وجب علينا جميعا الآن سبر أغوار هذه الأزمة العنيفة الطاغية التي تعصف بمصر وأن نواجه تناقضاتها و فلسفتها, ثم نبين إتجاهها و مصيرها, وأول شيء نفعله ألا نشبهها بما حدث في25 يناير. ولاماحدث حينما نزلت جموع الشعب إلي الشوارع تطالب بتنحي المخلوع حسني مبارك, لأن كثيرا من الشعب الآن يري ضرورة إفساح الطريق إلي الديمقراطية كي تمر من بوابة صندوق الإنتخابات مع ما في ذلك من تحدي عظيم ستتجلي فيه عظمة هذا الشعب وتحضره فعلا لا قولا, فعندما نرتفع جميعنا فوق الأحزان والمآسي وحالة الضياع والتشتت التي نحسها, وعندما نخالف قول الشاعر: لاأذود الطير عن شجر قد بلوت المر من ثمره. ونردد أننا سوف نذود الطير عن أشجارنا لأننا سنذوق العسل من ثمره. إنني أناشد بني وطني الصبر ولنحتسب شهداءنا عند الله, وإذا كانت هناك قوي خفية أوحتي ظاهرة إستطاعت بعد الثورة أن تبسط نفوذها الجاثم فوق مقدرات الوطن إلي هذا المدي الذي نري الآن بعض مظاهره, وأقصد بها الطرف الثالث الذي يتحدث به الناس تصريحا وذكره المشير طنطاوي في خطابه تلميحا وقال به وزير الداخلية حين راح يقسم بأن الشرطة لم ترفع السلاح في وجه الوطن, وعلي كل فإن هذا التصريح والتلميح لايعفيان المسئولين, لأن لدي أجهزة الدولة هيئات من المفترض أن تسهر علي أمن واستقرار المواطن المصري, وأن تتتبع كل من يحاول النيل من هذه النعمة الكبري أويحيك المؤامرات ضد هذاالشعب المغلوب علي أمره, وعليه فإن الشرطة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة يجب أن يصارحا الشعب بما يدبر له في الخفاء, فالمكاشفة وعرض الحقائق والوقائع هي أقصر الطرق إلي راحة كل فئات المجتمع. أري أعضاء المجلس العسكري وهم يحاولون جاهدين التمسك بالديمقراطية إزاء كل الأزمات التي تطحن في البلاد والعباد بعد تسلمهم مقاليد الحكم المؤقت, ولكن ماقيمة الديمقراطية وماجدواها إن لم تستطع ا لتصرف حيال التحديات غير المشروعة. إن علي المجلس أن يتصرف كقوة تاريخية ترتكز علي أعظم حقوق الإنسان وأعرق إحتياجاته فليتمسك بمواقعه ويفتح أعين الرأي العام علي الأخطار التي تهدد حريته وحقوقه, وأن يمده بالمعلومات الكاملة والحقائق الصادقة, فإذا كان ثمة قوي تلعب في الخفاء وتستخدم عصابات مسلحة تمارس الغدر و الإرهاب والقتل فلا يمكن للديمقراطية أن تلجأ لنفس الوسائل الرخيصة, لأن أولي خصائصها أن تضع الإقناع مكان الإكراه والقانون العادل مكان السلطة الغاشمة وربما يبدو هذا الموقف وكأن المتعامل به عاجز عن وقف العنف, ولكن ذلك يعني في نفس الوقت الإحترام المطلق للمباديء وللهدف التاريخي الموجود من أجله, ومن هنا ستتجلي عظمة هذا المجلس إذا استطاع أن يسحق الردة ويوقف امتداد الخطر ويصل إلي دولة قوية بما تحققه من عدالة وغنية بما تمارسه من تعاطف ورحمة وآمنة بما توفره من حرية. المزيد من أعمدة سهيلة نظمى