لم تشهد مصر في تاريخها أشد من الموقف الحاصل في ميدان التحرير الآن خطورة, والخطر هنا لم يتوقف عند الأضرار المعلقة بموارد الدولة والاقتصاد القومي بل تجاوزه وسوف يتجاوزه إلي حد أن يشمل الضرر كيان الدولة نفسها في حالة استمرار الوضع علي ما هو عليه. وقبل أن نتحدث عن البحث عن مخرج سريع من هذه الأزمة لابد أن نعترف أولا أن الانفلات الأمني مازال كما هو منذ اندلاع ثورة25 يناير2011 ويرجع الانفلات الأمن الي عدة أسباب متشابكة منها. 1) استمرار وجود قيادات أمنية بجهاز الشرطة من أتباع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي مازالت تؤمن بفكره وكيفية إدارته للأزمات دون اعتداد بما يزهق من أرواح, وهي أي القيادات من توابع النظام السابق. 2) استمرار فلول الحزب الوطني المنحل ورجال الأعمال الذين باعوا واشتروا أملاك الدولة وحققوا مكاسب خيالية وهربوا أموالا طائلة ويهمهم في المقام الأول عدم الاستقرار الامني إن لم يتمكنوا من إعادة النظام السابق ولو بأشخاص مغايرة وقيامهم بإغداق الأموال علي البلطجية والهاربين من السجون لإحداث وقيعة بين الشعب والمجلس الأعلي للقوات المسلحة ومن ثمار هذا الوضع نجاح هؤلاء في الوقيعة بين السلطة القضائية والمحامين عن طريق من عملوا معهم مع النظام السابق واحتضنوهم وهم معروفون للجميع ولإبعاد الشبهة عن أنفسهم أصبحوا من أشد الشامتين في النظام السابق بينما مواقفهم مع النظام في مواجهة القضاة معروفة جيدا, ويهدف هذا المخطط إلي إسقاط السلطة القضائية بعد ان نجح حبيب العادلي وأتباعه في اسقاط هيبة الشرطة الأمر الذي سيترتب عليه فوضي قد تصل الي إراقة الدماء لمحاولة كل مواطن أن يأخذ حقه بنفسه طالما لا يوجد أمن أو عدالة ولابد أن نصرح بأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد تعمد عدم التدخل لمنع الأزمة بين القضاة والمحامين أو تداركها لحظة وقوعها بإرسال قوة من الشرطة العسكرية للقبض علي المحامين الذين استباحوا دور العدالة واغلقوا المحاكم بالجنازير وروعوا القضاة ومنعوا السلطة القضائية من مباشرة عملها وهو الأمر المعاقب عليه بالسجن المشدد وبرغم صدور حكم المحكمة الدستورية في الدعوي رقم11 لسنة13 قضائية دستورية بجلسة8 يوليو2000 بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المدة24 من القانون رقم73 لسنة1956 وأسست المحكمة حكمها علي أسباب حاصلها أنه كان يجب علي المشرع ألا يخرج عن مفهوم المادة88 من الدستور( الملغي) بتمكين القضاة من بسط اشرافهم علي الاقتراع إشرافا حقيقيا وفعالا إلا أنه سمح برئاسة اللجان الفرعية التي يجري الاقتراع أمامها لغيرهم( من موظفي الحكومة والقطاع العام). وقد حاول بعض المتطاولين علي القضاة القول بأن التزوير يشمل رصد الأصوات وإعلان النتيجة لعدم تنحي القضاة وبالتالي عدم تطبيق نص القانون الذي يلزم القاضي بالإشراف كرئيس للجنة العامة. ولكن القضاة لم يسكتوا علي ذلك بل طالبوا المشرع مرارا بتعديل الدستور والقانون لتمكينهم من الإشراف الفعلي علي الانتخابات بل وإبلاغهم عن كل تجاوز لاحظوه عند جمع الأصوات وفرزها واستبعاد الصناديق التي تكون محل شك أو ظن ولم نشاهد موقفا مسجلا للمحامين في ظل النظام السابق وحتي لم يناصروا القضاة حينما هبوا معترضين علي التجاوزات التي وقعت من رجال النظام السابق عقب انتخابات.2005 3) وجود جهات خارجية تقوم بتمويل البلطجية والهاربين من السجون عبر بعض الجمعيات الأهلية أو جمعيات المجتمع المدني بالمخالفة لأحكام القانون مما مهد لوجود فوضي أمنية وفوضي في ميدان التحرير باندساس عناصر خارجة عن القانون بل وعناصر أجنبية تتبع دولا كانت صديقة للنظام السابق ولا تريد للثورة أن تنجح ولا لمصر أن تنعم بالأمن أو الرخاء لأنها دول معادية علي مر التاريخ وأخري حاقدة وتخشي من تصدير الثورة أو قيادة مصر للمنطقة العربية. 4) أن هناك من يفضل مصالحه الضيقة أو الخاصة بتأجيل الانتخابات البرلمانية ومن مصلحتهم استمرار الاعتصام بميدان التحرير بعد ان فشلت محاولات المحامين لإرغام القضاة علي الاعتذار عن الإشراف علي الانتخابات باعتبار أن القضاة يرون فيه واجبا وطنيا لا يقل عن واجب أداء الخدمة العسكرية. ونري للخروج من هذا الخطر المحدق ضرورة الإسراع باتخاذ بعض الخطوات منها: 1 العمل علي توفير الأمن بإفراغ جهاز الشرطة من القيادات التي كانت علي صلة وثيقة بوزير الداخلية السابق حبيب العادلي والنظام السابق برمته وإعادة هيكلة جهاز الشرطة والأخذ بمبدأ الثواب والعقاب لمن يتقاعس عن أداء مهامه. 2 تصفية الأزمة بين القضاة والمحامين الذين لا يتجاوز عددهم الألف ممن داهموا المحاكم وأغلقوها وروعوا القضاة وتطاولوا عليهم بالإسراع بمحاكمة من تثبت عليه التهمة. 3 توزيع نزلاء سجن طره الي عدة سجون ومعاملتهم معاملة مساجين وليس نزلاء فندق ومنعهم من استعمال أي وسيلة اتصال لاقتناع الجميع بدورهم فيما يحدث من فوضي. 4 إجراء البحث والتحري حول إنفاق الأموال سواء ممن في الداخل أو في الخارج ومراقبة هذا الأمر لتجفيف منابع الفوضي. 5 تشكيل مجلس رئاسي من اثنين من المدنيين ممن لهم خبرة سياسية وقانونية واقتصادية ومعهم أحد اعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة يختاره المجلس لإدارة شئون البلاد وتكون قراراته بالأغلبية وتمكينه من إعادة الأمن وتحديد موعد للانتخابات بعد استقرار الأمن. المزيد من مقالات مستشار زكريا شلش