هايد بارك حقيقي تكون أمام اللجان الانتخابية وخلال الإنتظارالطويل في الطوابير وصولا إلي صندوق الإقتراع لاختيار ثمانية نواب بالنظام الفردي و16 نائبا بنظام القوائم الانتخابية في الإسكندرية. إستغله المصريون في طرح كافة الأفكار عن الثورة والمرحلة الإنتقالية ورسم مستقبل البلاد برؤية بعيدة عن التنظير السياسي ولكن ببساطة المواطن العادي. أهم الأحاديث خرجت من طوابير السيدات اللاتي حرصن علي تذكر شهداء الثورة بالإسكندرية بدءا من أحداث كنيسة القديسيين التي أفجعت الشعب المصري عشية رأس السنة الميلادية; ولم تفرق السيدات بين( مسلم ومسيحي) ولكن دافعن عن حق المصريين في وطن آمن خلال طريق الديمقراطية وأعتبرن الانتخابات البرلمانية أحد سبلها لحماية أبنائهن من ويلات الاضطراب والانفلات الأمني. أما الرجال فأصبحت الأحاديث أكثر ودا بين أبناء النطاق السكني الواحد بعد أن شاركوا في اللجان الشعبية خلال أيام الثورة, فالكل يتذكر كيف كان يبتكر وسائل دفاعية لحماية شارعه, وكيف سهر طوال ليالي عديدة في حماية جيرانه والمغامرات التي خاضوها خلال تلك الأيام والتعامل مع بعضهم. ويذكر إبراهيم سعفان ناخب بدائرة الرمل أن المواطنين الذين خرجوا لحماية مساكنهم خلال اللجان الشعبية; خرجوا اليوم لحماية الثورة ككل من خلال مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية للحصول علي الاستقرار والوصول بالبلاد إلي مرحلة جديدة من الديمقراطية. الإستقرار يرسم مستقبل الأحفاد لم تشهد مصر أياما كالتي تمر بها حاليا.. ربنا يحميكم يا شباب هذا ما ظل يردده ناخب تجاوز عمره السبعين عاما ويدعي أحمد صلاح; وحضر بصحبة أحفاده إلي اللجنة الانتخابية ليساعده رجال الشرطة العسكرية بالوصول إلي الصندوق الانتخابي. ويقول صلاح أنه لم يشارك طوال عقود في الانتخابات البرلمانية أو أي من عمليات الاستفتاء لأنه لم يستشعر قيمة المشاركة, مؤكدا حرصه الحالي أن يساهم في رسم مستقبل مصر لأحفاده وأن يضمن أن تصل البلاد إلي الاستقرار بعد أن نجح الشعب في تصدر المشهد. ولم ينته المشهد عند المشاركين فقط في الانتخابات البرلمانية وإنما إمتد إلي العازفين عن المشاركة; فحينما حاول أحد المروجين لأحد الأحزاب الإقتراب من سيدةفي العقد السادس من عمرها لحثها علي دخول اللجنة التي تتوسط أحد الأسواق الشعبية فأعلمته رفضها المشاركة في الانتخابات. وحين حذرها الشاب من الغرامة المفروضة علي الممتنعين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية; قالت: فلتقتطع الغرامة من أموال الشعب التي تم تهريبها إلي الخارج ولم تسترد بعد. بأحد الطوابير الانتخابية تناول مجموعة من الأشخاص تقييم المرحلة الانتقالية منذ إندلاع الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير; فأحد المشاركين في الحديث يعمل سائق تاكسي عبر عن استيائه مما آلت إليه الأوضاع خاصة خلال الأيام التي شهدت حظرا للتجول, مشيرا إلي أنه لا يختلف مع المبادئ التي قامت من أجلها الثورة, ولكنه يريد أن تنتهي مراحل الاعتصامات والمظاهرات التي تؤثر علي سوق عمله. ويقاطعه محام مشارك في الحديث بأن الاعتصامات والمظاهرات هي أحد حقوق المواطنين التي نص عليها الدستور, ولكن لا يجب أن يتم إستغلالها في كل مناسبة أوأن تكون طريقة وحيدة للتعبير عن الاحتجاج. وبمجرد نزول أحد كبار السن من إحدي سيارات الأجرة سارع فرد من القوات البحرية بمساعدته في الوصول إلي اللجنة الانتخابية; بينما أشار بعض الناخبين المنتظرين في الطابور إلي أن ذلك السلوك لم يعتد عليه المصريون في السابق وأن الشرطة لو كانت هي المسئولة الوحيدة عن تأمين اللجان الانتخابية لما ساعد أحد هذا الشخص العجوز. الشعب لن يسمح بالتلاعب من يتذوق حلاوة الديمقراطية لن يتنازل عنهاهذا ماقاله أحد الوقوف في طابور إحدي اللجان بمحطة الرمل للواقف خلفه فرد عليه قائلا: كل ما أتمناه أن تثمر هذه الوقفة الطويلة عن برلمان قوي ونزيه عبر عنا جميعا لا عن فئة بعينها أو مصالح شخصية. فرد ثالث لقد إنتهي هذا العهد لن يسمح لهم الشعب بذلك إذا فكروا اللعب بمقدراته. يقول الدكتور شريف قنديل أن الناس في لجنته تحدثوا فيما بينهم حول الوضع الإقتصادي المتدهوروضرورة عودة الإستقرار لتعود عجلة الإنتاج ولفت نظره عدم الحديث عن المرشحين كما لم يحاول أحد من الوقوف أن يستميل غيره لتغيير توجهه الإنتخابي. ولأول مرة بانتخابات نيابية بمصر يتمكن ممثلو مؤسسات المجتمع المدني من مراقبة فعاليات عمليات التصويت والفرز بموجب بطاقات الهوية التي أصدرتها اللجنة القضائية المشرفة علي الانتخابات بعنوان متابع, ليرصدوا كافة إجراءات العملية الانتخابية دون مضايقات هذا ماقاله أحد الوقوف في الطوابير. وتمكنت عدد من المراكز الحقوقية من إصدار تقارير منتظمة ودقيقة حول العملية الانتخابية بكافة الفعاليات. وتشير إسراء أحمد أحد المراقبين أن العديد من المراكز الحقوقية تمكنت من متابعة العملية الانتخابية منذ فتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية, مرورا بمرحلة الدعاية الانتخابية وعمليات التصويت, مبينة أن العديد من المراكز الحقوقية نجحت في تنظيم حملات ضد الرموز السابقين بالحزب الوطني المنحل, بالإضافة إلي الإشارة إلي مخالفات وتجاوزات المرشحين. وتقول إسراء أن المراكز الحقوقية لم تتمكن في السابق من الحصول علي الصلاحيات الرقابية التي مارستها خلال الدورة البرلمانية الحالية, بما يبشر بنقلة نوعية في طريق الديمقراطية.