أنا سيدة من أسرة كبيرة لها اسمها ووضعها في المحافظة التي نسكن فيها ولي ثلاث شقيقات ولنا أخ يكبرنا جميعا,واخ اخر يليه وكان الأكبر هو سند والدي وذراعه اليمني في إدارة أملاكنا من أراض زراعية تضم عشرات الأفدنة. , وعدد من العقارات وورش لصيانة المعدات الزراعية, وأحسن والدي تربيتنا وتزوجت أنا وشقيقاتي الواحدة تلو الأخري بعد ان تزوج شقيقاي اللذان نشأنا علي احترامهما وتلبية طلباتهما, التي كنا نعتبرها أوامر لنا, وكنا نفهمها بمجرد النظر إليهما, ولم تفكر احدانا في ان تكون لأي منهما ندا, فلقد جرت العادة علي تمييز الذكور باعتبار انهم يقيمون بيوتا ويتحملون اسرا بينما نحن متزوجات في عائلات أخري ويحمل أبناؤنا اسماء آبائهم, وكنا نسمع ذلك ولم يخطر ببالنا ما كان شقيقانا يضمرانه تجاهنا فيما بعد, فقد توفي والدنا فجأة وهو في كامل صحته ورحل وتركنا في رعاية شقيقينا, وبمجرد ان طلبنا منهما تقسيم ميراث أبينا, تغيرت معاملتهما لنا, وراحا يماطلاننا.. مرة بأنه سيتم حصر التركة وإصدار إعلام وراثة.. ومرة بأنهما يديران هذه الأملاك ويوزعان علينا عائدها السنوي! ومرت الأيام علي هذا النحو وإزاء رد فعلهما تجاه طلبنا قاطعناهما ولجأنا إلي الأقارب لكن أحدا لم يجرؤ علي فتح هذا الموضوع معهما, وأخيرا استجمعت والدتنا كل قواها وطلبت من أخي الاكبر ان يعطينا حقوقنا فانتفض أمامنا بشكل استفزازي وخرج من المنزل ولم يعد مرة أخري, ومرضت والدتي بعد هذا المشهد الغريب وراحت تبكي ليلا ونهارا علي حال ابنها الأكبر وتصرفاته, فهي لم تطلب منه شيئا لنفسها وإنما كل ما تريده هو ان يعطينا حقوقنا. ولم يمر وقت طويل حتي لقيت وجه ربها وهكذا انطفأت شعلة البيت الذي لم ندخله منذ رحيلنا واصبح محرما علينا, فالمفاتيح معه ويعتبره جزءا من أملاكه, ومرضت اختي الكبري بالقلب ولديها سبعة أولاد وزوجها موظف بالحكومة ولايكفي دخلهم مصاريف الدراسة ومستلزمات المعيشة, واختي الصغري تحتاج الي جراحة عاجلة لإزالة ورم بالثدي ومتابعة العلاج ولاتجد كلتاهما من يأخذ بأيديهما في هذه الظروف الصعبة سوي رجل شهم كان صديقا لوالدنا فتكفل بكل تكاليف الجراحة والعلاج وقدم لهما بعض المال قائلا انه علي سبيل القرض الحسن تسددانه عندما تتحسن الظروف. وكثيرا ما سمعت أختي الكبري تقول حسبي الله ونعم الوكيل وترفع يديها الي السماء والدموع تملأ عينيها.. مواقف عديدة حدثت لنا هزتني من الأعماق وأنا أتأمل حال الدنيا..كيف لأسرة كبيرة بهذا الثراء ان تعيش علي حد الكفاف, وماذا سيفعل شقيقانا بكل هذه الأملاك ويبدو ان الله يمهل ولايهمل إذ حدث ما لم يكن في الحسبان حيث اصيب شقيقنا الأكبر بمتاعب صحية في الكبد وتدهورت صحته بسرعة كبيرة وتم احتجازه في مستشفي كبير, وابلغنا أحد الجيران بخطورة حالته فألححت علي شقيقاتي لزيارته فهو في النهاية شقيقنا فذهبنا إليه في المستشفي وجلسنا الي جواره, ودار حوار بسيط عن صحته فعاتبنا للبعد عنه في الفترة الماضية فوعدناه بتكرار الزيارة, وبالفعل عدنا إليه في الأسبوع التالي وعرفنا انه سوف يخضع لعملية جراحية خطيرة فانقبض قلبي واتساءل بيني وبين نفسي ماذا لو مات فجأة؟ كيف سيقابل المولي عز وجل؟.. ألايخشي من الحساب العسير يوم القيامة يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتي الله بقلب سليم؟.. ثم هل ستظل أموالنا التي استولي عليها في رقبته هو وشقيقي الآخر إلي يوم الدين؟! اننا لانعلم حتي الآن أين هي المستندات الخاصة بتركة أبينا؟ ولاكيف ستسير الأمور في ظل عناد شقيقي الأكبر وكل مانريده تسوية عادلة لمستحقاتنا, وأن يتم لم شمل العائلة, ولكن كيف السبيل الي ذلك؟ ولكاتبة هذه الرسالة أقول: من الأفكار المغلوطة في مجتمعاتنا الشرقية ان الاولاد يحتفظون باسم أبيهم وأنهم الأحق بان ينتقل اليهم الميراث كله دون الإناث, فنجد مثلا ان بعض الآباء يكتبون ممتلكاتهم لأولادهم الذكور بيعا وشراء حتي لايذهب ميراث البنات الي أزواجهن وتتفتت ملكية العائلة! فأي منطق هذا الذي يفكر به هؤلاء.. وكيف تطاوعهم قلوبهم وعقولهم علي ارتكاب هذا الإثم الكبير الذي سيحاسبهم عليه المولي عز وجل يوم القيامة علاوة علي حساب الدنيا؟! فأمثال هؤلاء يكونون مضغة علي الالسنة وهم لايشعرون واذا أصاب أحدهم مرض أو مكروه لايزوره الا المنتفعون منه ولايلتف حوله الا من جاء طالبا الثمن! ولذلك فإن شقيقك الأكبر وهو في محنة المرض يجب ان يعي هذا الانذار الإلهي فان الدنيا لا تساوي جناح بعوضة وانه لن يأخذ معه الأموال التي اقتنصها لنفسه ولأخيه من حقوقكن الي القبر, وان اولاده من بعده سوف يبعثرونها هنا وهناك وقد يصنعون نفس صنيعه فيأكل الاولاد حق البنات.. لأن من شابه أباه فما ظلم.. واقول له: اذا كان أبوك قد كتب لك جزءا من تركته, فكن شهما وأعد حق شقيقاتك إليهن فتدرأ بذلك الشبهات والحرام, واذا كان قد ترك الميراث كله لشرع الله فعليك توزيعه وفقا لفقه المواريث, باعتبار ان للذكر مثل حظ الانثيين.. فهذا هو وحده الطريق الذي يجنبك المعاصي ويفتح لك ابواب الاطمئنان والسعادة ويخفف عنك آلام المرض وحينما يحين الأجل تلقي الله وانت مستريح الضمير. ياسيدي ان الاموال لا تصنع السعادة وانما هي وسيلة لتوفير مستلزمات المعيشة فاذا تيسر للانسان المال الذي يغطي احتياجاته فماذا يريد اذن؟ اعد حساباتك وانت في محنة المرض وسوف تصل الي القرار الصحيح الذي سيجعلك تكسب أخواتك وتضمهن الي احضانك, فليس لهن سند في الحياة إلا أنت وشقيقك.. واعلم ان ما تزرعه اليوم سوف يحصده ابناؤك غدا.. وأسأل الله ان يلهمك طريق الصواب, وهو علي كل شيء قدير.