من الطبيعي في ظل استمرار حالة الإفشال والضرب المتعمد للثورة المصرية وحرفها عن مسارها الطبيعي ونجاحاتها المستحقة عن عمد حاليا بفعل قوي معروفة ومعلومة للجميع في مصر تملك مقاليد الأمور. فتقف صراحة وتتسبب عن جهل بسبب قراراتها الخاطئة ويدها المرتعشة وراء حالة الانقسام والتشنجات والتجاذبات السياسية وتقسيم البلاد الي ساحات المعارضة والموالاة في التحرير والعباسية, لكل ذلك من حق كل المصريين أن يصابوا حاليا بالاحباط وخيبة الأمل ويزداد فقدان الثقة في إصلاح هذا البلد. وهذا كله بسبب توالد واستمرار الرغبة من قبل البعض اياهم في اعتماد نهج واداء وعقلية النظام السابق وكأنهم لا يكفيهم 30 عاما من الانهيار فعادوا لتوظيف ثقافة إعادة إنتاج المنتج انتقاما من هذا الشعب, لأنه تجرأ وقام بثورة وبالتالي فلن يسمحوا بتمرير أي نجاحات لهما بدليل فضيحة وجريمة قتل المتظاهرين في التحرير منذ أكثر من عشرة أيام والمعالجات الخطأ لها منذ اليوم الأول. الآن وبعد عشرة أشهر من عمر الثورة وخريف الغضب الذي تواجهه وتعيشه مصر حاليا فلابد من جردة حساب صريحة ووقفة مؤلمة مع النفس, حتي يكون الجميع في هذا الوطن علي بينة من أمرهم وحاضرهم ومستقبلهم حيث لم يتم صراحة أي توظيف سياسي لهذه الثورة فهي لم تحقق صراحة إلا نصف نجاح فقط وصار المصريون علي يقين من ان حاضر مصر ليس أفضل من ماضيها وأن شجرة الثورة التي كانوا ينتظرون بفارغ الصبر أن تتساقط عليهم ثمارها لم تقذف لهم سوي حمم الفساد وكوارث الانفلات والضياع والانهيار للوطن, وكشف المستور من خداع ونصب عاشوا فيه ثلاثين عاما باسم دولة القانون والمؤسسات فكانت عن حق دولة النصب والنهب والتجريف وعصابة اللصوص. ولنبدأ جردة الحساب تلك من ملف التطهير والإصلاح وفتح ملفات الفساد التي كان يطفح بها الوطن يوميا, فماذا حدث منذ الثورة وحتي الآن؟ لا شيء فمبارك يقيم في جناح خمس نجوم بأحد المستشفيات يتمارض وزمرة عهده أمثال سرور والشريف وعز وعزمي ونجليه يقيمون في طرة دون أي محاكمات أو استرداد للأموال التي نهبوها أو الضغط عليهم بشتي الطرق للكشف عنها, وهذا أمر ليس بالصعب ثم الكذب علي المصريين بأن هناك محاكمات وملاحقة هذا كله خداع ونصب وتدجين, ثم أين بقية اللصوص والفاسدين من أصهار مبارك وابناء الشريف وفضائحه في وزارة الإعلام ومدينة الإنتاج الإعلامي لأكثر من 23 عاما, وكذلك الحال لأبناء وصهر فتحي سرور وأين نتائج التحقيقات التي جرت معهم؟ ولماذا يتركون كل هذا الوقت ؟ قس علي ذلك المئات من طاقم سكرتارية مبارك وسوزان.. كل هؤلاء الذين باتوا يملكون مئات المليارات من مال هذا الشعب, ناهيك عن مئات رجال الأعمال الذين نهبوا وسلبوا ملايين الأفدنة وأموال البنوك من دم هذا الشعب.. ماذا حدث لهم.. لاشيء, أما كان من الأجدي تطهير الوطن من كل هؤلاء اللصوص عبر محاكمتهم علي عجل وبعد اسابيع وليس سنوات, وأن تصدر بحقهم احكام الاعدام والشنق حتي نغلق هذا الملف ونتفرغ لبقية الملفات ومادام بقي هؤلاء فلا تتحدثوا عن ثورة أو استقرار, وستكرر أحداث التحرير كل يوم. أقولها صراحة إن الجميع قد سقط وفشل في امتحان الثورة ولم يعد يتبقي لنا سوي أمل واحد وهو ان نوقف جميعا حالة الانقسام هذه في الشارع السياسي حاليا, وندفع باتجاه تحقيق التحول الديمقراطي عبر انجاح تجربة المسار الانتخابي التشريعي ثم نكملها بالمسار الرئاسي حتي نسلم مقاليد الأمور الي سلطة رئيس مدني منتخب, ويعود المجلس العسكري الي ثكناته وعندئذ نعيد فتح كل الملفات من جديد ومنع أي تغطية علي جرائم الفساد والانحرافات التي جرت ومازالت تجري مهما طال الوقت, فلا تعطوا الفرصة للفاسدين والبلطجية وزعماء التخريب فهناك فرصة لإنقاذ الثورة عبر صناديق الاقتراع اليوم لانتزاع السلطة المدنية الكاملة ووقتها لن يبقي هناك من هو محصن او ممنوع أو صاحب خط أحمر في الملاحقة والمحاكمة لكل الذين افسدوا الوطن وقتلوا الشعب ونهبوا ثرواته.. فالقادم سيكون أسوأ لكل هؤلاء.. وانتظروا. المزيد من أعمدة أشرف العشري