بعد نشر مقال الأسبوع الماضي الذي جاء تحت عنوان أزمة المصرية للاتصالات.. سياسات وليس مرتبات والذي تضمن رسالة من الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات, وصلتنا رسالة أخري من الدكتور عمرو بدوي الرئيس التنفيذي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. يعلق فيه علي رسالة الجمعية, وإعمالا لحق الرد وحرصا علي توسيع دائرة المناقشة وإفساح المجال أمام كل الآراء ننشر رسالة الدكتور بدوي, والتي يقول فيها: السيد الأستاذ/ جمال غيطاس... تحية طيبة وبعد.. طالعنا المقالة الأسبوعية لكم بجريدة الأهرام يوم8 نوفمبر2011 بعنوان( أزمة الشركة المصرية للاتصالات: سياسات وليس مرتبات). حيث اعتمدت المقالة بشكل أساسي علي رسالة مقدمة من الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات انتقدت فيها سياسات الاتصالات في مصر منذ انتهجت الحكومة المصرية تحرير خدمات الاتصالات في تسعينيات القرن المنصرم, وعادت الرسالة إلي زمن الستينيات حينما كان الاحتكار يسود خدمات الاتصالات وذكرت أن السياسة آنذاك تعطي أهمية لتصنيع معدات الاتصالات وتطرقت الرسالة بعد ذلك لتحاول أن تثبت من خلال إحصاءات غير دقيقة أن قطاع الاتصالات في وضعه الحالي يسبب أضرارا جسيمة للاقتصاد المصري نتيجة لتجريف الأموال للخارج والفرق الكبير بين قيمة الصادرات والواردات في القطاع. ولا ندري من أين أتت الجمعية برقم6 مليارات دولار واردات, كذلك فوجئنا بما قررته الرسالة من أن المتوسط العالمي للقوي العاملة في قطاع الاتصالات يبلغ عشرة في المائة من إجمالي العاملين في دول العالم, وقارنت الرسالة بين أداء الاتصالات والزراعة في مصر من وجهة نظر فرق الصادرات والواردات. والحقيقة أن الرسالة جانبها الصواب فيما سردته وفيما انتهت إليه من نتائج نظرا لأنها بداية جمعت بين خدمات الاتصالات وصناعة تكنولوجيا المعلومات في بوتقة واحدة ولا يصح هذا الجمع نظرا للاختلاف الجوهري بين الاثنين, كذلك لا تجوز المقارنة بين الزراعة والاتصالات من حيث نتائج التصدير حيث أن قطاع الزراعة إنتاجي بالدرجة الأولي بينما نجد أن قطاع الاتصالات خدمي أساسا وعائداته بالعملة الأجنبية تقتصر علي إيرادات التجوال وعائدات إنهاء المكالمات الدولية والتي لم يتضمنها رقم ال المليار دولار المذكورة في الرسالة كصادرات للقطاع. وبالرغم من أننا يمكن أن نختلف في وجهة نظرنا عن أداء القطاع في خلال الفترة التالية لعام1999 حني الآن فانه من حق القارئ علينا أن يطلع علي الحقائق الآتية لكي يفهم الوضع الحالي في القطاع وبشكل خاص وضع الشركة المصرية للاتصالات وليطلع علي ما حققه القطاع في الفترة الماضية: 1- إتبعت مصر سياسة تحرير الاتصالات منذ عهد المهندس سليمان متولي بداية من تحويل الهيئة القومية للاتصالات إلي شركة وإنشاء مرفق الاتصالات وهي سياسة اتبعتها كل دول العالم في خلال العشرين عاما الماضية وأدت هذه السياسة التي استمر عليها الوزراء المتعاقبون إلي خلق المنافسة في سوق الاتصالات المصري لمصلحة المستهلك المصري من خلال توفير كافة خدمات الاتصالات الحديثة بأسعار مناسبة خفضت تكلفة الخدمة بدرجة أحس بها المواطن المصري( انخفض سعر دقيقة المحمول من175 قرشا إلي14 قرشا حاليا). 2- أن هذه السياسة لم تخدم القطاع الخاص فقط بل ساهمت في تطوير أداء المصرية للاتصالات التي احتفظت بدورها الأساسي في تقديم خدمات الاتصالات الأولية بالإضافة إلي كونها الوحيدة المصرح لها بتقديم خدمات البنية الأساسية للغير مما عاد عليها بإيرادات كبيرة من مقدمي الخدمات الآخرين وقد تم ذلك في إطار التوازن بين الشركة ومقدمي الخدمات الجدد من شركات القطاع الخاص. 3- كذلك قامت الشركة المصرية للاتصالات بإنشاء شركة تي داتا لخدمات الانترنت والتي تستحوذ حاليا علي حوالي سبعين في المائة من السوق المصري إضافة إلي ملكيتها لخمسة و أربعين في المائة من أسهم شركة فودافون مصر للمحمول وترجع أصول شركة تي داتا الي شركة جيجانت والتي انشاتها الهيئة القومية للاتصالات عام.1996 4- بلغت إيرادات الخزانة العامة للدولة من القطاع من متحصلات حقوق الامتياز والرخص والمشاركة في العائد وضرائب الدخل والمبيعات والجمارك وغيرها أكثر من سبعين مليار جنيه في الفترة من2005 حتي2010 وهذا أمر مطلوب من صناعة خدمات تكون مساهمتها الأساسية في زيادة دخل الدولة بصورة مباشرة وفي زيادة الدخل القومي بما تتيحه من فرص عمل وتحسين كفاءة تشغيل القطاعات الأخري والزيادة في الدخل القومي تقدر بواحد في المائة لكل عشرة في المائة زيادة في مستخدمي التليفون المحمول ويعتبر المؤشر الحقيقي لفوائد نشر خدمات الاتصالات و لقد وصلت نسبة استخدام المحمول إلي أكثر من تسعين بالمائة من عدد السكان في مصر وانعكس ذلك بشكل كبير علي الدخل القومي المصري. 5- قامت شركات خدمات المحمول باستثمار معظم أرباحها( أكثر من ثلاثين مليار جنيه) في بناء شبكاتها مما ينفي مقولة تحويل كافة أرباحها إلي الخارج بالإضافة إلي أن أغلبية الأسهم في شركة موبينيل مملوكة للمصريين ونصف شركة فودافون تقريبا مملوكة للمصرية للاتصالات, إضافة إلي ذلك دفعت شركة اتصالات مصر حوالي سبعة عشر مليار جنيه مقابل الحصول علي رخصة المحمول الثالثة في مزايدة عالمية اشتركت فيها ما يزيد علي عشر شركات من بينها المصرية للاتصالات. 6- أما بالنسبة لصناعة تكنولوجيا المعلومات فإن سياسات الوزارة تسعي نحو القيم المضافة العالية مثل البرمجيات و صناعات التعهيد و التي ساهمت في زيادة الصادرات إلي أكثر من مليار دولار. وتجربة شركتي المعصرة واجتي أثبتت أن الجدوي الاقتصادية هي أساس نجاح التصنيع و كان فشل التجربتين راجع إلي اعتماد المصنعين بصفة كاملة علي البيع للمصرية للاتصالات بأسعار اعلي من الأسعار المنافسة لتحقيق إرباحهما مع الفشل في تصدير منتجاتهما نظرا لأنها كانت مجمعة في مصر تحت تحكم كامل من الشركات العالمية التي استخدمت المصنعين لضمان حصة كبيرة من السوق المصرية ولم يكن التصدير من أهدافها. ولقد أدت سياسات القيم المضافة إلي تشغيل و رفع كفاءة الكثير من الشباب المصري الذي انطلق للعمل في مصر و الشرق الأوسط و أفريقيا. وأخيرا فإن وزارة الاتصالات ترحب دائما بالنقد الموضوعي و تسعي باستقبال أي اقتراحات تساهم في دفع القطاع إلي الأمام أو تقوم أداءه, والقطاع يفخر بالانجازات التي تحققت وكنا نتمني أكثر منها وهي اكبر دليل علي المحاولات المخلصة للعاملين به لخدمة وطنهم ويرجون من جميع أبناء مصر تقديم النصيحة المخلصة ومعاونتهم في النهوض بالقطاع عن طريق العلم والتكنولوجيا طبقا للمنهج العلمي السليم.