يخطئ من يعتقد أنه لا توجد دولة بدون مشاكل وتحديات كبري تهدد أي تقدم اقتصادي تحققه. فعلي الرغم من الطفرة الاقتصادية التي حققتها أندونيسيا في السنوات الأخيرة, لاتزال مشكلة الإرهاب تؤرق جبين البلاد رغم المجهوات الشاقة التي تبذلها السلطات في مكافحة الجماعات الاسلامية المتطرفة. ويحذر محللون من أن أندونيسيا اليوم تواجه من وصفوهم بالإرهابيين الأغنياء في إشارة إلي تزايد التمويل الذي تحصل عليه الجماعات المتطرفة التي بدأت تعتمد علي التمويل الذاتي بعد أن سدت الحكومة الأندونيسية منفذ التمويل الخارجي للإرهاب بإقرارها منتصف فبراير الماضي قانونا يهدف لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب القادمة من الخارج. وتقول الشرطة الأندونيسية إنه من بين طرق التمويل الذاتي التي يعتمد عليها الإرهابيون, هي القيام بهجمات قرصنة الكترونية علي مواقع الشركات المالية فعلي سبيل المثال قام اثنان من المنتمين إلي إحدي الجماعات المتطرفة باختراق موقع لتبادل النقد الأجنبي وتمكنوا من الاستيلاء علي700 ألف دولار استخدموها في الهجوم علي احدي الكنائس البروتستانتية العام الماضي وأيضا في الانفاق علي معسكر للتدريب بوسط جزيرة سولاوسي. كما تشير الشرطة إلي أن اعمال السرقة والسطو المسلح التي تقوم بها العناصر الإرهابية في أنحاء البلاد من أهم مصادر تمويلهم مثل سرقة بنك في اغسطس2010 في شمال سومطرة والهجوم علي مركز للصرافة في بالي في مارس من العام الماضي. ويشار كذلك إلي أن' إمام سامودرا' مخطط الاعتداء الدموي علي جزيرة بالي السياحية عام2002 والذي راح ضحيته أكثر من200 شخص, اعترف قبل اعدامه بحصوله علي الأموال التي نفذ من خلالها الهجوم من سرقة محل مجوهرات. وتشير المصادر أيضا إلي أن الخلايا الإرهابية في أندونيسيا تحصل علي الأموال من خلال منظمات وجمعيات خيرية تعمل كغطاء لتمويل تلك الخلايا. والحقيقة أن الحكومة الأندونيسية تبذل جهودا ضخمة لوقف تمويل الإرهاب في البلاد وآخر تلك المجهودات هو اقرار قانون يسمح للسلطات بتجميد حسابات البنوك ومصادرة الاصوال ذات الصلة بالمنظمات الإرهابية, فضلا عن السماح للسلطات أن تطلب من الحكومات الأجنبية إغلاق حسابات البنوك الخاصة بأفراد أوهيئات مدرجة علي القائمة الدولية للجماعات الإرهابية. ولكن علي الرغم من ذلك إلا أن هناك تحذيرات من أن يتصاعد اعتماد الجماعات المتطرفة في أندونيسيا علي وسائل أخري لتمويلها مثل تجارة المخدرات كما هو الحال مع تنظيم القاعدة الذي تؤكد تقارير تورطه في بيع صفقات عالمية ضخمة من المخدرات لتمويل عملياته الإرهابية. والمشكلة الأكبر في أندونيسيا هي كثرة الجماعات المتطرفة الصغيرة فبخلاف' الجماعة الإسلامية' التي تمثل ذراع تنظيم القاعدة في جنوب شرق آسيا وجماعة' أنصار التوحيد' توجد العديد من المنظمات الإسلامية الصغيرة المسجلة والتي تعمل علي مرأي و مسمع من الحكومة وسط مخاوف من أن تتوسع أنشطة تلك الجماعات وأن تتسلح بخلاف العتاد العسكري بأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة. ولهذا نقول إنه علي الرغم من أن أندونيسيا جاءت في المرتبة الأولي في قائمة الدول الأكثر مكافحة للإرهاب منذ2001 إلا ان المشكلة الحقيقية تكمن في' التطرف' وفي الفكر' القاعدي' الذي غزا العالم منذ سنوات وأخذ ينهش في عقول الضعفاء ولا احد يعلم متي سيتخلص العالم من أسوأ كوابيسه ألا وهو' التطرف'.