دكتوراه الاتصال السياسي جامعة فريدرش اليكسندر ألمانيا تحظي استطلاعات الرأي العام بأهمية كبيرة في الدول الديمقراطية باعتبارها تمثل أحد الآليات التي تسهم في رسم سياسات مبنية علي براهين. وهي وسيلة يتم الاعتماد عليها للتنبؤ بمعرفة أو اتجاهات أو سلوك الجمهور فيما يتعلق بقضية مثارة للنقاش. ومن منظور آخر تمثل الاستطلاعات المحلية أحد المصادر التي تعتمد عليها بعض الدول الخارجية لرسم سياستها تجاه دولة ما.فإذا جاءت النتائج مضللة قد تبني عليها سياسات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية توثر سلبا علي الدولة التي جري فيها الاستطلاع. ومصطلح الاستطلاعات الزائفة أوoduespsllop هو تعريف خطة اورتون باري2891 للتعبير عن بعض الاستطلاعات التي لا تلتزم المعايير العلمية وغالبا ما تكون موجهة لتحقيق أهداف تجارية أو سياسية وتقوم بها جهات عامة أو خاصة وقد تتم من خلال الصحف أو الاذاعة والتليفزيون أو عبر الانترنت. وهناك ثلاثة أسباب تقود إلي نتائج مزيفة أو مضللة. أولا: التحيز في صياغة الاسئلة وصياغة عبارات تحمل دلالات بتوجيه المبحوثين لوجهات نظر معينة وعدم تجانس الاختيارات أو البدائل التي يختار المبحوث من بينها. ثانيا: الاختيار المتحيز لعينة المبحوثين, كأن يقرر البحوثون أن يختاروا أنفسهم للمشاركة في الاستطلاع. ثالثا: التحيز في طريقة عرض وتفسير النتائج. حيث إن معظم هذه الاستطلاعات غالبا ما تكون قصيرة( سؤال واحد في بعض الاحيان) وبالتالي لا توفر معلومات عميقة ولا تكون هناك متغيرات سياسية أو ديموجرافية تسمح بتفسير النتائج. وعندئذ تصنف هذه الاستطلاعات تحت فئة الاستطلاعات القائدة إلي اتجاه معينgnillophsup أي التي تقوم الجمهور إلي تبني آراء معينة. ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هذا التسابق بين وسائل الاعلام المرئية والمطبوعة والالكترونية وبعض الجهات الحكومية لاجراء استطلاعات للرأي العام. والمتابع للاستطلاعات التي تجري علي الساحة الآن يستطيع أن يرصد العديد من أوجه القصور التي تجعلها جزئيا أو كليا نموذجا للاستطلاعات الزائفة. فكيف تسأل الجمهور عن شيء لا يعرفه ولم يعلن رسميا بعد ؟ نموذج لذلك استطلاع الرأي الالكتروني لموقع مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء: ما رأيك في مشروع قانون الدوائر الانتخابية لمجلسي الشعب والشوري الذي أعده مجلس الوزراء مؤخرا ؟ وكيف لا يراعي في تصميم أسئلة الاستطلاعات إتاحة بدائل أوسع للجمهور؟ نموذج لذلك نفس الاستطلاع السابق: البدائل المطروحة لنفس السؤال السابق هي:( جيد سييء). والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: الا يوجد فئات لبدائل أخري تعطي للمبحوث مثل( لاأعرف أو ورفض الاجابة)؟ وكيف تطرح أسئلة بعض الاستطلاعات الاختيار من بين فئات غير متجانسة؟ نموذج: الاستطلاع الالكتروني لموقع صحيفة المصري اليوم: هل تثق في إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفق المواعيد المعلنة من المجلس العسكري؟ والفئات المطروحة لاجابة هذا السؤال هي:( نعم لا البرلمانية فقط لا أهتم). وبالنظر إلي هذه البدائل يلاحظ أن فئة البرلمان فقط غير متجانسة مع الفئات الأخري ونتائجها سوف يصعب تصنيفها. وهل يعتبر من اختار هذه الاجابة اقصد البرلمانية فقط مصنف أنه أجاب ب( نعم أم لا). ولماذا لا تقدم بدائل أخري مادمنا نسأل عن رأي أو اتجاه؟ فيمكن أن يكون أحد الاحتمالات المطروحة أن المبحوث غير قادر علي إبداء رأي إما بسبب عدم معرفته بالموضع المطروح أصلا أو بسبب عدم توصله من خلال النقاشات المطروحة إلي تكوين رأي تجاه هذه القضية. فطرح بديل( لا اعرف) قد يكون مهما لمن لا يستيطعون تقدير موقفهم وهي فئة ليست بالقليلة وتختلف عن فئة غير المهتمين. وكيف يطرح أحد الاستطلاعات سؤالا يتعلق بمحاكمات منظورة؟ وما هو الهدف من ذلك؟ نموذج لذلك ايضا الاستطلاع موقع صحيفة المصري اليوم: ما الحكم الذي تتوقعه للرئيس المخلوع؟( الاعدام السجن البراءة عقوبة مع وقف التنفيذ). أما أهم أوجه القصور التي شابت معظم استطلاعات الرأي في الفترة الأخيرة فيتعلق بعينة المبحوثين أو المشاركين في هذه الاستطلاعات. إن المواقع الالكترونية للصحف التي تتسابق في إجراء استطلاعات رأي وغيرها من الجهات الحكومية بل وصفحة الفيس بوك الخاصة بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة عندما تبادر لاجراء مثل هذه الاستطلاعات فإنها بذلك تبتعد عن المعايير العلمية لاستطلاعات الرأي العام حيث أن العينات المشاركة في هذه الاستطلاعات لا تمثل الجمهور العام لسببين رئيسين: 1- ان هؤلاء المشاركين في هذه الاستطلاعات يختارون انفسهم للمشاركة دون التقيد بمعايير علمية في اختيار عينة ممثلة للجمهور العام بطريقة عشوائية. فحتي لو بلغ عدد المشاركين في أحد الاستطلاعات التليفزيونية( استطلاع العاشرة مساءا) ما يقرب من71 الف مواطن فإن المعايير العلمية لم تتوافر لهذه العينة وبالتالي فالنتائج تفتقد إلي المصداقية. وخير مثال علي ذلك استطلاع اجرته مجلةtsegiDyraetiL شمل مليوني مواطن امريكي في عام6391 أعطي نتائج مضللة بمن يفوز في انتخابات الرئاسة بين المرشحين, الجمهوري ألف لندن والديمقراطي فرانكلين روزفلت. 2- إن مستخدمي الانترنت هم شريحة فقط من المجتمع المصري تتميز بمجموعة خصائص ديمواجرفية وهي أنها متعلمة عاليا, وقادرة اقتصاديا, وغالبا ما تسكن الحضر ويزيد فيها عدد الرجال علي عدد السيدات وعدد الشباب عن كبار السن, وبالتالي فهي غير ممثلة استنادا إلي نظرية الفجوة الرقميةedividlatigiD. وإذا كنا نري أن استطلاعات الرأي العام هي آلية لترسيخ الممارسة الديمقراطية من خلال إتاحة فرص للجمهور العام للتعبير عن رأيه بشكل يقترب من ممارسات أو تطبيقات الديمقراطية المباشرة, كما أنه آلية لتعليم الجمهور من خلال معرفته بآراء شركائه من المواطنين الآخرين,وايضا استطلاعات الرأي وسيلة مفيدة لمساعدة الحكومات في الحصول علي مؤشرات علمية حول اتجاهات المواطنين نحو السياسات العامة وتقييمهم للإداء الحكومي. فإن مجموعة من المبادئ الاخلاقية والمهنية يجب أن تلتزم بها مثل هذه الاستطلاعات منها: 1- أن تتصدي الاستطلاعات لقضية عامة تمثل أهمية للمواطنين تتعلق بظروفهم السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية. ويشترط في ذلك أن تكون هناك قضية مطروحة ولا يتم السؤال عن تخمينات أو تسريبات أو شائعات وأن يتوافر للمواطنين معلومات كافية عن القضية المطروحة بما يسمح لهم بتكوين اتجاهات نحوها. 2- أن تقوم بها جهات محايدة حتي لوكانت لمصلحة مؤسسات سياسية أو إعلامية أو اقتصادية بما يوفر لها المصداقية. 3- أن يتم تصميمها من قبل خبراء متخصصين للتأكد من عدم تحيز الاسئلة في الصياغة أو الترتيب أو في الفئات التي تغطيها وكذلك وهو الاهم في اختيار عينات المبحوثين بطرق علمية. 4- انه وإن كانت هناك ضرورة لاستمرار مثل هذه الاستطلاعات الزائفة فإن حماية المواطنين من التضليل ضرورة أيضا. وفي هذا السياق بادرت بعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنت التي تجري مثل هذه الاستطلاعات في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي تحذير المواطنين الذين يتعرضون لمثل هذه النتائج بالعبارة التالية نتائج هذا الاستطلاع ليست علمية وتعكس فقط آراء المستخدمين الذين اختاروا أن يشاركوا بالادلاء بالرأي فيها. ولكن كما أشار هربرت أشير في كتابه الاستطلاعات والرأي العام: ماذا ينبغي أن يعرفه كل مواطن, فإن مهمة الاكاديميين هي في نقد الاجراءات المنهجية لمثل هذه الاستطلاعات ومعاونة الجمهور العام في فهم السياقات المختلفة التي يمكن أن تقود إلي تضليل الرأي العام.