يبدو ان مصر وألمانيا قررتا فتح صفحة جديدة في العلاقات في مجال التعاون الاثري والمتحفي بينهما بغض النظر عن الخلاف القائم منذ سنوات حول تمثال الملكة الجميلة نفرتيتي المعروض في المتحف الجديد في العاصمة الألمانية برلين ويعد أحد أهم القطع الاثرية المصرية الفرعونية في العالم. وباءت جهود المجلس الأعلي للآثار في مصر في السنوات الماضية في عهد الدكتور زاهي حواس بالفشل سواء في استعادة التمثال او مجرد إستعارته لعرضه في مصر لفترة مؤقتة وهو ما رفضته المانيا تماما سواء من جانب وزير الثقافة او من قبل اعضاء البوندستاج الالماني خوفا من ان تحتفظ به مصر نظرا للاتهامات المصرية لعالم الآثار الالماني بورشارت باللجوء للخداع لإخراج التمثال من مصر في اوائل القرن الماضي بوثيقة غير قانونية. وقد أدي ذلك الخلاف إلي توتر في العلاقات بين مؤسسة التراث البروسي التي تدير متاحف برلين وبين المجلس الأعلي للآثار في مصر آنذاك. ومن هنا توجهت الأنظار إلي الزيارة التي قام بها الدكتور محمد إبراهيم علي وزير الدولة لشئون الآثار ومعه محافظ المنيا الدكتور مصطفي عيسي لبرلين منذ ايام والتقي خلالها المسئولان المصريان بالدكتور هيرمان بارتسينجر رئيس مؤسسة التراث البروسي وايضا بوزيرة الدولة في الخارجية الالمانية كورنيليا بيبر. وتوقع بعض المهتمين الألمان هنا سواء في مجال الإعلام او المجال المتحفي ان تطالب مصر مجددا بإستعارة تمثال نفرتيتي علي الأقل, غير ان المسئولين في مؤسسة التراث البروسي هنا اكدوا ان ذلك لم يحدث وبدلا من ذلك تمت الزيارة في اجواء ودية بل تم الإتفاق خلالها علي تعاون مستقبلي وثيق بين المؤسسة الالمانية وقطاع الآثار في مصر. وفي تصريحات ل الأهرام أكد السفير المصري في المانيا الدكتور محمد حجازي نجاح الزيارة في دفع العلاقات بين مصر والمانيا علي الصعيد الثقافي خاصة ان السياحة الثقافية للآثار المصرية هي احد ابرز انواع الجذب للسائحين الالمان وقال السفير إن الزيارة شهدت مراسم توقيع خطاب نوايا بين وزير الدولة لشئون الاثار المصري ورئيس مؤسسة التراث البروسي التي تشرف علي60 متحفا وهيئة ثقافية وتراثية في ألمانيا, وذلك بهدف توسيع نطاق التعاون الثقافي والتراثي الثنائي بما في ذلك التعاون لاستكمال مشروع بناء المتحف' الاتوني' في المنيا. واشار السفير المصري إلي أن رئيس مؤسسة التراث البروسي رحب في كلمته اثناء مراسم التوقيع بالوفد المصري مؤكدا أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في مجال حفظ وترميم الاثار وهو تعاون قائم علي ثقة متبادلة منذ سنوات طويلة علي المستوي المهني. أما وزير الدولة المصري لشئون الآثار د. محمد ابراهيم فاشار في كلمته إلي أن إقامة المتحف الأتوني سيكون بمثابة تتويج للمستوي المتقدم الذي وصلت إليه العلاقات بين مصر وألمانيا في مجال الثقافة والآثار مؤكدا أن المتحف سيشكل مركزا ثقافيا وسياحيا ضخما يجذب أنظار العالم إلي محافظة المنيا ويسهم في الارتقاء بالمحافظة ودفع النمو وزيادة فرص العمل, مستعرضا علي الكمبيوتر الشكل النهائي الذي سيكون عليه المتحف. واضاف السفير المصري أن لقاء المسئولين مع وزيرة الدولة بالخارجية الألمانية بيبر تطرق إلي تطورات الأوضاع في مصر وان الوزيرة أكدت حرص بلادها علي نجاح مسيرة التحول الديمقراطي في مصر, فضلا عن أهمية تخصيص جزء أكبر من مخصصات مبادرة الشراكة من أجل التحول لصالح المشروعات والبرامج ذات الصلة بالتعليم والتدريب المهني للشباب. وقد توجهت الأهرام لمؤسسة التراث البروسي لمعرفة صدي زيارة الوفد المصري وما إذا كان هناك تطور جديد بشأن الجميلة نفرتيتي خاصة وانها زوجة إخناتون الذي سيخصص له متحف المنيا الجديد, وما إذا كانت هناك نية لإعارة التمثال لمصر لعرضه عند افتتاح متحف العمارنة في المنيا, غير ان إجابات المتحدثة باسم مؤسسة التراث البروسي جاءت كما كان متوقعا مقتضبة للغاية نظرا لحساسية الألمان تجاه اي إشارة مصرية لعرض التمثال في مصر, وقالت المتحدثة ل الأهرام أن الوفد المصري قام بجولة في المتحف الجديد وشاهد تمثال الملكة نفرتيتي والاهتمام الالماني به ولكن لم تكن هناك مطالب باستعادته وان الحديث إقتصر فقط علي التمثال واسلوب عرضه في متحف برلين. ولكن المتحدثة حرصت علي الإشارة إلي البيان الذي اصدره رئيس المؤسسة بارسينجر واكد فيه الدعم الألماني لمصر في إتمام وانهاء معبد إخناتون العمارنة في المنيا بالاشتراك مع مدينة هيلزهايم الألمانية ومتحف رومر بلزيوس القائم فيها, ايضا اكد بارسينجر انه في إطار التعاون المستقبلي بين مصر والمانيا سيتم زيادة التبادل بين الخبراء والمرممين في مجال التدريب. ورغم ان البيان الألماني لم يذكر مبالغ مالية إلا أن وسائل الإعلام الالمانية نقلت عن وزارة الدولة لشئون الآثار بالقاهرة أن الدعم الالماني سيشمل المرحلة الأخيرة للمتحف والتي تشمل العرض المتحفي وإنشاء قاعدة بيانات للمتحف ومعروضاته وتتكلف عشرة ملايين يورو, كما ذكرت ايضا أن الجانب الألماني أبدي استعداده للمشاركة في الدعم المالي لتطوير المتحف المصري في القاهرة. وقد اهتمت وسائل الإعلام الألمانية بالتعاون الجديد بين قطاع الآثار في مصر ومؤسسة التراث البروسي في برلين واعتبره المتخصصون الالمان هنا صفحة جديدة في علاقات التعاون بين الجانبين نحت جانبا ولو بشكل مؤقت الخلاف القديم حول نفرتيتي خاصة في ظل الرعاية الفائقة التي تحظي بها الملكة الجميلة في المانيا, حيث اصدرت السلطات الالمانية طابعا تذكاريا خاصا يحمل صورتها وتنظم حاليا معرضا بمناسبة مرور مائة عام علي اكتشافات تل العمارنة وفي مقدمتها رأس نفريتيي يضم400 تحفة فنية ويقف الزوار في طوابير لمشاهدته كما انه نظرا لقيمتها التاريخية فقد تم التأمين عليها لدي إحدي شركات التأمين العالمية بما قيمته نحو اربعمائة مليون يورو, لذلك رأت مجلة آرت الثقافية الالمانية انه من حسن حظ مصر والمانيا ان تمثال نفرتيتي لم يكن موجودا بالمتحف المصري في القاهرة عنما تعرض لسرقة بعض محتوياته اثناء الثورة, وان نفرتيتي اكثر امانا في برلين.