كثيرا ما تسألت في صغري عن القصة وراء جائزة نوبل التي تشغل بال العالم كل عام, ويحظي الفائز بها بشهرة واسعة النطاق ليدخل باب الخالدين في التاريخ, فروت لي جدتي قصة فيها بعض من الواقع وبعض من الخيال, فاستهلت جدتي حكيها بالحديث عن عائلة ألفريد نوبل صاحب الوصية الأشهر في العالم, فقالت إنه كان الابن الرابع لأسرة فقيرة مكونة من إيمانويل نوبل, وأندريت اهلسل نوبل اللذين تزوجا عام1827 وأنجبا ثمانية أبناء, وكانت ولادة ألفريد في ستوكهولم في21 أكتوبر.1833 وعندما أكمل بطلنا والرواية لجدتي-18 عاما ذهب إلي الولاياتالمتحدة لدراسة الكيمياء لمدة أربع سنوات, وعمل لفترة قصيرة مع جون إريكسون, في عام1850 قادت يد القدر ألفريد إلي باريس, وكان يتحدث حينها اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية بطلاقة, وشهد عام1857 ميلاد باكورة اختراعات البطل الشاب حيث حصل ألفريد علي أول براءة اختراع له عن عداد غاز, وفي عام1867 اخترع الفرد الديناميت, وحصل علي براءة اختراعه في الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة, وكان يستخدم علي نطاق عالمي واسع في مجال التعدين وبناء شبكات النقل, قبل استخدامه كسلاح مدمر في الحروب. وروت لي جدتي كيف أن ألفريد كرس طاقاته للبحث العلمي, إلي أن ساقه القدر إلي واقعة غريبة, فحين مات أخوه الصغير, جاء النعي في الجريدة خطأ فعوضا عن ذكر اسم أخيه ظهر في النعي اسم ألفريد باعتباره هو المتوفي. وتستطرد جدتي في روياتها قائلة إن ألفريد وجد فرصته ليتابع بنفسه ما يقوله الناس عنه وعن أبحاثه, لذا صمت ولم يصحح الخطأ الذي ورد في الجريدة. وكانت صدمته فيما قاله الناس عنه حيث بدأت المقالات تنهال وجاءت اغلب عناوينها نوبل مخترع الدمار! تأثر ألفريد نوبل بالمقالات وراجع حساباته, وتحول من استخدام الديناميت للحروب إلي استخدامها في السلام, وقرر تقديم جائزة عالمية لأفضل من يقدم عملا لخدمة البشرية, من هنا بدأت جائزة نوبل. كانت رواية جدتي تدروي في منتصف القرن ال19 وأوائل القرن ال20, ويبدو أن القرن ال21 أبي أن يمر مرور الكرام, بدون أن يسجل هو الآخر تكريس الأثرياء من العلماء حصة من أموالهم للخدمة البشرية جمعاء, حيث أعلن أباطرة صناعة تكنولوجيا المعلومات في العالم ومنهم سيرجي برين الشريك المؤسس لشركة جوجل, ومارك تسوكربيرج مؤسس فيس بوك إطلاق جائزة سنوية بقيمة15 مليون دولار لأهم الإنجازات في علوم الحياة. تحمل الجائزة اسم جائزة الاختراق في علوم الحياة وتهدف إلي تشجيع الإنجازات العلمية البارزة والتأكيد علي أن التفوق العلمي يمكن أن يحقق عائدات مادية لأصحابه لا تقل عما يحققه التفوق الرياضي. وتضم الجائزة خمسة فروع قيمة جائزة كل فرع3 ملايين دولار. وعن الجائزة قالت آني فوجيسكي مديرة الجائزة وزوجة سيرجي برين: نحن سعداء للغاية بدعم العلماء الذين يحققون أشياء عظيمة ويواجهون مخاطر كبيرة وحققوا تأثيرا هائلا في حياتنا. ولم يكن توجه الأثرياء من العلماء بعيدا عن نداء وجهته مؤسسة أوكسفام الخيرية البريطانية إلي أثرياء العالم بإنقاذ الفقراء شركائهم علي كوكب الأرض, حيث أكدت المؤسسة أن ثروات أغني100 ثري في العالم كفيلة بالقضاء علي الفقر بما يعادل أربعة أضعاف, مشيرة إلي أن دخول هؤلاء المائة بلغ240 مليار دولار أمريكي العام الماضي, وفي المقابل, يعيش كثير من الناس في فقر مدقع, حيث يبلغ معدل مداخيلهم دولارا وربع في اليوم. وفي دراسة أصدرتها المؤسسة الخيرية تحت عنوان كلفة غياب العدل, وكيف أن الغني المفرط يضرنا جميع, حملت أكثر الناس ثراء في العالم مسؤولية إعاقة الجهد لإيجاد حل لمشكلة الفقر في العالم. ناشدت أوكسفام زعماء العالم, أن يلتزموا بتخفيض معدلات الفقر الي المعدلات التي كانت سائدة في العام1990. وقالت باربرا ستوكنج, المدير التنفيذي لمؤسسة أوكسفام, إن الوصول الي اتفاق عالمي لتعديل مسار غياب العدل أصبح ضرورة ملحة, مشيرة إلي أن تركيز المصادر بأيدي1% من سكان العالم من شأنه أن يعيق النشاط الاقتصادي, ويجعل الحياة أكثر صعوبة للباقين من سكان العالم. ومضت ستوكنج قائلة: في عالم تقل فيه المصادر الاساس, لايسعنا أن نترك المصادر في إيدي القلة من الناس كالارض والمياه ونترك الباقين يتصارعون لنيل شيء مما تبقي.