلا يعبئ الماء من النهر مرة ببرميل كبير ومرة بإناء أصغر ومرة ثالثة بإناء أقل في الحجم من الاثنين لامه صاحبنا وقال له انت تهدر وقتك لماذا لا تجمع الماء بالإناء الكبير وحده قال له الرجل لا تنشغل بغير نفسك ثم عاد الي بيته ورأي زوجته قد غضبت, ثم اعادها من بيت أبيها وتكرر خروجه للمرة الثالثة.. فوجد رجلا عند البحر يصيد السمك ثم يتركه فصرخ فيه غاضبا متصورا أنه شخص أحمق وبعد أن عاد تأكد أن زوجته غضبت للمرة الثالثة ولن ترجع إليه مرة أخري وهنا طلب تفسيرا لكل ماحدث فقال له والد زوجته انت شغلت نفسك بما ليس من شأنك, فالرجل الذي يأكل الثمار كلها الناضج والنيئ والفاسد هو ما يرمز لرحمة الله يقبل الاعمال الطيبة كلها مهما صغر شأنها والآنية المتفاوتة في الحجم ترمز للرزق يختلف مقداره من انسان لآخر والصيد الذي يلقي في الماء هو الذنب الذي يغفر ويعود صاحبه لتلقي الفرصة وهنا عاد بطل الحكاية إلي الأرض التي جاء منها وكأنما منح الفرصة ليعيش مع الناس مرة أخري فيفعل الخير ويتجنب أن يسأل فيما لا يعنيه وتنتهي حكاية رمضان خاطر الممتعة.. الشيء المؤلم أن أحد المتطوعين لتشويه صورة الفن كتب علي الإنترنت خبر موته علي النحو التالي رمضان خاطر في ذمة الله.. هل سيتوب الفساق فهل الموت موقف للشماتة؟ وهل هذا من التدين؟ وهل سب الفنان ووصفه بالفاسق يجوز شرعا دون مسئولية علي الشاتم؟!!