قد يبدو العنوان غريبا بعض الشيء, خاصة أننا نمر بظروف اقتصادية صعبة. وسيبدو للعوام من الناس أن الحديث عن العلم هو نوع من الرفاهية يجب ألا نلتفت لها الآن. إلا أن العكس هو الصحيح. فخلال محاضرة نوادي علوم الأهرام والتي أقيمت الخميس الماضي أظهر الباحث وليد الحنفي مساعد مدير مركز الفيزياء النظرية بالجامعة البريطانية أن للفيزياء النظرية دورا كبيرا في تعزيز التنمية الاقتصادية للدول, حيث استعرض الباحث ترتيب أقوي10 دول في العالم طبقا لمؤشر الناتج المحلي الإجماليGDP علي مدار العقد الماضي, والذي بدا فيه تصدر الولاياتالمتحدة ترتيب العالم وتغير ترتيب الدول بتقدم واضح لكل من الصين وروسيا والهند. في المقابل عرض وليد الحنفي ترتيب أهم20 دولة في العالم طبقا لحجم النشر العلمي لبحوث الفيزياء النظرية خلال العقد الماضي. وبنفس السياق الزمني, بدا واضحا التقدم الحثيث لكل من الصين وروسيا والهند. وبإجراء بعض عمليات الإحصائية, أظهرت الرسومات البيانية أن هناك علاقة واضحة بين زيادة النشر العلمي والنهضة الاقتصادية للدول حتي في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية. وبالتركيز علي حالة الصين وروسيا والهند, أظهرت الأرقام أن الثورة العلمية مهدت الطريق وسبقت النهضة الاقتصادية بحوالي5 سنوات في كل دولة. أي أن الاستثمار في العلوم الأساسية مثل الفيزياء والرياضيات والكيمياء يدفع بالتبعية لتحقيق التنمية الاقتصادية. كما أشار الباحث وليد الحنفي إلي أن معظم دول جنوب شرق آسيا والتي حققت قفزات اقتصادية كبري ثم عصفت بها الأزمة الاقتصادية العالمية, غاب عنها الاستثمار في العلوم الأساسية في مقابل التركيز علي العلوم التطبيقية ونقل التكنولوجيا من الغرب. إنها ببساطة نفس حاجة البليد إلي السمكة دون أن يسعي لتعلم الصيد كي يكفي نفسه سؤال الآخر. ولمن لا يعرف فإن علوم الفيزياء النظرية هي التي مهدت لتطبيقات علمية لاحصر لها مثل إطلاق مركبات الفضاء, واستكشاف المريخ, وصناعة أجهزة الكمبيوتر, والأقمار الصناعية. ويوضح وليد الحنفي أن العمل البحثي داخل مركز الفيزياء النظرية يتيح إشراك علماء من تخصصات مختلفة مثل علم الفلك والرياضيات والفيزياء النظرية لإنتاج بحوث تمثل قيمة مضافة للبحث العلمي وتسهم في فهمنا لمفردات الكون والطاقات التي لم نكتشفها بعد, وتفتح الباب لآلاف التطبيقات العلمية والتكنولوجية. وبإلقاء الضوء علي الحال في مصر, فلدينا3 مراكز للفيزياء النظرية, أقدمهما بالجامعة البريطانية وذو إنتاج بحثي مميز, ثم مركز آخر تابع لجامعة مودرن للتكنولوجيا, وثالث أنشئ حديثا وتابع لمدينة زويل. أي أن كل مراكز الفيزياء النظرية بتمويل خاص أو أهلي, ولا يوجد مركز بحثي واحد بجميع جامعاتنا الحكومية. فمتي تلتفت الدولة للفيزياء النظرية؟