لم تكن البيئة وعناصرها الجميلة كالحدائق والمتنزهات أسعد حالا من غيرها, فلم تسلم بعد الثورة من التعدي السافر من البلطجية وضاربي عرض الحائط بالقوانين والأعراف .. وحتي تعاليم الدين الحنيف التي تحرم قطع الأشجار وتدعو الي زراعتها, فالحدائق التي كانت ثمار الجهود الذاتية وتحتضن أشجارا تراثية عريقة هي الأكثر تضررا, وإذا كان حي المعادي هو أشهر أحياء مصر من حيث ثرائه بزخم هائل من أروع وأندر الأشجار, العالمية العتيقة, والتي قلما يوجد مثلها في أي منطقة أخري, وكان حرص الجمعيات الأهلية علي المحافظة عليها طوال العقود الماضية مضنيا, خاصة جمعية محبي الأشجار إلا ان معاناتها تضاعفت في الأشهر القليلة الماضية, بعد ان طالت ايادي البلطجية وإحدي الشركات ومعهم بعض قاطني قمة المناصب الرفيعة في المجتمع الطامعين في استغلال حالة الإنفلات الأمني في تدمير الطبيعة لتحقيق مكاسب مادية من خلال هدم الفيلات ذات الحدائق الجميلة وإقامة الأبراج مكانها, والطامة الكبري في هولاء الذين قاموا بمذبحة اخري للأشجار ليزيد ماعانته منطقة المعادي والبساتين في ثلاثة مواقع من تدمير للحدائق خاصة حديقتي ترعة الخشاب وعزبة الورد في ظل غياب الأمن وتقاعس وزارة البيئة والحي إلا من محاضر, تسمن ولاتغني من جوع, امر يندي له الجبين وعن تاريخ انشاء حديقتي ترعة الخشاب وعزبة الورد تقول المهندسة أسماء الحلوجي عضو جمعية محبي الأشجار بالمعادي: قد لايغيب عن ذهن المواطن المصري ذلك المكان الرائع الذي ظهر فيه الفنان عبدالحليم حافظ وهو يغني للفنانة ماجدة أغنيته الشهيرة ظلموه علي الكوبري الخشبي انه هو نفس المكان الجميل الذي يعاني الانتهاكات الخطيرة الآن والمعروف بحديقة الخشاب بالمعادي, فتلك الحديقة أعيد انشاؤها منذ منتصف الثمانينات بالجهود الذاتية للجمعيات الأهلية والأهالي وعشاق الطبيعة والجمال, وهي تحتضن أشجارا معمرة يربو عمرها علي المائة عام, مثل أشجار الكافور التي يزيد عددها علي120 شجرة إضافة الي اشجارخف الجمل والبوتسيانا, كاسيا جولوكا والجاكاراندا والفلفل الرفيع والعديد من الشجيرات الأخري مثل الهيبسكاس والتفلة, والحديقة تمتد بامتداد المعادي بطول كيلو مترين وعرض20 مترا, والآن تحاصرها أيادي التدمير والتخريب والإستغلال السلبي من كل اتجاه, فشركة المياه بإشغالاتها بورت فدانا كاملا شونت فيه معداتها, وأدي ذلك الي موت6 أشجار كافور وتعرض اعداد اخري للتلف والموت, كما قامت احدي الجمعيات الدينية بقطع الكثير من الأشجار المعمرة, وليس من المعقول إزالة تلك الأشجار بحجة زراعة بدل منها, فهذا غير مقبول بالنسبة للأشجار المعمرة كتراث طبيعي وثروة لاتعوض, هذا بالاضافة للانتهاكات الاخري التي تعاني منها الحديقة. وعن الحديقة الثانية وهي عزبة الورد فتضيف المهندسة عفاف عصمت عضو الجمعية: هذه الحديقة كانت في الأصل مقلبا ضخما وممتدا للقمامة يقع علي مساحة ثلاثة أفدنة بالبساتين في منطقة معدمة شديدة الفقر والخدمات, وكان مرتعا للخارجين علي القانون ومدمني المخدرات والأعمال المنافية للآداب والمجرمين, وتضافرت الجهود الذاتية للجمعيات الأهلية والأهالي والشركات المحيطة ورجال الأعمال وعشاق الطبيعة والجمال, واستغرق رفع القمامة وتطهير الموقع وتأهيلة وزراعته اكثر من عامين, حتي تم افتتاحه عام2000 م, حديقة جميلة تحتضن50 نوعا من الأشجار الرائعة مثل الجاكارندا واللانتانا كمارا والنخل الملوكي والتيكوما والفيكس بينجامينا والكوريزيا والورد البلدي والبستاشيا وغيرها, كما تم اقامة مسرح صغير داخل الحديقة, وأصبحت رئة جميلة للمنطقة, وللأسف طالتها أيادي التدمير بعد الثورة من قبل البلطجية, فاغتالوا الخضرة بالمباني وجعلوا منها مرعي للأغنام والماعز, لينال منها التدمير ايضا وعن المخالفات القانونية يقول المهندس احمد الجندي رئيس مجلس ادارة جمعية محبي اشجار المعادي: ماحدث ويحدث لايخالف فقط القوانين الحاكمة والقوانين البيئية بل الشرائع السماوية والأعراف الانسانية, فقانون العقوبات المصري في مادته رقم367 تعاقب بالحبس مع الشغل كل من يقتلع شجرة أونباتا, وكذلك قانون البيئة رقم4 لسنة1994 والمعدل بالقانون رقم9 لسنة2009 في مادته رقم27, ومع ذلك نجد احد الأشخاص يزيل16 شجرة معمرة لاتقل اعمارها عن60 عاما تقع في حرم السكة الحديد بشارع250 بالمعادي لإقامة مطعم وكافيتيريا, وما قام به اعضاء احدي الجمعيات بترعة الخشاب بإزالة عدد من أشجار الكافور العتيقة التي لاتقدر بثمن, كذالك ازالة50 شجرة فيكس تمت زراعتها منذ10 سنوات, إضافة الي ماشهدته مناطق متفرقة من المعادي من تجاوزات هدم للعديد من العقارات وتدمير ما بها من حدائق وأشجار نادرة ومعمرة للاستفادة بمساحاتها لإقامة ابراج عليها, نعم قمنا بعمل محاضر لدي الحي وأبلغنا وزارة وجهاز شئون البيئة ورئيس قسم التشجير شخصيا, ولايبق لنا سوي الأمل ان تسارع الجهات المختصة المعنية باجراءات سريعة ورادعة لعودة الحدائق المفقودة, قبل ان يأتي عليها الخارجين علي القانون والبلطجية وإيقاف كل التجاوزات.