مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في المشهد الأمريكي لنهاية التاريخ.. مصر إلي أين؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 03 - 2013

في صيف عام2006 جمعتني صحبة طيبة في العاصمة البريطانية لندن ببعض قدامي الأصدقاء من جماعة الإخوان المسلمين من بينهم الدكتور عصام الحداد مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية والدكتور محمد أحمد إبراهيم والدكتور محمد عبدالغني حسنين أعضاء مكتب الإرشاد
وقلت لهم يومئذ بالحرف أن نظام مبارك قد انتهي عالميا واستنفد وأن الإتجاهات السياسية العالمية أو النظام العالمي الجديد يري أن مصر لابد أن تكون قوة عالمية في الشرق الأوسط مثلها مثل تركيا, وأن يحكمها الإخوان المسلمين فهم القوة الوحيدة المنظمة التي عنيت بتدريب وتثقيف كوادرها, وعنيت بالانتشار الشعبي, والوحيدة التي يمكن أن تحكم مصر وقلت تحديدا إنني أتصور أن رئيسا مثل المهندس خيرت الشاطر قد يكون رئيسا لمصر مقبولا من كافة الإتجاهات العالمية, وأن الأخ حسن مالك تحديدا وجه مقبول كرئيس للوزراء أو وزير للاقتصاد, لم يكن ذلك رجما بالغيب وإنما قراءة لما بين السطور في عدة مقالات غربية علي مدار أعوام.
ولم يلق حديثي قبولا لديهم علي الإجماع بل ربما أثار موجة من الضحك واتهمني الأصدقاء بإنني لم أزل علي العهد منذ الصبا أحلق في سماء الأحلام المستحيلة ولم أزل حتي الآن علي رأيي, ولم يزالوا هم أيضا علي رأيهم رغم تحقق جزء كبير مما قلته في ذلك الوقت, إلا أنهم يؤمنون بأن أمريكا علي رأس النظام العالمي تنصب لهم فخا لإفشالهم, وأراهم مخطئين فأمريكا تظن أنها تصنع يوم القيامة, ووجود الإخوان أو مثلهم علي رأس الحكم في مصر هو أحد العناصر الرئيسية لهذا التصور التوراتي, وما زلت أري أن مصر بمساعدة عالمية شبه حتمية سوف تنمو, وتزدهر, وتصبح قوة عظمي في منطقة الشرق الأوسط اقتصاديا وسياسيا وعسكريا قادرة علي استرجاع فلسطين في الفترة من2017 إلي2027 وهو تاريخ له معناه التوراتي, وسوف يستمر حكم التيار الإسلامي بها ما لا يقل عن ثلاث دورات رئاسية متتالية, تحدث فيها من الأحداث ما لا يخطر علي بال شعوب المنطقة, وكل ذلك لأن الله ينصر هذا الدين ولو سعوا لهدمه, وسوف ينقلب صدام الحضارات الجاري تسعيره علي قدم وساق إلي ربيع المنطقة الحقيقي, وعصر سيادة الإسلام ونهاية التاريخ فعلا, وفناء الشيطان الأكبر علي الأرض.
في عام1992 بعد سنتين من إستقرار الحكم في أمريكا للرئيس بوش الأب المهندس الأكبر للسياسة الأمريكية في الفترة من1970 إلي2010 وضع أستاذ العلوم السياسية والإقتصادية الأمريكي فرانسيس فوكوياماFRANCISFUKUYAMA كتابه المشهور( نهاية التاريخ) يري فيه أن البشرية قد وصلت بالحضارة الغربية إلي منتهي ما يمكن أن تصل إليه موصيا بأن شيئا جديدا واجب الحدوث حتي لا يتوقف التقدم, ونهاية التاريخ التي يشير اليها الكاتب لا تخلو من تصور توراتي, فدور الانسان عندما ينتهي يبدأ دور الرسل والتدخل الإلهي.
وفي عام1996 وضع أستاذ العلوم السياسية والإقتصادية الأمريكي صمويل هنتنجتونSAMUELP.HUNTINGTON كتابه الشهير صدام الحضارات الذي يعتبر الحلقة التالية لكتاب فوكوياما وتصوره في هذا الكتاب رشح الإسلام للصدام مع الحضارة الغربية, كي ينتهي الصدام بسيادة الأخيرة علي الكون وهذا الصدام الذي يشير إليه لا يخلو أيضا من تصور توراتي وهو حرب نهاية التاريخ حينما يتحالف ملك الشمال( تركيا) مع ملك الجنوب( مصر) علي حرب إسرائيل وتنتهي بنزول المسيح وانتصار الفكر والحضارة الغربية بقيادته علي الإسلام.
الكتابان صاحبا موجة إرتفاع مد الفكر اليميني المحافظ في أمريكا وساعدا في الحملة التي روجها هذا الإتجاه من العداء للإسلام وشيطنته ووصفه بالإرهاب وحتمية الحرب عليه.
هذه التصورات التوراتية تحتاج أحداثا متتالية تؤدي إليها, أولها إيقاظ العدو( الاسلام) وتأهيله للصدام ثم تهيئة الأحداث التي تؤدي إلي الصدام المؤدي إلي حرب نهارية التاريخ, والكتابان وما حويا من أفكار لا يخرجان عن كونهما صورة عصرية في ثوب أكاديمي تروج للتصور الصهيوني البروتستانتي الأمريكي لسيناريوهات نهاية التاريخ كما استقاها مفكرو الW.A.S.P أو البيض الانجلوساكسون البروتستانت, أو شعب الله المختار الذي سوف يقود البشرية إلي حرب هرمجدون التي تؤدي إلي النزول الثاني للمسيح وحكمه الأرض الألف عام السعيدة, التي يكبل فيها الشيطان ويسود العدل والسلام.
والعدل والسلام هنا هو الحضارة الغربية التي يرون أنها المسيحية الملهمة اليهم في أكمل صورة للدين الإبراهيمي, وانهم الW.A.S.P شعب الله المختار منذ ما قبل الخلقPREDESTINATION المكلف بهذه المهمة المقدسة, وفي هذا التصور تتحالف مصر مع باقي أشتات الشعوب العربية بعد تقسيمها إلي دويلات أو قبائل مع ملك الشمال وملك الشرق والاحباش لتغزو إسرائيل وتنجح إلي أن ينزل الرب لإغاثة شعبه, وهنا يؤمن شعب مصر كله بالمسيح وتؤمن باقي البرية
فهل الربيع العربي الذي نعيشه اليوم هو فصل من فصول التصور التوراتي الأمريكي لنهاية التاريخ؟! والإنتصار النهائي علي الإسلام؟! كما يخططون وهل تكون ثماره كما يتصور المخططون؟ أم كما وعد الله المؤمنين.. تكاد إرهاصات يوم القيامة تتطابق في تصور الرسالات الإبراهيمية الثلاثة وتكاد تكون معظم أحداثها قد وقعت وما أعتي القوي البشرية واطغاها إلا جنود لله يحقق بهم إرادته وما يعلمون, قال الله تعالي( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين), سورة الأنفال: آية30]
الربيع العربي ودوره في نهاية الأيام
رغم عدالة وصدق الغضب الشعبي في ثورات الربيع العربي, هل هناك احتمال أن هذا المشهد بجملته كان مخططا له أمريكيا بما في ذلك التمهيد له بدعم فترات الطغيان التي مهدت وأدت إليه حتي إذا حان الموعد أشعلت براكين الغضب المكتوم وزكت نيرانه؟ وانطلقت ثورات الشعوب بغير موعد ولا قيادة, وتم توجيهها من الخارج إلي حيث يريد أعداء الشعوب لا إلي ما تريده الشعوب, نظرية المؤامرة تبدو لنا لونا من ألوان الخيال الأدبي الجذاب وغير الواقعي رغم أن الواقع الفعلي للتاريخ الغربي كله يدور حول نظرية المؤامرة وفكرة نظرية المؤامرة ابتدعها الإعلام الغربي للتهوين من شأن المؤامرات إذا كشفت وهذا ما حدث بالفعل.
فقد صنع الغرب صدام حسين بتعاون مخابراتي مصري أمريكي وصعد للقمة وقاد العرب لتنفيذ مراحل من المؤامرة الأمريكية ونفذت وانتهي دوره وأطلقت عليه رصاصة النهاية ولم يزل البعض يعبدونه من دون الله.
وكتب الملك حسين كتابه الشهير الذي اختفي ولم يبق له من أثر سوي رد الكاتب المصري إبراهيم نافع عليه في مقاله الشهير( الكتاب الأبيض لصاحب التاريخ الأسود) وفي كتابه الأبيض قال الملك حسين كلنا عملاء أولنا الملك فهد وآخرنا حسني مبارك وما زلنا لا نصدق0 حتي عندما صرخ الأمير عبد الله ولي العهد السعودي آنذاك في وجه القذافي قائلا انت مين جابك ولم يحر الأخير جوابا ولم نشغل نحن بالنا بالموضوع الذي نقلته علي الهواء كل وسائل الاعلام اتهام صريح بالعمالة وأدي القذافي رسالته وانتهي دوره واطلقت عليه رصاصة النهاية ومازلنا في غمامة.
تاريخ المنطقة العربية مع الغرب منذ نشأة الحركة الصهيونية العالمية كله يقطع بأننا عشنا مؤامرة تعددت فصولها من تحطيم أمة الخلافة الإسلامية التي كانت تتربع علي50% من بترول العالم بالاحتلال وتأليب الأقليات, وبتزكية النعرات القومية, فالثورات فالحروب العالمية فالانتداب, وتقسيم ما بقي من تركة الخلافة, حتي التقسيم كان ينطق بالمؤامرة, فعندما دخل اللورد جنرال ادموند اللنبي المدينة المقدسة القدس ترجل ودخلها علي قدميه من بوابة يافا إحتراما للمدينة المقدسة.
لقد كان أول مسيحي منذ ثمانية قرون يحكم المدينة, وقال الآن انتهت الحروب الصليبية, نفس الأمر فعله القائد الفرنسي هنري جورود عندما دخل دمشق في1920/7/23 توجه إلي قبر صلاح الدين مباشرة وركله قائلا الحروب الصليبية انتهت الآن, هذه مشاعر دينية متدفقة لا تناسب تسليم المدينة لليهود والمسلمين مناصفة إلا إذا كان في الأمر خبيئة ومؤامرة, وحتي خطط تقسيم تركيا بين الأرمن والإغريق والطليان والروس ذابت كلها بلا مبرر وعلي العكس عملت انجلترا بحماس خفي علي الإبقاء علي تركيا والعهدة بها إلي زعيم مصنوع من يهود الدونما والجيش الذي رضع العلمانية من مدارس الإرساليات لتبقي تركيا علمانية ثمانين عاما إلي موعد معلوم0 لقد كان أمرا مرتبا بصورة مسرحية هزم فيها الغازي كمال أتاتورك قوات الإغريق والأرمن والطليان وأصبح معبود الجماهير فمحا في لحظات ما جاهدت بريطانيا العظمي فيه أربعة قرون في الهند وفشلت في محو الوجه الإسلامي للأمة.
وبتكرار السيناريو في معظم أقطار الخلافة الممزقة انسلخ عالم الخلافة من جلده الإسلامي ولطخ معالم وجهه بمساحيق التجميل من عادات الحضارة الغربية, فحكم البلاد طغاة من العسكر عبدتهم الشعوب وتراجعوا بها إلي الخلف عشرات الأعوام في مواجهة عالم كله يسير إلي الأمام وكل ذلك أيضا إلي موعد معلوم. موعد لم يكن في الأفق ما ينبئ به أو يؤدي إليه فأحداث تونس ومصر وليبيا وسوريا وما سوف يتبعها محيرة وتثور حولها آلاف من علامات الإستفهام.
وكلما كشفت لنا الأيام عن الحقائق يكون تاريخ البكاء والغضب قد انتهي واعتدنا الواقع الذي كنا لا نتصور يوما أن نقبله, وهو أيضا( تاريخ المنطقة مع الغرب) يقطع بأمرين ربما يصطدمان بعقائد رسخت في اذهاننا ويصعب علينا تغييرها لكن الأمر يستدعي التأمل والتدبر وإعادة التفكير مع عدم إهمال نظرية المؤامرة لأنها في واقع الأمر الحقيقة الوحيدة خلف الأحداث المتشابهة والمتكررة في الشرق الأوسط.
الأمر الأول
أحداث المنطقة منذ سنة1880
كانت مخططا غربيا لأكثر من مائة عام
هذه الأحداث هي ثمار الاتفاقات السرية التي جرت في الخفاء بين دول الغرب والتي بدأت بالحلف الثلاثيTRIPLEALLIANCE سنة1882 بين فرنسا وروسيا وامبراطورية النمسا والمجر ثم انضمت اليه ايطاليا لمواجهة وتقليص الدولة العثمانية ثم مؤتمر برلين سنة1884 لتقسيم أفريقيا وتنصيرها ومرورا بالعديد من الاتفاقات السرية الثنائية والثلاثية والرباعية لتقسيم العالم الاسلامي, مثل اتفاقات النوايا الحسنة بين فرنسا وانجلتراENTECORDIALE1904 ثم الاتفاق الانجليزي الروسي1907 ثم الفرنسي الروسي1917 ثم سايكس بيكو1917 ووعد بلفور.1916 كل هذه الاتفاقات صنعت تاريخ المنطقة في غيبة أهلها وافترضت أمورا سوف تحدث بعد هذه الاتفاقات بعشرات السنين وذلك رغم الوعود والاتفاقات للعرب أو الاتراك.
وكلها( الاتفاقات السرية) حركتها السياسة البريطانية الأمريكية بمعاونة الرأسمالية العالمية من خلف الأستار والتلاعب بأطماع الدول الكاثوليكية والارثوذكسية المتخلفة( في عرف البروتستانت) والعرب الأكثر تخلفا, وإلا ما استطاع هرتزل الصحفي البسيط أن يتنبأ بأن الدولة اليهودية في فلسطين ستكون واقعا بعد50 عاما وهو تماما ما حدث.
إن خطوات إقامة الدولة الإسرائيلية كانت موضوعة بالكامل قبل مؤتمر بازل1897 واستندت القوي المخططة لها إلي التمكن المطلق للقوي البروتستانتية من العالم عسكريا وإقتصاديا وأقصد بذلك خاصة( المانيا وانجلترا والولايات المتحدة) وقد برزت في هذا الوقت بالذات نظريات تبنتها تجمعات فكرية تنادي بعالم واحد تحكمه حكومة واحدة من بريطانيا وأمريكا وإنها هذه الدول قد وضعت تصورها للأحداث لتتطابق مع فهمهم لتفسير نبوءات الكتاب المقدس وهو تفسير تنفرد به بين جميع طوائف المسيحيين فعلامات الساعة وردت بوضوح في ماثيو(24:22) ومارك(14:1) وموعد مولد الدولة الإسرائيلية في يوم واحد سنة1947 هو موعد كتابي كما يرون, وقيام الدولة المفاجئ دون عناء أي( وضع قبل آلام الوضع) أمر كتابي أيضا.
ثم اتباع إعلان الدولة بحروب تمثل آلام الوضع, هو أيضا تصور توراتي أمريكي ذ1967 هو أيضا تصور توراتي أمريكي وإنشاء المعبد ووقوف عدو المسيح بمحرابه خلال جيل(40 60) عاما من ضم القدس لإسرائيل أي ما بين(2007 2027) هو أيضا تصور توراتي أمريكي وارد في الحسبان حدوثه بين عشية وضحاها, ومن ثم فوجود قوي إسلامية حقيقية وقوية قادرة علي الحرب حول إسرائيل في هذه المدة من2007 إلي عام2027 هو تصور توراتي صهيوني أمريكي واجب الحدوث قبل النزول الثاني للمسيح.
أما عدو المسيح الذي لابد أن يظهر في منطقة الشرق الأوسط قبل نزول المسيح ويعيدها إلي منطقة الرخاء واللبن والشهد فقد إجتمعت آراء الزعماء البروتستانت علي أنه رأس الكنيسة الكاثوليكية وهذا الرأس أو رأس الدول الأوروبية العشرة( رؤية توراتية) التي سوف تتوحد لتكون دولة واحدة في نهاية التاريخ وتكون وريث الدولة الرومانية الغربية( بمعني أن ينخفض عدد دول الاتحاد الأوروبي إلي عشر فقط) هو الذي سيكون أول من يقف بمحراب المعبد الجديد معلنا عن الشرق الأوسط الجديد أو بلاد الوفرة والخضرة الدائمة.
فالمعبد بكل مكوناته جاهز للانشاء في يوم واحد ووقوف البابا الجديد أو الرئيس الجديد للإتحاد الأوروبي الجديد به كأول عمل دولي له وارد أيضا, لهذا الغرض ولد الاتحاد الأوروبي علمانيا معاديا للربANTICHRIST شعاره إعادة بناء برج بابل الذي هدمه الرب في تحد واضح للإرادة الإلهية شعار له رموز ودلالات لا يقرؤها إلا الخواص, وتغيير ملك الشمال( تركيا) أي النظام التركي من علماني إلي إسلامي, وملك الجنوب( مصر) بنفس الطريقة هو أيضا تصور توراتي أمريكي صهيوني صرح به القطب الاسرائيلي الامريكي العلماني بنيامين نيتنياهو. واجتماع ملك الشمال مع ملك الجنوب في معاهدة صلح مع إسرائيل تدوم حوالي ثلاث سنوات ونصف هو أيضا تصور توراتي أمريكي صهيوني لم يحدث ولكنه مرجح حدوثه بعد تغير النظام الحاكم في تركيا( الملك) وانتقاله إلي الاخوان المسلمين, وكذلك في مصر بحكم الاخوان المسلمين, والتقارب الواضح بين البلدين واستمرار العلاقة مع إسرائيل رغم العداوة المنهجية بينهم ونقض هذه المعاهدة من جانب مصر واعلانها الحرب علي اسرائيل ودخول جيوش مدعومة بالجيوش التركية والايرانية بعد ثلاث سنوات ونصف وارد الحدوث أيضا فهذه الجيوش الثلاثة فقط هي الباقية القوية من الجيوش العربية أو من جيوش المنطقة وهو تصور توراتي أيضا واستثنت هذه الجيوش من مخطط التدمير الذي شمل جيوش العراق وسوريا وليبيا, وهي جيوش سبق وشاركت في الحرب العربية الإسرائيلية لأنها( الجيوش الباقية) جيوش القيادة.
التصور الأمريكي التوراتي لأحداث العالم القادمة تستحق مقالا منفردا لكن كل المقدمات تدل علي أن أمريكا كما مضت بجد في تحقيق ما سبق ماضية بجد أيضا في وضع وتنفيذ سيناريوهات الأحداث القادمة عملا بالمبدأ البروتستاني, إذا استطعت مساعدة الرب علي تحقيق نبؤاته التي وردت بالكتاب المقدس ولم تفعل فقد إثمت], وهي تري أنها تملك مساعدة الرب علي تحقيق نبؤاته الواردة بالكتاب المقدس وفق التفسير البروتستانتي للكتاب المقدس فلم لا تفعل.
الأمر الثاني:
أمريكا هي التي تستخدم إسرائيل وليس العكس
منذ بدء الحركة الصهيونية ونحن نؤمن بان إسرائيل هي الي تقودها وتقود معها العالم الغربي وانها افتعلت أحداث الاضطهاد وروجت لها كمبرر للهجرة وإقامة دولة إسرائيل.
والواقع أن الحركة الصهيونية العالمية هي حركة مسيحية بروتستانتية وليست يهودية ولا تمت لليهودية بصلة وأنها نشأت في أعقاب حركة التصحيح البروتستانتي في القرن السادس عشر وأنها رأت أن هجرة يهود الشتات إلي فلسطين أمر حتمي للنزول الثاني للمسيح وبدء الألفية السعيدة وإقامة مملكة الله علي الأرض ولكنها فشلت في دفع اليهود إلي الهجرة إلي فلسطين ونتيجة لذك جري تغير رأي مارتن لوثر أبو الحركة البروتستانتية في اليهود من المديح في أول دعوته إلي الذم في آخر أيامه, والثابت من التاريخ أن اليهود المتدينين قاوموا الحركة الصهيونية منذ ثورة التصحيح وإلي قيام المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة هرتزل بينما دعمها قلة من اليهود العلمانيين, ولم تزل هذه المعارضة اليهودية قائمة حتي اليوم رغم قيام الدولة التي يراها المتدينون اليهود عودة غير كتابية وعصيانا جديدا للرب سوف يدفعون ثمنه بغضب رباني يماثل غضبه عليهم عند الشتات الأول وعليه فالواقع أن الصراع العربي الاسرائيلي هو صراع عربي صهيوني, وأن الصهيونية حركة سياسية دينية بروتستانتية ومن ثم فهو صراع إسلامي صهيوبروتستانتي تحرك أحداثه الدول البروتستانتية وعلي رأسها الولايات المتحدة وتستخدم فيه العرب وإسرائيل في آن واحد أو المسلمين واليهود في آن واحد لتحقيق نبؤات الرب الممهدة للنزول الثاني للمسيح وحكمه الأرض ألف سنة سعيدة يكبل فيها الشيطان ويعم السلام والعدل.
إذا صح التصور السابق فإن الحركة السياسية والاقتصادية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط وهي قلب العالم الاسلامي بما في ذلك اسرائيل تحركها المخططات الصهيوبروتستانتية الأمريكية بكل ما تملك من مؤثرات وهي كثيرة إقتصادية وعسكرية واستخباراتية وأممية أي قوة القانون الدولي وهذا أيضا أحد حلقات التصور الصهيو بروتستاتني لنهاية التاريخ عالم واحد ودين واحد وحاكم واحد.
فما هو التصور الصهيوني البروتستانتي لنهاية التاريخ في الرؤية الامريكية؟
وهل ما تم من أحداث في مؤتمر بازل حتي اليوم يتطابق مع هذه الرؤية؟
وإذا كان ما سبق من أحداث مطابقا لها فهل حتما تتطابق معها الاحداث التالية ؟
وإذا تطابقت الأحداث القادمة مع هذه الرؤية فما هو مصير الشرق الأوسط؟
وأخيرا هل تملك القوة البروتستانتية من الامكانيات ما يسهل لها تطبيق هذا التصور؟
كل هذه الأسئلة نجيب عليها في الحلقه المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.