زكريا وحديث الشرف ثمة شعور بات يداهم المصريين الآن بعد تجربة تسعة أشهر علي الثورة, اننا دخلنا بالفعل إلي مرحلة الانسداد الكامل وضياع البوصلة لهذا الوطن, بدليل حجم الحرائق المتنقلة التي كلما سارعنا بإخمادها في مكان, سرعان ما تشتعل في مكان آخر, يسأل في ذلك اعتصامات واضرابات أكثر من16 جهة وهيئة في أسبوع واحد أمام مكتب عصام شرف وعديد من المحافظات والبقية تأتي, باتت جميع نوافذ الوطن مفتوحة علي المفارق وأخشي أن يكون القادم أسوأ. بدون مبالغات, الجميع في مصر يعيش حالة انكسار وضعف وشلل, الغالبية صارت في غرف الانعاش وباتت أشبه بالأموات. من يا تري أوصلنا الي هذا الحال؟ هل هي حكومة عصام شرف أم المجلس العسكري.. بلاشك الاثنان معا, الضعف والتخاذل والبطء والأيدي المرتعشة والحسابات الخاطئة وسوء التقدير واتباع المواءمات السياسية التي عطلت نجاح الثورة حتي الآن.. كلها مفردات لتجليات الفشل والهوة السحيقة التي وقعنا فيها حتي الآن. تخيلوا تسعة أشهر لم تنجز محاكمات أركان النظام السابق, المحاكمات بطيئة متراجعة, ثمة أيد خفية عابثة تسعي للتغطية عليها, والبحث عن ثغرات لتبرئة ساحة هؤلاء القتلة الفاسدين, المجرمين, المخربين, الخونة, بحق هذا البلد ثلاثين عاما. تصوروا نفر من هؤلاء البغايا اللصوص أمثال زكريا عزمي يخرج علينا في تحقيقات الكسب غير المشروع وكما قرأنا أخيرا, يبلغ المحققين أنه رجل شريف لم يرتكب أي جرم في حياته وأن ذمته المالية سليمة, وأنه مثال للطهارة ونظافة اليد, ويدعي تعرضه لحملة ظالمة من وسائل الإعلام, أي حملة أو طهارة يتحدث عنها هذا الشيطان اللعين عزمي, الذي أفسد بلدا ورئيسا وشعبا30 عاما, الجميع في مصر حتي الموتي في القبور يعلمون أساطير الفساد التي كان يسطرها كل يوم وكل ساعة, فكان يستحق هو وزمرة الحكم الفاسد أحكاما بالاعدام مئات المرات في ميدان التحرير دون انتظار محاكمات القضاء البطئ غير الناجز. حديث زكريا عزمي عن الطهارة هو حديث كاذب وفاجر, وينسحب هذا التوصيف علي الشريف وسرور وغالي وعز وجرانة والمغربي وفهمي وسليمان وغيرهم لا أستثني منهم أحدا من قوي الفساد المتوحش. قل لي بربك لماذا التغطية حتي الآن أيضا علي رجال أعمال لصوص وسارقين يعلم الجميع في مصر اسمائهم وجبال الفساد التي يقفون فوقها, هؤلاء الذين نهبوا آلاف الأفدنة وأراضي الوطن من الإسكندرية وحتي أسوان وبثمن بخس وسرقوا أموال البنوك وحتي الآن لم يستدعوا أو يقدموا للمحاكمة؟! قل لي بربك لماذا لا يساق طاقم سكرتارية الرئيس المخلوع واخرهم أبوالوفا رشوان إلي السجن والمحاكمة.. هل صحيح هناك أيد خفية تقف وراء إخفاء وتعطيل التحقيقات ويمنع وصول يد العدالة اليهم حتي الآن.. نسأل النائب العام ورئيس جهاز الكسب غير المشروع ألم يكن مرور تسعة أشهر كافيا لمحاكمة هؤلاء اللصوص؟.. لماذا تنتظرون ولماذا التغطية؟ ومن يتستر عليهم؟ ابلغوا الشعب الحقيقة بدلا من أن ينفجر بركان الغضب وتحدث الثورة الثانية التي ستعلق المشانق لهم ولكل من يتستر علي محاكمتهم. أقول بوضوح إنه بدون تسريع المحاكمات وإصدار الأحكام السريعة وإغلاق هذه الملفات أولا, سيستمر التأزم والتردي والفوضي في مصر واستمرار الاصطياد في الأزمة, ناهيك عن تصاعد موجات الإضرابات والاعتصامات المتنقلة, ولن تتوقف مليونيات الغضب كل جمعة, وسيظل الفقر والفقراء قنبلة موقوتة تحت أقدامنا, نجاح الثورة, وجني ثمارها ليس بالشعارات والمهدئات, بل بالسياسات والأفعال. المصريون يريدون أن يروا ضوءا في نهاية النفق وحكومة ورئيسا قادما يتمتع بالرؤية والخيال, أقول للحكومة والمجلس العسكري إن معركة الحل والخلاص في مصر الآن وغدا مكلفة والتراجع عنها باهظ الثمن. المزيد من أعمدة أشرف العشري