علي الرغم من أن مجلس شوري القوانين أصدر عام1867 أي منذ قرن ونصف قرن من الزمان قانونا لمكافحة الأمية كما قال شيخ التربويين الدكتور حامد عمارة, وأن دستور جمهورية مصر العربية الصادر في11 سبتمبر1971 نص في المادة(21) علي أن محو الأمية واجب وطني تجند كل طاقات الشعب من أجل تحقيقه, وأن الدستور الحالي نص في المادة(61) علي أن تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء علي الأمية وتجفيف منابعها لمختلف الأعمار من الذكور والإناث وتتولي تنفيذها بمشاركة المجتمع خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور, وعلي الرغم من وجود هيئة لمحو الأمية وتعليم الكبار منذ عشرات السنين, وكانت المدارس الإلزامية بالقري في الأربعينيات تعقد فصولا لمحو أمية الشباب في المساء, وكان يطلب منا ناظر المدرسة الإلزامية بالقرية في منتصف الأربعينيات أن نذهب إلي بيوت زملائنا المتغيبين لاستدعائهم ويرسل محاضر ضد المتغيبين إلي ضابط نقطة الشرطة لاستدعاء أولياء أمورهم. أقول علي الرغم من كل ذلك لم تنجح خطط محو الأمية حتي الآن, بل إن وزير التربية والتعليم دق ناقوس الخطر معلنا وصول نسبة التسرب الدراسي في الريف والحضر إلي6.5% ونسبة الأمية إلي30%. ولما كان شبح الأمية يطل بوجه قبيح عند كل انتخاب أو استفتاء, مما يستدعي استخدام الرموز( سيارة طيارة شمسية...) لقوائم الأحزاب وأسماء المرشحين, فقد أصبحت الأمية الأبجدية( أمية القراءة والكتابة والحساب), فضلا عن أمية المتعلمين مشكلة قومية يجب أن تتضافر كل الجهود للقضاء عليها بحلول غير تقليدية, خاصة أن الأمية في الدول المتقدمة تعني الجهل باستخدام الحواسب الآلية. وبناء علي ذلك فإن الأمر يقتضي تجفيف منابع نهر الأمية المتدفق والقضاء علي الفروع التي تصب في هذا النهر المتجدد, وأولها مشكلة التسرب من التعليم التي تخرج أعدادا لا بأس بها من الأميين, وثانيها القضاء علي أمية المتعلمين بجودة المنتج التعليمي قبل الجامعي, حيث إن خريجي المدارس الثانوية الفنية لا يجيدون كتابة أسمائهم أو يحسنون نطق الشهادة التي يحملونها فيسمونها دوبلون, بالإضافة إلي إعداد مراكز الشباب في المدن والقري لتعليم الكبار مع تضافر جهود وزارات الشباب والإدارة المحلية والثقافة وغيرها. وحيث إن برامج معظم الأحزاب لم تدرج مشكلة محو الأمية في برامجها مع ما لها من أهمية, فهل يمكن إنشاء وزارة ولو مؤقتة لمحو الأمية وتعليم الكبار لمدة السنوات العشر التي حددها الدستور للقضاء علي الأمية, فتقوم بتشغيل خريجي الجامعات المتعطلين عن العمل ومنهم تربويون في المساء بالمدارس الحكومية وبراتب مقطوع كبدل بطالة, وبذلك نضرب عصفورين بحجر واحد وهما القضاء علي الأمية والقضاء علي البطالة في الوقت نفسه. علام علام محمد وكيل أول وزارة بالطيران المدني سابقا